الشارع المغاربي: اعتبر راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان المجمدة أشغاله اليوم الاثنين 21 فيفري 2022 ان رئيس الجمهورية قيس سعيد “أصبح المعبّر الوحيد عن معاني الفشل التي تعاني منها التجربة التونسية” محذّرا اياه وكل الاطراف في تونس من دفع البلاد نحو الفوضى .
وأكد الغنوشي ان النهضة” لا تخشى من اتخاذ سعيّد قرارا بحلها”. وشدد على انه “لا معنى لأي حوار يقوم على الإقصاء” وعلى ان الشعب لن يقبل بعودة ما أسماه بـ”نظام زوار الفجر وبالإعلام الخشبي وبنظام اللجان الشعبية والاستفتاءات والاستشارات على المقاس ونواب نظام القرعة”.
وقال الغنوشي في حوار أدلى به لموقع “الجزيرة.نت” :” لقد أصبح الرئيس قيس سعيد المعبّر الوحيد عن معاني الفشل التي تعاني منها التجربة التونسية… الكلمة التي تلخص أي حكم يمكن أن نطلقه على إجراءاته هي الفشل والفشل الذريع، فشل في الايفاء بقسمه على الدستور، وفشل في الايفاء بعهوده باحترام ما أبقى من فصوله، وفشل في إيقاف الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها الشعب وفشل في أن يستجيب لتوقعات الفئات الشبابية المحرومة التي قدم نفسه متحدثا باسمها، بل قام بإلغاء القانون الذي صوّت عليه البرلمان لتمكين الذين طالت بطالتهم من حقهم في العمل”.
وأضاف “فشل للمرة الثالثة في تكوين حكومة قادرة على التصدي للشأن العام في البلاد، وفشل في تقديم ميزانية تضمن الحد الأدنى من الأمن الاقتصادي والمالي للتونسيين، وفشل في أن ينقلهم من مشاهد التنازع بين النخب السياسية في البلاد ونقل العراك الذي كان يصطنع لتشويه البرلمان، كي يطل هو من قصر قرطاج كل مرة على التونسيين بخطاب مخيف يقض مضاجعهم ولا يعطيهم أي أمل في واقعهم ولا في مستقبلهم .وعلى الصعيد الخارجي فشل في تقديم صورة ناصعة عن تونس مما جعلها تعاني من عزلة دولية غير مسبوقة في تاريخها وجعلها تقترب بسرعة مخيفة من وصف الدولة الفاشلة، حيث إن الدولة تعجز عن القيام بالحد الأدنى من واجباتها، مثل سداد الأجور في وقتها وتوفير المواد الأساسية التي تحتاجها كل عائلة تونسية يوميا”.
وتابع “ندعو الرئيس وكل قوى شعبنا إلى تدارك الوضع قبل السقوط في الهاوية. نقول للجميع تعالوا إلى كلمة سواء، تعالوا نضع مصلحة البلاد قبل مصالحنا الذاتية، تعالوا نضع اليد في اليد لنحفظ بلادنا ودولتنا وشعبنا قبل فوات الأوان.. نقول للرئيس لا تهدم هذا البيت لأننا نرى ما حصل في بلدان أخرى حينما تم إسقاط البيت بكامله. نقول للرئيس ولبقية الأطراف لا تقسموا هذا الشعب، لا تدفعوا البلاد نحو الفوضى، اتقوا الله في هذا البلد، تعالوا نتنازل جميعا لأجل هذا الوطن”.
وبخصوص امكانية اصدار سعيّد قرار بحل الحركة قال الغنوشي “ليست لنا في حركة النهضة خشية من أي مسار قضائي في ظل القضاء المستقل والحر، كما أن حركتنا لم تتسلم شهادة ميلادها من أحد غير شعبها بإذن من الخالق، ولذلك هي لا تخشى أن تتلقى شهادة وفاة من أحد غير شعبها بإذن من الله، وكم تلقينا من نعي ولكننا ظللنا أحياء، بل نزداد حياة بفضل الله وبالتأييد المتكرر من شعبنا منذ زهاء نصف قرن، بل هي حقوق طبيعية كانت مغتصبة منا وجاءت الثورة كي تميط عنها الغبار..ليس هناك خوف على حركة النهضة ولا على بقية الأحزاب إذ إنها لا توجد بقرار إداري”.
وفي تعليقه على حادثة محاصرة منزله من قبل أعضاء هيئة الدفاع عن الشهيدين محمد البراهمي وشكري بلعيد قال الغنوشي”لم تتم محاصرة بيتي وإنما كان هناك بضعة أنفار تجمعوا غير بعيد عنه ومع ذلك ما حصل يعد سابقة خطيرة لأن مداهمة منازل الخصوم هي عمل مليشيات لأن للمنازل حرمتها وفق القانون والعرف والأخلاق ..نعتبر أن الكثير ممن يتحدثون باسم الشهيدين بلعيد والبراهمي إنما يتاجرون بدميهما وأصبح الاستثمار في الدم هو ما يحرك سلوك وخطاب هذه الهيئة فيكرر أعضاؤها اغتيالهما مرة بعد مرة بالحرص الشديد على تغطية الحقيقة… نحن نطالب بالكشف عن قتلة بلعيد لأننا الضحايا الأوائل المستهدفون بهذا الاغتيال، وتثبت كل الأحداث صدق قولنا حيث خسرنا حكومتين بسبب هذين الاغتيالين”.
وأضاف “الجميع يعرف أن أعضاء لجنة الدفاع هم من يريدون بقاء هذا الملف جرحا غائرا مفتوحا لمزيد استثماره بطرق مختلفة، بما فيها استثماره سياسيا ضد خصومهم الذين لم يستطيعوا يوما هزمهم عبر الصندوق، هذه الهيئة هي التي قدمت الاعتراض تلو الاعتراض لتأخير النظر في القضية ومنع غلق الملف الدامي… من العيب أن يستعمل دما الشهيدين بلعيد والبراهمي لتشريع الانقلاب والاعتداء على القضاء، خاصة أن المغدورين -رحمهما الله- كانا ممن دافع عن دولة القانون والمؤسسات، وعلى كل حال نحن نتعاطى مع هذا الملف في إطار القانون، ومصرون على أن يتم حسم مثل هذه الملفات في إطار القضاء المستقل والحر…لدينا ثقة في القضاء التونسي المستقل إلى هذه اللحظة، ولكن التطورات الأخيرة التي تستهدف القضاء المستقل لتحويله إلى وظيفة مثلما يرى الرئيس قيس (قضاء التعليمات) يمكن أن تؤثر على ثقتنا في صموده في وجه ضغوطات الرئيس الذي يريد أن يزيح خصومه بقضاء التعليمات، ولذلك طبّل وزمّر لدكتاتورية قيس المبشرون بعودة الاستبداد”.
وتابع “نحن نتابع التطورات ويمكن إذا تم تطويع البعض في القضاء التونسي، أن نلجأ إلى المطالبة بتحكيم جهة محايدة أخرى لا تخضع لضغوطات الرئيس وحلفائه”.
وفي ما يتعلق بإعلان أحزاب التيار الديمقراطي والجمهوري والتكتل عن اطلاق مبادرة حوار سياسي وطني دون مشاركة حركة النهضة ولا رئيس الجمهورية قال الغنوشي “ندرك تخوفات بعض الأطراف السياسية من البدائل المطروحة للانقلاب وتخوفها من أن ذلك سيفيد هذا الطرف أو ذاك على حساب بقية الأطراف، ونحن نتفهمها ومستعدون للتفاعل معها إيجابيا عن طريق الحوار…نقول إن سقوط الانقلاب يجب أن يكون لمصلحة الجميع على حد سواء، لمصلحة كل البلاد ولمصلحة تونس الديمقراطية وشعبها، ويمكننا عن طريق الحوار الوصول لتوافقات وتنازلات حول البدائل وحول الإصلاحات التي تحتاجها البلاد، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي…أقول إنه لا معنى لأي حوار يقوم على الإقصاء، فالذي يحاور إنما يحاور من يخالف، تونس تتسع للجميع، وليس هناك من خروج من نفق الأزمة إلا بالحوار غير المشروط الذي لا يقصي أحدا إلا من أقصى نفسه”.
وأضاف “الاتحاد العام التونسي للشغل كان قد أطلق مبادرة للحوار الوطني، ونحن أيدنا هذه المبادرة منذ تقديمها ومازلنا ندعمها، إذ إن الحاجة لهذا الحوار الوطني اليوم أوكد وأكثر من الحاجة له عندما تم إطلاق المبادرة قبل أكثر من سنة …نادينا لحوار لا يقصي أحدا في كل مراحل نضالنا ضد الاستبداد، وفي مراحل بناء المسار الديمقراطي”.
وختم الغنوشي الحوار متسائلا “هل للرئيس قيس سعيد مشروع؟” مجيبا بالقول ” بعد سنتين من حكمه وحكم من اختارهم نحن لا نرى إلا عمليات الهدم ولا مشروع بناء شيّد، ولذلك نحن نخشى على تونس وعلى أبنائها من أن تزيد الأزمة الاقتصادية سوءا وأن تنهار البلاد، ولكن لدينا ثقة في أن بذرة الخير الموجودة في هذا الشعب العظيم الذي كان منبع الربيع العربي ستدافع عن ثورته وعن حريته وعن الديمقراطية التي هي الضامن الوحيد لأمنه وحقوقه ومستقبله…كلي ثقة في هذا الشعب بأنه سيكون قادرا على الخروج من هذا المأزق بما ترسخ من بذور الحرية في جيل جديد تفتح وعيه على الحرية ولن يقبل بعودة نظام زوار الفجر والإعلام الخشبي ونظام اللجان الشعبية والاستفتاءات والاستشارات على المقاس ونواب نظام القرعة”.