الشارع المغاربي-كريمة السعداوي : تم الاعلان في ماي 2013 على اطلاق مشروع شامل للإصلاح الجبائي في اطار مجلس وطني للجباية ووقع آنذاك تكليف عدة فرق عمل لتنفيذه تحت اشراف مكتب استشارات اجنبي وهي تتكون بالأساس من ممثلين عن وزارة المالية والاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة وهيئة الخبراء المحاسبين وهيئة المستشارين الجبائيين بغرض دراسة سبل اصلاح منظومة الضرائب المباشرة وغير المباشرة والجباية المحلية ودعم الشفافية الجبائية والتصدي للتهرب الجبائي الى جانب مراجعة النظام التقديري وادماج الاقتصاد الموازي وتعصير ادارة الجباية.
غير ان مشروع الاصلاح لم ير النور الى اليوم رغم تقديم ابعاده الكبرى في نوفمبر 2014 في اطار فعاليات ندوة نظمت، للغرض. ومع مرور الزمن وتفاقم حالة عدم الاستقرار في البلاد، ازدادت اشكاليات النظام الجبائي بوجود 4 الاف نص ضريبي وانظمة وخمس مجلات جبائية معقدة لتحتب المشاكل والصعوبات المطروحة، في هذا الاطار.
وفي هذا السياق، أكدت الجمعية التونسية للاقتصاديين في تقرير أصدرته مؤخرا حول “العدالة الجبائية وتعبئة موارد الدولة في تونس” أن عدد الحرفيين والتجار المسجلين بالإدارة العامة للجباية والراجعة بالنظر لوزارة المالية يبلغ 414 ألفا وأن مساهمتهم في الموارد الجبائية للدولة لا تتجاوز سنويا 40 مليون دينار بما يعادل نسبة 0.2 % من اجمالي المدخيل الجبائية للبلاد، فحسب.
كما بين التقرير أن 219 ألفا من هؤلاء لا يدلون بأي تصريح جبائي سواء تعلق الأمر بالضريبة على الدخل أو بالأداء على القيمة المضافة ومعلوم الاستهلاك مقدرا في السياق ذاته قيمة تهربهم الضريبي سنويا بـ 1400 مليون دينار دون اعتبار الناشطين في القطاع الموازي أي غير المهيكل. على صعيد آخر، وصفت الجمعية التونسية للاقتصاديين وهي هيكل أكاديمي وبحثي وضعية الاستخلاص الجبائي في البلاد بالمثيرة للقلق والانشغال مضيفة بان كافة التجار والحرفيين و30 % من أصحاب المهن الحرة والمنضوين جلهم تحت النظام التقديري وهو المعروف بنظام “الباتيندة” يصرحون في موفى كل عام لا سيما منذ سنة 2014 بمدخول سنوي حول أنشطتهم المهنية لا يتعدى الدخل المساوي للفقر المدقع. هذا ولا تدفع جل الشركات وذلك بنسبة 76 % أي اداء للدولة، اذ انها تصرح اما بعدم تحقيق ارباح او انها لا تدلي باي تصريح جبائي.
ويساهم بنسبة 50 % من الاداء على ارباح المؤسسات نحو 200 شركة كبرى وذلك بـ 1900 مليون دينار سنويا – دون اعتبار الشركات البترولية – مقابل 3800 مليون دينار يتحملها اجراء القطاع الخاص (مليون و 600 الف اجير) وموظفو الدولة، وهو ما يعني ان الاجير في تونس يدفع اداءات بعنوان دخله، تفوق ضعف ما يتحمل مؤجره بما لا يستقيم مع أي معيار اقتصادي بحكم ان المؤسسة هي التي تخلق الثروة الاقتصادية وليس اجراؤها.
يذكر ان ابرز هنات النظام الجبائي التونسي ونقاط ضعفه، تتمحور حسب العديد من الدراسات المحلية والدولية التي ينجزها المتخصصون في هذا الشأن في تعقيد التشريع الجبائي بصفة مستمرة واحتوائه على نقائص ينتج عنها عدم المساواة بين مختلف اصناف المطالبين بالأداء وتآكل قاعدة الضريبة على الشركات بسبب الطروحات والاعفاءات والتخفيضات في النسب والخصوم من المورد بما من شانه تقديم ميزات تفاضلية لأنشطة وقطاعات اقتصادية دون اخرى وترك النظام الجبائي، بشكل عام، لعدة ثغرات ينجر عنها في العديد من الحالات عمليات تحايل وتهرب جبائي. وفي المقابل فان الادارة الجبائية غير قادرة على التصدي لهذه الظاهرة ومقاومتها لضعف امكاناتها بشريا ولوجستيا. كما تشكو الجباية المحلية من مردودية ضعيفة ولا تقوم بدورها في دفع التنمية الجهوية.