الشارع المغاربي – لعنة الشقوق تضرب فريق رئيس الجمهورية: صراع بين شرف الدين وعكاشة: لمن سيحسم قيس سعيد؟/ بقلم: كوثر زنطور

لعنة الشقوق تضرب فريق رئيس الجمهورية: صراع بين شرف الدين وعكاشة: لمن سيحسم قيس سعيد؟/ بقلم: كوثر زنطور

قسم الأخبار

19 نوفمبر، 2021

الشارع المغاربي: ضربت لعنة الشقوق فريق رئيس الجمهورية قيس سعيد تماما مثلما كان الحال مع الماسكين بالسلطة خلال العشرية المنقضية وقبلها. ومع التطورات التي عرفها الصراع وارتدادته خاصة بين اجهزة الدولة قد يصبح سعيد مجبرا على الحسم بين مديرة ديوانه نادية عكاشة ووزير الداخلية توفيق شرف الدين والحسم يعني التضحية والتخلي عن واحد منهما وهما المصنفان كأقرب المقربين منه وأهم معاونيه.

حملت لحظة انتخاب قيس سعيد رئيسا للجمهورية انتظارات واسعة منها القطع مع كل الممارسات التي اضرت بالدولة على غرار الصراعات بين اجنحة السلطة والتداخل بين العائلة والدولة والتعيينات بالمحاباة والمحسوبية او تغلغل مراكز النفوذ عبر التحكم في القرار الوطني عن طريق بيادقها . شكل سعيد اذن البديل القادر على القطع مع مجمل الانحرافات التي كانت عناوين الفشل تلو الاخر وسببا من الاسباب الرئيسية في صعود سعيد دفة الحكم .

سنتان بعد دخوله القصر الرئاسي واربعة اشهر بعد تحوله الى الحاكم الوحيد للبلاد ، سقط سعيد في نفس اخطاء سابقيه وقد تكون صراعات اليوم الاخطر على ما تبقى من استقرار دولة تعيش احلك فتراتها وادق ازماتها الاقتصادية والمالية قد تزيد من تعميقها « لعنة الشقوق» التي ضربت فريق الرئيس وجرت كبار المسؤولين الى الاصطفاف إما وراء وزير الداخلية او مديرة الديوان الرئاسي وهذا فتح بالطبع الباب امام تصفية حسابات قد تكون منعرجا في مسار ما بعد 25 جويلية.

صراع مفتوح

تحولت مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة منها موقع « فايسبوك» الى ساحة صراع بين شقوق فريق رئيس الجمهورية قيس سعيد تقودها صفحات تعد بالمئات تتداول وثائق رسمية للدولة تُسرب اليها دون حسيب ولا رقيب وتُديرها « ادمينات» في اتصال مباشر مع فاعلين بارزين في محيط الرئيس يتلقون منهم «المعلومات « والتعليمات بما حولهم الى ما يشبه « الموظفين» بالرئاسة.

وشكلت حادثة اقالة المكلفة بالاتصال في القصبة ساعات بعد تعيينها والاعلان عن الاقالة واسبابها من قبل» صفحات فايسبوكية» اخر الدلائل على العلاقة المُسترابة التي تجمع اطرافا نافذين في محيط الرئيس بصفحات فايسبوكية باتت مشاركة في ادارة الشان العام . تلك الاقالة تعد غيضا من فيض لانحرافات خطيرة ترتكب في الفضاء الازرق من قبل كبار مسؤولين سبق ان كشفت بعض تفاصيلها تسريبات نُسبت لمديرة الديوان الرئاسي نادية عكاشة وهي توجه فيها التعليمات لاحد «الادمينات» التابعين لها لاستهداف السفير قيس الفبطني الذي رفع بعد ذلك قضية لا يعلم احد عن مالاتها .

اليوم انقلبت المعطيات على ضوء انقسام محيط الرئيس الى شقين ، شق وزير الداخلية توفيق شرف الدين وشق نادية عكاشة .الاول يُصنف بـ» ابن المشروع» وأحد رواده باعتباره كان ناشطا في حملة سعيد ورئيسا لتنسيقيتها في سوسة ويُوصف بالقريب من العائلة وخاصة من شقيقة حرم رئيس الجمهورية وهي زميلته في المحاماة. اما نادية عكاشة التي تتقاسم مع سعيد المهنة ، فهي من « الوافدين الجدد» بالنسبة لأصحاب المشروع الذين باتوا محل حظوة رئاسية منذ اجراءات 25 جويلية المنقضي .

انطلق الحديث عن الصراع بين الثنائي عكاشة وشرف الدين منذ خروج الاخير من وزارة الداخلية اثر اقالته من قبل رئيس الحكومة انذاك هشام المشيشي .شرف الدين وهو القريب من سعيد بحكم « الصداقة والعائلة والمشروع السياسي المشترك» كان يُمثل تهديدا لنفوذ مديرة الديوان في القصر الرئاسي التي تمكنت من ابعاد كل من يُنافسها على هذا النفوذ وكانت الحصيلة مغادرة اكثر من 10 مستشارين يُحمّلونها كلهم مسؤولية نهاية تجاربهم في مؤسسة الرئاسة .

نجحت عكاشة في منع تعيين شرف الدين بالرئاسة وانتهى الامر بتعيينه على رأس الهيئة العليا لحقوق الانسان والحريات رغم وجود مكان له ضمن فريق الرئاسة بعد سلسلة الاستقالات والأكالات التي شهدها . وتجددت الروايات حول الخلافات بين الثنائي شرف الدين وعكاشة مباشرة مع انطلاق مسار 25 جويلية الذي فتح باب المنافسة بينهما حول منصب رئيس الحكومة انتهى في الاخير بابعادهما لكن مع انقلاب في موازين القوى لصالح شرف الدين ومن ورائه ما بات يسمى بتنسيقيات سعيد وداعمي مشروع « البناء الجديد».

« رفاق» سعيد في حملته التفسيرية باتوا اذن اهم دوائر التأثير بعد ان وفرت لهم 25 جويلية فرصة اعادة التنظيم بعد فترة من « المعارضة» لحكومة المشيشي وحزامه السياسي وهي فترة تميزت ايضا بـ»غلق» المنافذ المؤدية الى قرطاج وكان من بين ما يُقال في المحيط الذي رافق سعيد في حملته التفسيرية انه « انقلب عليهم» او « عُزل» وافتُك من محيطه من قبل شخصيات قادتها الصدف للالتقاء بسعيد وهو رئيس ومكنها بحكم ضيق شبكة علاقاته من مناصب عليا كانت حصيلتها « نكث بالعهد» و « الغدر به» لكنها كانت ايضا منطلق عودة الرئيس الى « الاصل» و لـ» رفاق الامس» عبر اعادتهم الى الواجهة بمجرد تسلمه كل مقاليد السلطة .

هذه التطورات كان لها اثر واضح 4 اشهر بعد انطلاق مسار 25 جويلية . فنادية عكاشة التي كان ابعادها يُطرح بقوة من قبل داعمي الرئيس من منظمات واحزاب اصبحت تُمثل بالنسبة لنفس هذه الاطراف عنوانا لـ›» دخول مرحلة الجادة» الذي يعني اسقاط مشروع « الديمقراطية القاعدية» فيما اصبح توفيق شرف الدين بالنظر الى حساسية منصبه وباعتباره « «ممثلا للمشروع» وربما مكلفا بتنفيذه « الشخص الاخطر في نظر الضفة الداعمة لسعيد دعما ناقدا والتي تدعوه لتتشاركية «. وزاد التوجس من الرجل مع الاخفاقات الاخيرة للوزارة بين «عقارب» ومسيرة يوم الاحد وهي التي تعود لتنظيم الاستحقاقات الانتخابية ، وفق ما يتناقل في الكواليس.

خطر على الدولة

الخطير في ما يتناقل عن الصراع داخل فريق قيس سعيد هو توظيف اجهزة الدولة تماما مثلما كان الحال في عهد مضى . الامر يتعلق بتسريب وثائق بعض منها سرية وتداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي . وكالعادة تحولت وزارة الداخلية الى احد اهم مسارح هذا الصراع الذي يقول مصدر كان فاعلا فيها لـ»الشارع المغاربي» انها كلفت الدولة خسارة عدد من اهم كفاءاتها ذاكرا على سبيل المثال ابعاد سمير الطرهوني بتعلة انه « محسوب على نادية عكاشة» .

ويقول المصدر ان « الصراع اليوم هو في الظاهر بين شرف الدين ونادية عكاشة وانه في الاصل بين لوبيات اخترقت الثنائي واعادت التموقع لتصفية حساباتها». في هذا الصدد تشير المعطيات المتداولة الى ان الوزير السابق للداخلية لطفي ابراهم هو احد كبار مستشاري شرف الدين غير المعلن عنهم .والمعروف انه تمت اقالة ابراهم من قبل يوسف الشاهد عندما كان رئيسا للحكومة وروج محيط القصبة ان « اعداده لانقلاب بعد زيارة رسمية الى السعودية التقى خلالها الملك وولي العهد « وراء الاقالة . وبخلاف الابعاد تعرض ابراهم لـ»الاهانة وحتى للتنكيل وتمت اقالة كل من كان محسوبا عليه سواء في الوزارة او في الحرس الوطني».

في الجهة المقابلة ، ينشط يوسف الشاهد رئيس الحكومة الاسبق في « الدوائر المضيقة لمديرة الديوان» امر ينفيه البعض ويؤكده البعض الاخر ممن يشددون على ان « الشاهد في تنسيق مستمر مع عكاشة « وعلى انه التقى سعيد « على الاقل في مناسبتين بعد 25 جويلية» . ويذهب اصحاب رواية هذا التنسيق الى حد تبنى سردية ان احتدام الصراع بين عكاشة وشرف الدين» غذته الاطراف الفاعلة في محيطهما وهما الشاهد ولطفي ابراهم وان ما يحصل اليوم هو محاولة من كل طرف لـ»حماية نفسه وجماعته» والعودة للمشهد السياسي وهو ما يفسر مثلا تداول تعيين مرتقب لصابر العجيلي القيادي الامني الذي سجن ظلما في اطار ما سمي بالحرب على الفساد.

اما اصحاب نظرية المؤامرة فيؤكدون من جهتهم ان احداث عقارب « محاولة للايقاع بشرف الدين» عن طريق ما تبقى لعكاشة من نفوذ في الداخلية مُكنت منه بفضل تعيينات سابقة وتحالفات مضادة لشرف الدين وابراهم صلب الوزارة . واحداث عقارب شكلت نكسة لرئيس الجمهورية باعتبار انها اعادت نفس المقاربات السابقة في مواجهة الاحتجاجات ينضاف اليها الفشل الاتصالي الذريع للوزارة في التعاطي مع مسيرة 14 نوفمبر وايضا « فضيحة نفق المرسى» .

ماذا تراه فاعلا سعيد ازاء ما يحدث وما يتداول ؟ تقول كل التجارب السابقة ان الصراعات تنتهي بانتصار طرف على حساب اخر وان بقاء الحال من المحال . موقف سعيد من هذا الصراع الذي سيضره ويضرب المسار الذي يقوده في مقتل ويفتح الباب في صورة تاكد ما يتداول حول الفاعلين من وراء الستار ، سيكون محددا وحاسما.

فهل سيتجه للحسم والاختيار بين الابقاء على عكاشة او شرف الدين ؟ لا تبدو المعادلة سهلة لثقل الشخصيتين في محيط سعيد نفسه لكن الرئيس الذي استغنى عن صديقه عبد الرؤوف بالطبيب رغم صداقة امتدت لأربعة عقود لن يعجز عن الاستغناء عن شرف الدين او عكاشة . شرف الدين اليوم «آيل للسقوط « بسبب الاخطاء الاخيرة وان كان سعيد يتحمل جزءا لابأس به من مسؤوليتها .اما عكاشة التي حماها سعيد متحديا الحملات التي استهدفتها ومتغاضيا عن اخطاء عديدة ارتكبتها على غرار قضية التسريبات مثلا او ملف « الطرد المسموم» فلم تعد في مأمن من الخروج من القصر.

نشر بأسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 16 نوفمبر 2021


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING