الشارع المغاربي – انتفاضة‭ ‬الشعوب‭ ‬الافريقية‭ ‬وحتمية‭ ‬فتح‭ ‬ملف‭ ‬الشراكات‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي/بقلم:جمال الدين العويديدي-مختص في الاقتصاد والتنمية

انتفاضة‭ ‬الشعوب‭ ‬الافريقية‭ ‬وحتمية‭ ‬فتح‭ ‬ملف‭ ‬الشراكات‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي/بقلم:جمال الدين العويديدي-مختص في الاقتصاد والتنمية

قسم الأخبار

9 سبتمبر، 2023

الشارع المغاربي: تزامنت‭ ‬الأحداث‭ ‬الأخيرة‭ ‬المناهضة‭ “‬للاستعمار‭ ‬الفرنسي‭” ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬انقلابات‭ ‬متتالية‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الغرب‭-‬الإفريقي‭ ‬مع‭ ‬صدور‭ ‬كتاب‭ ‬أكاديمي‭ ‬بحثي‭ ‬قيّم‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬صريح‭ “‬أوروبا‭-‬إفريقيا‭: ‬حول‭ ‬الأصول‭ ‬الاستعمارية‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي‭” “‬Eurafrique‭: ‬Aux origines coloniales de l’Union européenne‭ * “. ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬الهام‭ ‬حول‭ ‬حقيقة‭ ‬العلاقات‭ ‬الأوروبية‭ ‬الافريقية‭ ‬خاصة‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬تناوله‭ ‬كلاّ‭ ‬من‭ “‬بيو‭ ‬هانسن‭” “‬Peo Hansen‭” ‬و‭”‬ستيفن‭ ‬جونسن‭” “‬Stefan Jonsson‭” ‬وهما‭ ‬تباعا‭ ‬أستاذ‭ ‬العلوم‭ ‬السياسية‭ ‬واستاذ‭ ‬الدراسات‭ ‬العرقية‭ ‬بمعهد‭ ‬البحوث‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الهجرة‭ ‬والعرق‭ ‬والمجتمع‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ “‬لينكوبينغ‭” “‬Linköping‭” ‬بالسويد‭. (‬Edition La Découverte‭*)‬

وقد‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬الكتاب‭ “‬أن‭ ‬أوروبا‭ ‬التي‭ ‬خرجت‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الأولى‭ ‬مُدمّرة‭ ‬ومُفقّرة‭ ‬ومُنقسمة‭ ‬وقد‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬أوج‭ ‬هيمنتها‭ ‬الامبريالية‭ ‬طيلة‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر،‭ ‬سارعت‭ ‬في‭ ‬القيام‭ ‬بمراجعات‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬بلورتها‭ ‬الأوساط‭ ‬الحاكمة‭ ‬والنخب‭ ‬الفكرية‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬العجوز‭ ‬وتمحورت‭ ‬حول‭ ‬مفهوم‭ ‬واعد‭ ‬سُمّي‭ “‬أوروبا‭-‬إفريقيا‭” “‬Eurafrique‭”. ‬تحت‭ ‬هذا‭ ‬المُسمّى‭ ‬تم‭ ‬التفكير‭ ‬لتحويل‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية‭ ‬كمُلهم‭ ‬الوحدة‭ ‬الأوروبية‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬طوق‭ ‬نجاتها‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬الاستغلال‭ ‬المشترك‭ ‬للثروات‭ ‬المتواجدة‭ ‬في‭ ‬مستعمراتها‭ ‬الإفريقية‭”. ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬يندرج‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬ضمان‭ ‬وتعزيز‭ ‬الموقع‭ ‬الدولي‭ ‬للقارة‭ ‬الأوروبية‭ ‬بين‭ ‬القطبين‭ ‬الصاعدين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الامريكية‭ ‬والاتحاد‭ ‬السوفييتي‭.‬

كما‭ ‬ذكر‭ ‬الكتاب‭ ‬أن‭ “‬مشروع‭ ‬أوروبا‭-‬إفريقيا‭” ‬الذي‭ ‬استهوى‭ ‬الأنظمة‭ ‬الأوروبية‭ ‬الاستعمارية،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬الأنظمة‭ ‬الفاشية‭ ‬بين‭ ‬الحربين‭ ‬العالميتين،‭ ‬طفح‭ ‬على‭ ‬السطح‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬وبقوة‭ ‬بعد‭ ‬سنة‭ ‬1945‭ ‬مع‭ ‬انتهاء‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭. ‬وقد‭ ‬حفّز‭ ‬نخبة‭ ‬أوروبية‭ ‬ممن‭ ‬اعتُبروا‭ ‬من‭ ‬مُؤسّسي‭ “‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭” ‬من‭ ‬بينهم‭ “‬جون‭ ‬مُوني‭” “‬Jean Monnet‭” ‬و‭”‬روبير‭ ‬شومان‭”         “‬Robert Schuman‭” ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬و‭”‬بول‭ ‬هنري‭ ‬سباك‭” “‬Paul Henri Spaak‭” ‬في‭ ‬بلجيكا‭ ‬الذي‭ ‬ترأس‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬بعد‭ ‬تأسيسه‭ ‬سنة‭ ‬1949،‭ ‬و‭”‬كونراد‭ ‬أدنهاور‭” “‬Konrad Adenauer‭” ‬في‭ ‬ألمانيا‭ ‬الذي‭ ‬شغل‭ ‬منصب‭ ” ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬المستعمرات‭ ‬الألمانية‭” ‬في‭ ‬الثلاثينات‭ ‬والذي‭ ‬أصبح‭ ‬رئيسا‭ ‬لألمانيا‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭. ‬مع‭ ‬التذكير‭ ‬أنه‭ ‬تكونت‭ ‬جمعية‭ ‬تحمل‭ ‬اسمه‭ ‬وتنشط‭ ‬في‭ ‬كامل‭ ‬البلدان‭ ‬الإفريقية‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬تونس‭ (‬تحصلت‭ ‬على‭ ‬ترخيص‭ ‬صدر‭ ‬بالرائد‭ ‬الرسمي‭ ‬التونسي‭ ‬سنة‭ ‬1980‭,,,) ‬والتي‭ ‬اشتهرت‭ ‬بعد‭ ‬الثورة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬بتمويل‭ ‬عدة‭ ‬جمعيات‭ ‬تونسية‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬المصالح‭ ‬الأوروبية‭ ‬وتنشيط‭ ‬عدة‭ ‬ندوات‭ ‬تسوق‭ ‬إلى‭ ‬التوقيع‭ ‬على‭ ‬مشروع‭ ‬اتفاق‭ ‬التبادل‭ ‬الحر‭ ‬الشامل‭ ‬والمعمق‭ ‬الذي‭ ‬عُرف‭ ‬باسم‭ “‬الأليكا‭” “‬ALECA‭” ‬والذي‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬إقحام‭ ‬قطاع‭ ‬الفلاحة‭ ‬والخدمات‭ ‬في‭ ‬المبادلات‭ ‬الحرة‭ ‬في‭ ‬خطوة‭ ‬غير‭ ‬متكافئة‭ ‬ومضرة‭ ‬بالاقتصاد‭ ‬الوطني‭.‬

‭ ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬الكتاب‭ ‬أن‭ “‬فرنسا‭ ‬باعتبارها‭ ‬أهم‭ ‬قوة‭ ‬أوروبية‭ ‬استعمارية‭”‬،‭ ‬لعبت‭ ‬دورا‭ ‬أساسيا‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬بلورة‭ ‬مشروع‭ ” ‬أوروبا‭-‬إفريقيا‭”‬‭ ‬خاصة‭ ‬وأنها‭ ‬تعرضت‭ ‬إلى‭ ‬هزيمة‭ ‬نكراء‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الهند‭ ‬الصينية‭ ‬إثر‭ ‬معركة‭ “‬ديان‭ ‬بيان‭ ‬فو‭” ‬في‭ ‬فيتنام‭ ‬سنة‭ ‬1954‭ ‬وفي‭ ‬حرب‭ ‬التحرير‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭. ‬نتيجة‭ ‬لذلك‭ ‬تشبثت‭ ‬فرنسا‭ ‬بمستعمراتها‭ ‬الإفريقية‭ ‬وبمناطق‭ ‬تأثيرها‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬القارة‭ ‬وجنوبها‭ ‬وجعلت‭ ‬من‭ ‬إدماجها‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬الأوروبية‭ ‬المشتركة‭ ‬شرطا‭ ‬أساسيا‭ ‬لمشاركتها‭ ‬في‭ ‬البناء‭ ‬الأوروبي‭.  ‬

هذا‭ ‬الملف‭ ‬المهم‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬طمسه‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬الأوروبية‭ ‬وعدم‭ ‬أخذه‭ ‬بالعناية‭ ‬وبالدراسات‭ ‬المُعمّقة‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الجامعات‭ ‬التونسية‭ ‬والعربية‭ ‬تمّ‭ ‬تحليله‭ ‬بإطناب‭ ‬ودقة‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬المؤلفين‭ ‬خاصة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المفاوضات‭ ‬التي‭ ‬أفضت‭ ‬إلى‭ ‬التوقيع‭ ‬على‭ ‬معاهدة‭ ‬روما‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬1957‭ ‬التي‭ ‬أسست‭ “‬المجموعة‭ ‬الأوروبية‭”. ‬كما‭ ‬كشفت‭ ‬طبيعة‭ ‬الأصول‭ ‬الاستعمارية‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إقحامها‭ ‬للبلدان‭ ‬الإفريقية‭ ‬داخل‭ ‬المجموعة‭ ‬الأوروبية‭ ‬مثل‭ ‬الجزائر‭ ‬قبل‭ ‬الاستقلال‭ ‬وبقية‭ ‬بلدان‭ ‬ما‭ ‬وراء‭ ‬البحار‭ ‬التابعة‭ ‬لها‭.  ‬

آليات‭ “‬الهيمنة‭ ‬الاستعمارية‭” ‬وتداعياتها‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬إفريقيا‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء

احتدت‭ ‬المعارك‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية‭ ‬إثر‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬وانطلاق‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬بدافع‭ ‬إيديولوجي‭ ‬بين‭ ‬الرأسمالية‭ ‬والاشتراكية‭ ‬بين‭ ‬الغربي‭ ‬الأطلسي‭ ‬والشرقي‭ ‬السوفييتي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬السيطرة‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬بما‭ ‬أصبح‭ ‬عليه‭ ‬العدد‭ ‬الكبير‭ ‬لبلدان‭ ‬حديثة‭ ‬العهد‭ ‬بالاستقلال‭ ‬متواجدة‭ ‬بالمحافل‭ ‬الدولية‭ (‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ومجلس‭ ‬الامن‭ ‬الدولي‭ ‬والمؤسسات‭ ‬المالية‭ ‬الدولية‭). ‬وبدافع‭ ‬السيطرة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لما‭ ‬تمثله‭ ‬من‭ ‬ثروات‭ ‬طبيعية‭ ‬هامة‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬الفلاحية‭ ‬والمنجمية‭ ‬المتوفرة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭.   ‬فكانت‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬حربا‭ ‬غربية‭-‬شرقية‭ ‬بالتوازي‭ ‬مع‭ ‬تطاحن‭ ‬داخل‭ ‬البلدان‭ ‬الغربية‭ ‬فيما‭ ‬بينها‭ ‬لعبت‭ ‬فيها‭ ‬فرنسا‭ ‬وبريطانيا‭ ‬الدور‭ ‬الريادي‭ ‬بحكم‭ ‬علاقاتهما‭ ‬السابقة‭ ‬بهذه‭ ‬المنطقة‭. ‬

تعتمد‭ ‬آليات‭ ‬الهيمنة‭ ‬الاستعمارية‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬النزعة‭ ‬التحررية‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬تنتشر‭ ‬إثر‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬عبر‭ ‬التدخل‭ ‬العسكري‭ ‬والاغتيالات‭ ‬بدعوى‭ ‬مقاومة‭ ‬الشيوعية‭. ‬بالتوازي‭ ‬مع‭ ‬تشجيع‭ ‬وترشيح‭ ‬شخصيات‭ ‬ميدانية‭ ‬إفريقية‭ ‬تُمكنها‭ ‬من‭ ‬السلطة‭ ‬وما‭ ‬تدره‭ ‬من‭ ‬منافع‭ ‬مقابل‭ ‬إعلان‭ ‬الولاء‭ ‬التام‭ ‬لها‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬حفظ‭ ‬مصالحها‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬فرنسا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬ساحل‭ ‬العاج‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ “‬هفوات‭ ‬بواني‭”. ‬وفي‭ ‬السنيغال‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬ليوبولد‭ ‬سدار‭ ‬سنغور‭ ‬ومع‭ ‬الرئيس‭ “‬عمر‭ ‬بونغو‭” ‬في‭ ‬الغابون‭ ‬الذي‭ ‬عمّر‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أربعين‭ ‬سنة‭ ‬ثم‭ ‬تم‭ ‬توريث‭ ‬ابنه‭ “‬علي‭ ‬بونغو‭” ‬الذي‭ ‬أُطيح‭ ‬به‭ ‬مؤخر‭. ‬وكذلك‭ ‬الشأن‭ ‬في‭ ‬التشاد‭ ‬مع‭ ‬إدريس‭ ‬دبّي‭. ‬كما‭ ‬يتم‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬الإطاحة‭ ‬بكل‭ ‬طرف‭ ‬يحظى‭ ‬بشعبية‭ ‬كبيرة‭ ‬ويرفع‭ ‬شعار‭ ‬التحرر‭ ‬أمثال‭ “‬باتريس‭ ‬لومانبا‭” ‬في‭ ‬الكونغو‭ ‬و‭”‬توماس‭ ‬سانكرا‭” ‬في‭ ‬بوركينا‭ ‬فاسو‭ ‬ومعمر‭ ‬القذافي‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬بسعيه‭ ‬إلى‭ ‬بعث‭ ‬عملة‭ ‬مشتركة‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية‭.  ‬

لقد‭ ‬سعت‭ ‬فرنسا‭ ‬إلى‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬مفهوم‭ “‬أوروبا‭-‬إفريقيا‭” ‬إلى‭ ‬مفهوم‭ ‬ضيق‭ ‬سمي‭ “‬فرنسا‭-‬إفريقيا‭”‬France-Afrique‭” ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬تعزيزه‭ ‬بمؤسسات‭ ‬وإمكانيات‭ ‬بشرية‭ ‬ومادية‭ ‬عسكرية‭ ‬منها‭ ‬واستخباراتية‭ ‬هامة‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهدافها‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية‭.   ‬

كما‭ ‬اختارت‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬علاقة‭ ‬قيصرية‭ ‬بين‭ ‬الفرنك‭ ‬الفرنسي‭ (‬FF‭) ‬والفرنك‭ ‬الإفريقي‭ (‬CFA‭) ‬أو‭ ‬ما‭ ‬أسمته‭ ‬بمنطقة‭ ‬الفرنك‭ (‬La zone franc‭). ‬لقد‭ ‬تم‭ ‬بعث‭ ‬الفرنك‭ ‬الإفريقي‭ ‬بتاريخ‭ ‬26‭ ‬ديسمبر‭ ‬1945‭ ‬إثر‭ ‬مصادقة‭ ‬فرنسا‭ ‬على‭ ‬اتفاقات‭ “‬برتين‭ ‬وودس‭” ” ‬Bretton Woods‭” ‬وصرحت‭ ‬بالتسمية‭ ‬الرسمية‭ ‬لهذه‭ ‬العملة‭ “‬Franc des Colonies Françaises d’Afrique‭ ” (‬Franc CFA‭). ‬ثم‭ ‬غيرت‭ ‬الاسم‭ ‬بعد‭ ‬استقلال‭ ‬هذه‭ ‬البلدان‭ ‬مع‭ ‬الإبقاء‭ ‬على‭ ‬نفس‭ ‬الحروف‭ “”‬Franc de la Communauté Financière Africaine‭” ‬بالنسبة‭ ‬لمنطقة‭ ‬الاتحاد‭ ‬المالي‭ ‬لبلدان‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬و‭””‬Franc de la Coopération‭     ‬Financière en Afrique Centrale‭” ” ‬بالنسبة‭ ‬لمنطقة‭ ‬الاتحاد‭ ‬المالي‭ ‬لبلدان‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى‭. ‬

وقد‭ ‬أدى‭ ‬هذا‭ ‬التدخل‭ ‬إلى‭ ‬سحب‭ ‬السلطة‭ ‬النقدية‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬الأربعة‭ ‬عشر‭ ‬المعنية‭. ‬ووصل‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أصبحت‭ ‬هذه‭ ‬البلدان‭ ‬تقوم‭ ‬سنويا‭ ‬منذ‭ ‬عشرات‭ ‬السنين‭ ‬بإيداع‭ %‬50‭ ‬من‭ ‬رصيدها‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الأجنبية‭ ‬من‭ ‬التجارة‭ ‬الخارجية‭ ‬لدى‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬الفرنسي‭ ‬بدعوى‭ ‬ضمان‭ ‬قيمة‭ ‬الفرنك‭ ‬الإفريقي‭ ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬طبعه‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬وتحت‭ ‬إشرافها‭.  ‬استصدار‭ ‬العملات‭ ‬المحلية‭ ‬شكل‭ ‬حاجزا‭ ‬للتنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لهذه‭ ‬البلدان‭. ‬حيث‭ ‬نسبة‭ ‬القروض‭ ‬للاقتصاد‭ ‬المحلي‭ ‬قياسا‭ ‬بالناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬لا‭ ‬يمثل‭ ‬إلا‭ %‬23‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الفرنك‭ ‬الإفريقي‭ ‬حاليا‭ ‬بينما‭ ‬مقارنة‭ ‬يمثل‭ %‬100‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬اليورو؟

هذا‭ ‬طبعا‭ ‬زيادة‭ ‬على‭ ‬السيطرة‭ ‬المطلقة‭ ‬على‭ ‬الثروات‭ ‬الهائلة‭ ‬التي‭ ‬تُستغل‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الشركات‭ ‬الكبرى‭ ‬الأوروبية‭ ‬والفرنسية‭ ‬من‭ ‬طاقة‭ ‬ومناجم‭ ‬وموارد‭ ‬فلاحية‭ )‬ذهب،‭ ‬أورانيوم،‭ ‬منغنيز،‭ ‬حديد،‭ ‬خشب،‭ ‬كاكاو،‭ ‬قطن‭ ‬وغيرها‭.( ‬هذه‭ ‬المنتوجات‭ ‬يتم‭ ‬تصديرها‭ ‬خاما‭ ‬وبأثمان‭ ‬بخسة‭ ‬لتحويلها‭ ‬وتثمينها‭ ‬صناعيا‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬الأوروبية‭ ‬ثم‭ ‬تسوق‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬بقيمة‭ ‬إضافية‭ ‬عالية‭.  ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعبر‭ ‬عنه‭ ‬بالتبادل‭ ‬غير‭ ‬المتكافئ‭ (‬L’échange inégal‭) ‬الذي‭ ‬يُكرّس‭ ‬تعميق‭ ‬التفاوت‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬وانتشار‭ ‬الفقر‭ ‬والخصاصة‭ ‬والبطالة‭ ‬وانسداد‭ ‬الأفق‭ ‬للشباب‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬الإفريقية‭. ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬الهجرة‭ ‬السرية‭ ‬شأنهم‭ ‬شأن‭ ‬الشباب‭ ‬التونسي‭ ‬أين‭ ‬تلتقي‭ ‬شعوبنا‭ ‬وخاصة‭ ‬شبابنا‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الخندق‭ ‬الذي‭ ‬نعيشه‭ ‬اليوم

تلخيص‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية‭ ‬مؤسف‭ ‬وصادم‭ ‬حيث‭ ‬تُصنف‭ ‬من‭ ‬أفقر‭ ‬بلدان‭ ‬العالم‭ ‬والحال‭ ‬أنها‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬تُعتبر‭ ‬من‭ ‬أغنى‭ ‬البلدان‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬احتياطاتها‭ ‬المنجمية‭ ‬والنفطية‭ ‬والزراعية‭ ‬مثل‭ ‬مالي‭ ‬والنيجر‭ ‬والغابون‭ ‬التي‭ ‬تسخر‭ ‬بمناجم‭ ‬الذهب‭ ‬واليورانيوم‭ ‬والبترول‭ ‬والغاز‭. ‬مواد‭ ‬أساسية‭ ‬يتم‭ ‬استغلالها‭ ‬استغلالا‭ ‬فاحشا‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الشركات‭ ‬الأوروبية‭ ‬أمثال‭ ‬الشركة‭ ‬الفرنسية‭ ‬العالمية‭ “‬أريفا‭” “‬AREVA‭” ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬اليورانيوم‭ ‬والشركات‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬تتعامل‭ ‬معها‭ ‬مثل‭ “‬ألستوم‭” “‬Alstom‭” ‬و‭”‬سويس‭” “‬Suez‭” ‬و‭”‬بويغ‭” “‬Bouygues‭” ‬وشركات‭ “‬طوطال‭ ‬إينرجي‭” “‬وآلف‭” ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬البترول‭.   ‬

في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬ثلث‭ ‬الشعب‭ ‬المالي‭ ‬والنيجيري‭ ‬وغيرهما‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬الجوع‭ ‬ومن‭ ‬عدم‭ ‬وفرة‭ ‬الماء‭ ‬الصالح‭ ‬للشراب‭. ‬عشرة‭ ‬آلاف‭ ‬طفل‭ ‬يموتون‭ ‬سنويا‭ ‬نتيجة‭ ‬فقدان‭ ‬الماء‭ ‬الصالح‭ ‬للشراب‭ ‬حسب‭ ‬مصادر‭ ‬دولية‭. ‬كذلك‭ %‬30‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬لا‭ ‬يلتحون‭ ‬بالمدارس‭ ‬سنويا‭ ‬نتيجة‭ ‬الفقر‭ ‬والاحتياج‭.  ‬معدل‭ ‬سن‭ ‬العيش‭ ‬لا‭ ‬يتعدى‭ ‬49‭ ‬سنة‭ ‬في‭ ‬المنطقة؟؟؟‭  ‬

كيف‭ ‬يمكن‭ ‬تقييم‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬خضم‭ “‬الأصول‭ ‬الاستعمارية‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي‭” ‬وتواجده‭ ‬المكثف؟

نذكر‭ ‬أن‭ ‬الوثيقة‭ ‬التأسيسية‭ ‬للمجموعة‭ ‬الأوروبية‭ ‬التي‭ ‬انبثقت‭ ‬عن‭ ‬معاهدة‭ ‬روما‭ ‬بتاريخ‭ ‬25‭ ‬مارس‭ ‬1957‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الست‭ ‬دول‭ ‬المعنية‭ )‬بلجيكا‭ ‬وفرنسا‭ ‬وإيطاليا‭ ‬واللكسمبرغ‭ ‬وهولندا‭ ‬وألمانيا‭ ‬الغربية‭( ‬قررت‭ ‬بطلب‭ ‬فرنسي‭ ‬ملح‭ ‬إدماج‭ ‬كلا‭ ‬من‭ ‬الجزائر،‭ ‬والحال‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬تخوض‭ ‬حرب‭ ‬تحرير‭ ‬ضروس،‭ ‬وكذلك‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالمناطق‭ ‬الفرنسية‭ ‬ما‭ ‬وراء‭ ‬البحار‭ ‬وهي‭ ‬أربع‭ ‬جزر،‭ ‬بصفتها‭ ‬أعضاء‭ ‬كاملة‭ ‬العضوية‭ ‬في‭ ‬المجموعة‭ ‬الأوروبية‭. ‬كما‭ ‬نصت‭ ‬الوثيقة‭ ‬على‭ ‬ترك‭ ‬المجال‭ ‬مفتوحا‭ ‬لإدماج‭ “‬منطقة‭ ‬الفرنك‭” ‬الفرنسي‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬شراكات‭. ‬وقامت‭ ‬فرنسا‭ ‬بإدماج‭ ‬حضوري‭ ‬لعشرين‭ ‬مستعمرة‭ ‬إفريقية‭ ‬بالأساس‭ ‬بعنوان‭ ‬الشراكات‭ ‬مع‭ ‬المجموعة‭ ‬الأوروبية‭. ‬وأضيف‭ ‬إليهم‭ ‬ثلاث‭ ‬مستعمرات‭ ‬بلجيكية‭ ‬وهي‭ ‬الكنغو‭ ‬البلجيكي‭ ‬ورواندا‭ ‬وبورندي‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الصوماليلاند‭ ‬التابع‭ ‬للاستعمار‭ ‬الإيطالي‭ ‬وغينيا‭ ‬الجديدة‭ ‬التابعة‭ ‬للاستعمار‭ ‬الهولندي‭.‬

أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬لتونس‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬الأخرى‭)‬المغرب‭ ‬وتونس‭ ‬ولبنان‭ ‬وسوريا‭ ‬وغيرها‭ ‬بصفتها‭ ‬مستعمرات‭ ‬سابقة‭( ‬فقد‭ ‬تُرك‭ ‬المجال‭ ‬مفتوح‭ ‬للتربص‭ ‬بإدماجها‭ ‬في‭ ‬شراكات‭ ‬مع‭ ‬المجموعة‭ ‬الأوروبية‭ ‬حين‭ ‬تتوفر‭ ‬الفرص‭. ‬حيث‭ ‬انطلقت‭ ‬الاتصالات‭ ‬للتسويق‭ ‬لهذه‭ ‬الشراكات‭ ‬منذ‭ ‬التوقيع‭ ‬على‭ ‬معاهدة‭ ‬روما‭. ‬

حول‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬التنويه‭ ‬بالقرارات‭ ‬الاستباقية‭ ‬التي‭ ‬اتخذتها‭ ‬حكومة‭ ‬الاستقلال‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬للصد‭ ‬دون‭ ‬هذا‭ ‬الالتفاف‭ ‬الاستعماري‭ ‬الجديد‭. ‬حيث‭ ‬سارعت‭ ‬الدولة‭ ‬التونسية‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬1958‭ ‬بصك‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي‭ ‬بصفته‭ ‬عملة‭ ‬وطنية‭ ‬والقطع‭ ‬مع‭ ‬الفرنك‭ ‬الفرنسي‭. ‬كما‭ ‬قامت‭ ‬بتأسيس‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬التونسي‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬السنة‭. ‬

السياسة‭ ‬التي‭ ‬اعتمدتها‭ ‬فرنسا‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬سعت‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬لوضع‭ ‬حد‭ ‬لتجربة‭ ‬الآفاق‭ ‬العشرية‭ ‬التي‭ ‬انطلقت‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الستينات‭ ‬والتي‭ ‬قامت‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬مخططات‭ ‬تنموية‭ ‬هامة‭ ‬لتثمين‭ ‬الثروات‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬الصناعة‭ ‬والفلاحة‭ ‬والخدمات‭ ‬مع‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬اجتناب‭ ‬المديونية‭ ‬المُفرطة‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تونسة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬والتركيز‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬المرافق‭ ‬العمومية‭ ‬مثل‭ ‬التعليم‭ ‬والصحة‭ ‬والنقل‭.‬

لتحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‭ ‬تم‭ ‬فرنسا‭ ‬بالذات‭ ‬على‭ ‬شيطنة‭ ‬النخبة‭ ‬الحاكمة‭ ‬آنذاك‭ ‬التي‭ ‬يتزعمها‭ ‬الفقيد‭ ‬أحمد‭ ‬بن‭ ‬صالح‭ ‬بتهمة‭ ‬أنها‭ ‬سياسة‭ ‬اشتراكية‭. ‬هذه‭ ‬الشيطنة‭ ‬وجدت‭ ‬لها‭ ‬صدى‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬الإطاحة‭ ‬بأحمد‭ ‬بن‭ ‬صالح‭. ‬وللتاريخ‭ ‬فقد‭ ‬صرح‭ ‬أحمد‭ ‬بن‭ ‬صالح‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬مناسبات‭ “‬أن‭ ‬من‭ ‬أطاح‭ ‬به‭ ‬هو‭ ‬الاستعمار‭ ‬وليس‭ ‬الرئيس‭ ‬بورقيبة‭”.  ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬نلاحظ‭ ‬أن‭ ‬قرار‭ ‬الإطاحة‭ ‬بأحمد‭ ‬بن‭ ‬صالح‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬1969‭ ‬جاء‭ ‬إثر‭ ‬التوقيع‭ ‬على‭ ‬أول‭ ‬اتفاقية‭ ‬شراكة‭ ‬مع‭ ‬المجموعة‭ ‬الأوروبية‭ ‬بتاريخ‭ ‬28‭ ‬مارس‭ ‬1969‭.‬

تزامنت‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬تنفيذ‭ ‬سياسة‭ ‬الانفتاح‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تسوق‭ ‬للرأس‭ ‬مالية‭ ‬ولحرية‭ ‬السوق‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬حد‭ ‬لكل‭ ‬مد‭ ‬وطني‭. ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬تطبيق‭ ‬هذه‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬مع‭ ‬وصول‭ ‬السادات‭ ‬للسلطة‭ ‬وفي‭ ‬عديد‭ ‬البلدان‭ ‬الأخرى‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬تونس‭. ‬

حيث‭ ‬ركز‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬على‭ ‬قرب‭ ‬المسافة‭ ‬بين‭ ‬بلدان‭ ‬الجنوب‭ ‬الأوروبي‭)‬فرنسا‭ ‬وإيطاليا‭ ‬زيادة‭ ‬على‭ ‬ألمانيا‭ ‬وبلجيكا‭( ‬وبلدان‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬ليجعل‭ ‬منها‭ ‬منطقة‭ ‬حرة‭ ‬غير‭ ‬خاضعة‭ ‬للضرائب‭ ‬لانتصاب‭ ‬مؤسساتها‭ ‬الصغرى‭ ‬والمتوسطة‭ ‬بالأساس‭ ‬للمناولة‭ ‬بأجور‭ ‬منخفضة‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تجسم‭ ‬بقانون‭ ‬سنة‭ ‬1972‭ ‬بدعوى‭ ‬أنه‭ ‬نشاط‭ ‬يوفر‭ ‬مواطن‭ ‬شغل‭. ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوفر‭ ‬قيمة‭ ‬مضافة‭ ‬وثروة‭ ‬ولا‭ ‬يعزز‭ ‬رصيد‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الاجنبية‭ ‬مثلما‭ ‬يسوق‭ ‬له‭ ‬باطلا‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭. ‬

لقد‭ ‬بينت‭ ‬الدراسة‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬الباحثة‭ ‬الألمانية‭ “‬كريستين‭ ‬كوش‭” “‬Kristina Kausch‭” ‬حول‭ ‬السياسة‭ ‬التدريجية‭ ‬التي‭ ‬اعتمدها‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬لتطويع‭ ‬البلدان‭ ‬عبر‭ ‬آليات‭ ‬عديدة‭ ‬ذكرت‭ ‬من‭ ‬أهمها‭:‬

‭- ‬استقطاب‭ ‬اليد‭ ‬العاملة‭ ‬من‭ ‬بلدان‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬خاصة‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬الستينات‭ ‬لإعادة‭ ‬الإعمار‭ ‬والبناء‭ )‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬وألمانيا‭ ‬بالخصوص‭( ‬وانتصاب‭ ‬شركات‭ ‬المناولة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬والمغرب‭ ‬مثلا‭ ‬التي‭ ‬توفر‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬رغم‭ ‬محدودية‭ ‬أجورها‭. ‬وهو‭ ‬سكين‭ ‬ذو‭ ‬حدين‭ ‬حيث‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬يوفر‭ ‬عائدات‭ ‬بالعملة‭ ‬الأجنبية‭ ‬ولكنها‭ ‬تعتبر‭ ‬وسيلة‭ ‬ضغط‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوربي‭ ‬تستعمل‭ ‬متى‭ ‬شاء‭ ‬عبر‭ ‬قرار‭ ‬تحديد‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬إيقاف‭ ‬التحويلات‭ ‬بدواعي‭ ‬شتى‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الشركات‭ ‬غير‭ ‬المقيمة‭ ‬لا‭ ‬تضمن‭ ‬الاستقرار‭. ‬

‭- ‬دفع‭ ‬السلطة‭ ‬المحلية‭ ‬للتعويل‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬السياحي‭ ‬وإيلائه‭ ‬دورا‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬حجمه‭ ‬رغم‭ ‬هشاشته‭ ‬ورغم‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الضخمة‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تسخيرها‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬القطاعات‭ ‬المنتجة‭ ‬وبديون‭ ‬خارجية‭ ‬عالية‭ ‬ومردودية‭ ‬ضعيفة‭ ‬جلها‭ ‬يتم‭ ‬تهريبها‭ ‬للخارج‭.‬

‭- ‬تكوين‭ ‬نخب‭ ‬داخلية‭ ‬موالية‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬ومناصرة‭ ‬له‭ ‬عبر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الوسائل‭ ‬خاصة‭ ‬منها‭ ‬الجامعات‭ ‬وتمويل‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬غالبيتها‭ ‬ناطقة‭ ‬بالفرنسية‭. ‬

‭- ‬تجنيد‭ ‬الجاليات‭ ‬من‭ ‬الأجيال‭ ‬الثانية‭ ‬والثالثة‭ ‬التي‭ ‬نشأت‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬الأوروبية‭ ‬والتي‭ ‬أصبحت‭ ‬غالبا‭ ‬مزدوجة‭ ‬الجنسية‭.             ‬

‭- ‬تجنيد‭ ‬الجمعيات‭ ‬المدنية‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬فروعا‭ ‬لجمعيات‭ ‬أوروبية‭ ‬وأمريكية‭ ‬انتشرت‭ ‬في‭ ‬كامل‭ ‬البلاد‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬الثورة‭. ‬

‭- ‬التغلغل‭ ‬داخل‭ ‬الإدارة‭ ‬الوطنية‭ ‬مركزيا‭ ‬وجهويا‭ ‬ومحليا‭ ‬وفي‭ ‬البلديات‭ ‬والجمعيات‭ ‬المدنية‭ ‬ولنا‭ ‬في‭ ‬وكالة‭ ‬التعاون‭ ‬الألمانية‭ “‬ج‭.‬إي‭.‬زاد‭” “‬G‭.‬I.Z‭” ‬أفظع‭ ‬مثال‭ ‬حيث‭ ‬أصبحت‭ ‬بدون‭ ‬مبالغة‭ ‬المسير‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬البلاد‭. ‬

‭- ‬تدخل‭ ‬السفراء‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬السيادي‭ ‬داخل‭ ‬البلاد‭ ‬والحرص‭ ‬على‭ ‬تعيين‭ ‬مناصرين‭ ‬لهم‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬المستويات‭. ‬

حسب‭ ‬الباحثة‭ ‬الألمانية‭ “‬هذا‭ ‬المخطط‭ ‬المُحكم‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬تونس‭ ‬دولة‭ ‬تدور‭ ‬في‭ ‬فلك‭ ‬البلدان‭ ‬الأوروبية‭ ‬مسلوبة‭ ‬السيادة‭ ‬والاستقلال‭ ‬لا‭ ‬يمكنها‭ ‬القيام‭ ‬بأي‭ ‬إصلاح‭ ‬يتضارب‭ ‬مع‭ ‬مصالح‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭. ‬الشيء‭ ‬الذي‭ ‬أتاح‭ ‬له‭ ‬عملية‭ ‬السطو‭ ‬على‭ ‬مقدرات‭ ‬البلاد‭ ‬وثرواتها‭ ‬ومؤسساتها‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬القطاع‭ ‬المصرفي‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬رمزا‭ ‬للسيادة‭ ‬النقدية‭ ‬الوطنية‭ ‬وباني‭ ‬المسيرة‭ ‬التنموية‭ ‬في‭ ‬البلاد‭.‬

‭ ‬كما‭ ‬تمكن‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬من‭ ‬التغطية‭ ‬على‭ ‬اختلال‭ ‬التوازنات‭ ‬في‭ ‬المبادلات‭ ‬التجارية‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬بطريقة‭ ‬لا‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬نفاق‭ ‬وتدليس‭ ‬تم‭ ‬تمريره‭ ‬منذ‭ ‬عدة‭ ‬عقود‭ ‬عبر‭ ‬تواطئ‭ ‬غريب‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬الرسمية‭ ‬المعنية‭ ‬وكذلك‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬المنظمات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬اتحاد‭ ‬الصناعة‭ ‬والتجارة‭ ‬والاتحاد‭ ‬العام‭ ‬التونسي‭ ‬للشغل‭ ‬خاصة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬مركز‭ ‬الدراسات‭. ‬وكذلك‭ ‬من‭ ‬المنظمات‭ ‬المهنية‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬ومن‭ ‬النخب‭ ‬الجامعية‭ ‬التي‭ ‬تورطت‭ ‬جميعها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬المحوري‭. ‬حيث‭ ‬لو‭ ‬تم‭ ‬كشف‭ ‬حقائق‭ ‬اختلال‭ ‬التوازنات‭ ‬لأقدمت‭ ‬البلاد‭ ‬على‭ ‬فرض‭ ‬مراجعات‭ ‬كبيرة‭ ‬وعميقة‭ ‬في‭ ‬المنوال‭ ‬التنموي‭ ‬لما‭ ‬فيه‭ ‬خير‭ ‬البلاد‭ ‬والعباد‭.   ‬

كما‭ ‬تم‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬النسيج‭ ‬الصناعي‭ ‬الذي‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬الثلاثة‭ ‬الأولى‭ ‬بعد‭ ‬الاستقلال‭ ‬بمفعول‭ ‬تطبيق‭ ‬اتفاق‭ ‬الشراكة‭ ‬الموقع‭ ‬سنة‭ ‬1995‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬إلغاء‭ ‬المعاليم‭ ‬الديوانية‭ ‬على‭ ‬المنتوجات‭ ‬الصناعية‭ ‬المتأتية‭ ‬من‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭. ‬

التداعيات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬الكارثية‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬يحتم‭ ‬علينا‭ ‬اليوم‭ ‬فتح‭ ‬ملف‭ ‬الشراكة‭ ‬مع‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬وتصويب‭ ‬المسار

‭ ‬لقد‭ ‬أطنب‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬التأقلم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إحكام‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬مستعمراته‭ ‬سواء‭ ‬عبر‭ ‬تنصيب‭ ‬دكتاتوريات‭ ‬يتم‭ ‬حمايتها‭ ‬وإغراؤها‭ ‬لتحافظ‭ ‬على‭ ‬مصالحه‭ ‬وقد‭ ‬تعددت‭ ‬الحالات‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية‭ ‬مند‭ ‬ستة‭ ‬عقود‭. ‬كما‭ ‬تأقلمت‭ ‬مع‭ ‬بروز‭ ‬الثورات‭ ‬التي‭ ‬بشرت‭ ‬بالانتخابات‭ ‬الديمقراطية‭.‬‭ ‬حيث‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬عملت‭ ‬على‭ ‬تطويع‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تبين‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬مشروع‭ ‬إنقاذ‭ ‬وطني‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬تراهن‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬ومنافعها‭ ‬مقابل‭ ‬تقديم‭ ‬خدمات‭ ‬مثل‭ ‬تمرير‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬تخدم‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬الإقليمية‭ ‬الأخرى‭. ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬البلاد‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬وكر‭ ‬للتدخل‭ ‬الأجنبي‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬هب‭ ‬ودب‭. ‬

المؤشرات‭ ‬التي‭ ‬عددناها‭ ‬سابقا‭ ‬حول‭ ‬الوضع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬الإفريقية‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬أصبح‭ ‬اليوم‭ ‬لا‭ ‬يختلف‭ ‬كثيرا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬تونس‭. ‬انتشار‭ ‬الفقر‭ ‬وغلاء‭ ‬المعيشة‭ ‬وانتشار‭ ‬البطالة‭ ‬والفساد‭ ‬وانتشار‭ ‬ظاهرة‭ ‬الفساد‭ ‬والهجرة‭ ‬السرية‭ ‬وهجرة‭ ‬الادمغة‭. ‬مع‭ ‬انهيار‭ ‬لقيمة‭ ‬العملة‭ ‬الوطنية‭ ‬نتيجة‭ ‬استصدار‭ ‬مؤسسة‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬وتحويل‭ ‬لوجهة‭ ‬القطاع‭ ‬المصرفي‭ ‬عن‭ ‬تمويل‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المنتج‭. ‬وهي‭ ‬لعمري‭ ‬مسائل‭ ‬محورية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الاستغناء‭ ‬عنها‭ ‬لتحقيق‭ ‬تعافي‭ ‬اقتصادي‭ ‬ودفع‭ ‬للاستثمار‭ ‬المحلي‭. ‬

لذلك‭ ‬نرفع‭ ‬نداء‭ ‬ملح‭ ‬إلى‭ ‬رئاسة‭ ‬الجمهورية‭ ‬بصفتها‭ ‬المؤسسة‭ ‬المباشرة‭ ‬للسلطة‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬وإلى‭ ‬الشعب‭ ‬التونسي‭ ‬صاحب‭ ‬السلطة‭ ‬ومانحها‭ ‬بالوكالة‭ ‬وإلى‭ ‬كل‭ ‬المنظمات‭ ‬الوطنية‭ ‬والاحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬والنخب‭ ‬الفكرية‭ ‬والثقافية‭ ‬وإلى‭ ‬كل‭ ‬اللوبيات‭ ‬المتنفذة‭ ‬في‭ ‬مفاصل‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نعلم‭ ‬جميعا‭ ‬أن‭ ‬الاستعمار‭ ‬وحش‭ ‬اكتوينا‭ ‬بويلاته‭ ‬منذ‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭. ‬أطردناه‭ ‬بدماء‭ ‬والدينا‭ ‬وأجدادنا‭  ‬وتسلل‭ ‬لنا‭ ‬من‭ ‬جديد‭. ‬فهو‭ ‬لا‭ ‬يبالي‭ ‬بفقر‭ ‬الشعوب‭ ‬وبحرمانها‭ ‬ولا‭ ‬بانتحار‭ ‬شبابها‭ ‬ولا‭ ‬بانهيار‭ ‬اقتصادها‭ ‬وانتشار‭ ‬الفساد‭ ‬والإفساد‭ ‬والتهرب‭ ‬والتهريب‭ ‬لأن‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬العوارض‭ ‬التعيسة‭ ‬لنا‭ ‬هي‭ ‬مدخل‭ ‬ومكمن‭  ‬قوة‭ ‬له‭ ‬ليفتك‭ ‬بنا‭ ‬جميعا‭ ‬قدر‭ ‬ما‭ ‬امكن‭ ‬له‭ ‬وقدر‭ ‬ما‭ ‬مكناه‭ ‬من‭ ‬أنفسنا‭. ‬

‭ ‬فهل‭ ‬من‭ ‬صحوة‭ ‬جماعية‭ ‬لطرده‭ ‬واسترداد‭ ‬وحدتنا‭ ‬وحقنا‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مصيرنا‭ ‬لنشر‭ ‬العدالة‭ ‬والحقوق‭ ‬والازدهار‭ ‬لكل‭ ‬فئات‭ ‬شعبنا‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬ربوع‭ ‬بلانا‭.‬‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬مستحيل‭ ‬إذا‭ ‬توفرت‭ ‬العزيمة‭ ‬والإرادة‭ ‬ونبذ‭ ‬الأنانية‭ ‬وحب‭ ‬الذات‭.‬

*نشر باسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 5 سبتمبر 2023


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING