الشارع المغاربي: يواجه البنك العربي لتونس تهما بالاستيلاء على قرابة 200 ألف دينار من حساب حريف دون علمه والقيام بعمليات مالية مريبة واحتساب فوائض تأخير غير قانونية ومطالبة الحريف بدفع 11 ألف دينار مقابل تمكينه من كشف لحسابه رغم مجانية الخدمة بمقتضى منشور للبنك المركزي.
ما بدر عن البنك من عمليات مالية غامضة كفرض دين وهمي على الحريف والإيهام بعدم امتلاكه رصيدا بحسابه أدى الى إثقال كاهله بفوائض وعمولات غير قانونية اثبت بعضها خبير عدلي بعد ان كلفته المحكمة بالتدقيق في المعاملات المالية الحاصلة بين الطرفين.
عمليات مُريبة
تشير وقائع الملف الى ان الحريف الصحبي دبو صاحب قاعة رياضة بوسط العاصمة تفطن خلال سفره الى الخارج الى وجود عمليات سحب أموال من حسابه البنكي أو ايداع به دون علمه حسب تأكيد نفس المصدر.
الحريف اكد في تصريح لأسبوعية “الشارع المغاربي” انه طلب تبعا لذلك من فرع تابع للبنك تمكينه من كشف لحساباته للتثبت منها مشددا على أن ادارته اشترطت عليه دفع 11 ألف دينار نظير طباعة الكشوفات.
واستغرب الحريف من ذلك مشيرا الى ان البنك خالف بذلك القانون نظرا لان الخدمة التي طلبها مجانية.
يذكر أن البنك المركزي يعلن سنويا عن 14 خدمة بنكية مجانية كفتح حساب بنكي والحصول على دفتر صكوك وعلى دفتر ادخار وايداع وسحب الأموال نقدا وخلاص الصك البنكي وتحويل مبلغ مالي من حساب إلى آخر في الفرع البنكي ذاته والاطلاع على الحساب البنكي والحصول على كشف الحساب وعلى كشف الحساب الشهري وسحب الأموال من الموزع الآلي الخاص ببنك المودع والدفع باستعمال البطاقة البنكية لدى المحلات التجارية الموجودة بتونس وخلاص الفواتير عبر الأنترنت وتغيير العنوان وغلق الحساب البنكي.
وكان لطفي الرياحي رئيس المنظمة التونسية لارشاد المستهلك قد كشف من جهته أنّ بعض البنوك تتعمد توظيف معاليم على خدمات يُفترض أنّها مجانية معتبرا مثل هذه الاجراءات غير قانونية.
واوضح الرياحي أنّ المنظمة اجرت استبيانا شمل 2415 من حرفاء البنوك مشيرا الى انه تبين ان 94 % من المستجوبين لا يعلمون بمجانية الخدمات المسداة إليهم.
الاستنجاد باختبار عدلي
في 29 أوت 2022 توجّه الحريف الى المحكمة الابتدائية بأريانة للاذن له بتكليف خبير عدلي مختص في العمليات المصرفية والشؤون البنكية والتثبت في العمليات المالية التي شهدتها حساباته بالبنك.
وبتاريخ 25 جانفي 2023 قدّم الخبير تقرير اختبار تضمن مئات الصفحات أشار فيه الى ارتكاب البنك عدة إخلالات.
الخبير أفاد في تقريره بأنه لاحظ بعد اطلاعه على احد حسابات الحريف البنكية وجود خلل محاسبي تمثّل في تحمّل الحساب البنكي بين ماي 2015 وديسمبر 2020 دينا وهميا بأكثر من 10 آلاف دينار.
وشدّد على ان الدين الوهمي أدى الى اثقال كاهل الحريف بفوائض وعمولات بـ 19 ألف دينار والى رجوع صكوك بسبب عدم وجود رصيد.
في هذا السياق تكشف بيانات البنك المالية لسنة 2022 ان الفوائد والعمولات المماثلة المسجلة في المداخيل بلغت 83 ٪ من إجمالي مداخيل البنك اي ما يناهز 553 مليون دينار.
واكد الخبير في تقريره أيضا انه وقف على وجود تحويلات في أحد ارصدة الحريف بـ 12 ألف دينار مشددا على ان الرصيد لم يشهد تنزيل مبالغ وعلى انه سجل خلاص عمليات اقتطاع دون علم الحريف.
وأفاد بأنه طالب البنك بتقديم توضيحات في هذا الصدد ومده بنسخ من عمليات الاقتطاع لافتا الى ان المؤسسة المالية لم تحرك ساكنا الى حدود انجاز التقرير ولم توفر الوثائق المطلوبة.
كما ذكر انه تحوّل الى مقر البنك حاثا ادارته على تعيين من يمثله لحضور جلسة اختبار وانه اتصل هاتفيا بالمؤسسة المالية واستدعى ممثّلها القانوني مشيرا الى ان البنك لم يرسل من يمثله.
استيلاءات وتضخيم
الصحبي دبو اتهم البنك بارتكاب تجاوزات قال انها مخالفة للقانون ولمناشير البنك المركزي وأوامره مشددا على انه احتسب فوائض واستولى دون علمه على مبالغ مالية من حسابه.
المتحدث ذكر ان البنك لم يدرج بحسابه الجاري مبالغ مالية سبق له ان نزّلها ولم يطرح هذه المبالغ من أصل الدين لافتا الى انه تم تضخيم المبلغ الأساسي بفوائض أخرى بما تسبب له في خسارة بأكثر من 200 ألف دينار.
وأشار الى ان ممثلين قانونيين للبنك مارسوا عليه ضغوطات والى انهم هدّدوه بإجراء عقلة على أملاكه في صورة عدم سداد ما تبقى من القرض ملاحظا ان ما تعرض له من ضغط نفسي بحكم تواتر محاضر الانذار والأوامر بالدفع والعقل على منقولاته تسبّب له في جلطة دماغية استوجبت ايواءه لمدة 13 يوما بإحدى المصحات.
ووصف المتحدث ما تعرض له بأحد فروع البنك بالفساد المالي الخطير معتبرا أن بعض البنوك المحلية اصبحت تستنبط حيلا جهنمية لسرقة أموال الحرفاء معتمدة في ذلك على تقنيات غير مسبوقة.
من جهته أوضح البنك العربي لتونس أن المعني بالامر حريف بأحد فروعه منذ عقد من الزمن وانه تمتع خلاله بالخدمات المالية في أحسن الظروف.
وأضاف البنك في مراسلة بعث بها الى الجريدة انه فوجىء مؤخرا بالحريف يرفع شكاية إلى القضاء إدعى فيها تعرضه لمظلمة استنادا الى معطيات منقوصة يتحفظ البنك عن نشر تفاصيلها التزاما منه بواجب المحافظة على السّر المهني واحتراما للسلطة القضائية.
يذكر ان الفرقة المركزية بالقرجاني المختصة في الجرائم الاقتصادية والمالية تعهدت مؤخرا بالملف واستمعت الى أقوال الشاكي الصحبي دبو في انتظار الاستماع الى اقوال الممثل القانوني للبنك.
نشر باسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 6 جوان 2023