الشارع المغاربي – انتبِه‭...‬إقليمٌ‭ ‬مُرقّم (‬جزء2‭‬): في‭ ‬ارتجالية‭ ‬التقسيم‭ ‬إلى‭ ‬أقاليم /بقلم: صالح مصباح

انتبِه‭…‬إقليمٌ‭ ‬مُرقّم (‬جزء2‭‬): في‭ ‬ارتجالية‭ ‬التقسيم‭ ‬إلى‭ ‬أقاليم /بقلم: صالح مصباح

قسم الأخبار

5 أكتوبر، 2023

الشارع المغاربي:

4/‬ارتجالية‭ ‬التّقسيم‭ ‬إلى‭ ‬أقاليم

إنّ‭”‬آمر‭” ‬تقسيم‭ ‬تونس‭ ‬إلى‭ ‬أقاليم‭ ‬مرقّمة‭ ‬من‭ ‬واحد‭ ‬إلى‭ ‬خمسة‭ ‬قد‭ ‬حاول‭ ‬أنْ‭ ‬يتدارك‭ ‬على‭ ‬أنّ‭ ‬جوهرَ‭ ‬تقسيمه‭ ‬هو‭ ‬تنفيذ‭ ‬لرزنامة‭ ‬إنتخابية‭. ‬وهي‭ ‬رزنامة‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬تصوّر‭ ‬لديه‭  ‬يراه‭ ‬فتحا‭ ‬مُبينا‭ ‬يساهم‭ ‬به‭ “‬الفقراء‭ ‬والمهمّشون‭” ‬في‭ ‬سَنّ‭ ‬القوانين‭. ‬لقد‭ ‬حاول‭ ‬أن‭ ‬يتدارك‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬بأن‭ ‬وَصَل‭ ‬التقسيمَ‭ ‬بمقاصد‭” ‬تنموية‭” ‬وصلا‭ ‬كلاميا‭ ‬خالصا‭.‬

لنترك‭ ‬جانبا‭ ‬حقيقة‭ ‬أنّ‭ ‬انتشال‭ “‬للفقراء‭ ‬والمهمشين‭” ‬من‭ ‬حالهم‭   ‬أوكد‭ ‬لهم‭ ‬من‭”‬سَنّ‭ ‬القوانين‭”. ‬ولنترك‭ ‬جانبا‭ ‬حقيقة‭ ‬أنّ‭ ‬سنّ‭ ‬القوانين‭ ‬هو‭ ‬رفاه‭ ‬لا‭ ‬قِبَلَ‭ ‬لَهُم‭ ‬به‭ ‬،‭ ‬وأنّ‭ ‬فقرَهم‭ ‬وتهميشَهم‭ ‬لا‭ ‬يتركان‭ ‬لهم‭ ‬مجالَ‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬السَّنُّ‭ ‬من‭ ‬مشاغلهم‭ . ‬ولنسلّم‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الإفتراض‭ ‬بأنّ‭ ‬لذلك‭ ‬التقسيم‭ ‬أهدافا‭ ‬تنموية‭ ‬ممكنة‭. ‬لِنسلّمْ‭ ‬بالأمر‭ ‬فنجادلَ‭ ‬فيه‭ ‬صاحبَه‭ ‬بالتي‭ ‬هي‭ ‬أحسن‭.‬

إنّ‭ ‬تقسيم‭ ‬البلاد‭ ‬تقسيما‭ ‬إقليميا‭ “‬ذا‭ ‬أهداف‭ ‬تنموية‭” ‬هو‭ ‬أولا‭ ‬شأن‭ ‬وطني‭ ‬مركّب،‭ ‬وثانيا‭ ‬شأن‭ ‬الكافة‭ ‬من‭ ‬التونسيين‭. ‬أمّا‭ ‬أنه‭ ‬شأن‭ ‬وطني‭ ‬مركب‭ ‬فمِن‭ ‬جهة‭ ‬أنّ‭ ‬عناصر‭ ‬عديدة‭ ‬وشروطا‭ ‬شتّى‭ ‬تتداخل‭ ‬فيه‭. ‬ومِن‭ ‬هذه‭ ‬العناصرِ‭ ‬والشروطِ‭ ‬العلاقاتُ‭ ‬بين‭ ‬الأقاليم‭ ‬والعلاقات‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬التي‭ ‬فيها‭. ‬وهي‭ ‬علاقات‭ ‬تقتضي‭ ‬التجانس‭ ‬أو‭ ‬التكامل‭ ‬تبعا‭ ‬لخطط‭ ‬التقسيم‭ ‬ووأهدافه‭ ‬التنموية‭ ‬التي‭ ‬يتوجّب‭ ‬تدبّرُها‭ ‬تدبّرا‭ ‬يسبق‭ ‬التقسيمَ‭ ‬وإشهاره‭ ‬وإقراره‭. ‬ومن‭ ‬العناصرِ‭ ‬والشروطِ‭ ‬الغالبُ‭ ‬من‭ ‬الجوانب‭ ‬الجغرافية‭ ‬والسكانية‭ ‬والمهنية‭ ‬والإقتصادية‭ ‬وأسباب‭ ‬تلاؤمها‭  ‬أو‭ ‬تكاملها‭ ‬وعوامل‭ ‬التنمية‭ ‬المتحركة‭ ‬والكامنة‭ ‬والمهدورة،‭ ‬وأنماط‭ ‬الترابط‭ ‬بينها‭ ‬بمختلف‭ ‬أشكال‭ ‬النقل‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يسمّيه‭ ‬الزعيمُ‭ ‬بورقيبة‭ “‬الجهاز‭ ‬العصبي‭ ‬للبلاد‭”‬،‭ ‬ومدى‭ ‬شمول‭ ‬المسح‭ ‬العقاري‭ ‬في‭ ‬الأقاليم‭ ‬والولايات‭ ‬وخصائص‭ ‬التربة‭ ‬فيها‭ ‬ومعدّلات‭ ‬الأمطار‭ ‬ومصادر‭ ‬المياه‭ ‬والثروات‭ ‬الباطنية‭ ‬والمراكز‭ ‬الصناعية‭ ‬والخدمية‭ ‬والإدارية‭ ‬الخ‭…‬

فلما‭ ‬كان‭ ‬القطاع‭ ‬الخدمي‭ ‬يُكامِل‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬القطاعَ‭ ‬الصناعيّ،‭ ‬فقد‭ ‬وَجُهَ‭ ‬أن‭ ‬تنتميَ‭ ‬إلى‭ ‬الإقليمِ‭ ‬نفسِه‭ ‬ولايةُ‭ ‬تونس‭ ‬الخدمية‭ ‬وولايةُ‭ ‬بن‭ ‬عروس‭ ‬الصناعية‭ ‬بالغلبة‭. ‬ولعل‭ ‬هذه‭ ‬الوجاهة‭ ‬لم‭ ‬يُصِبها‭ ‬صاحبُ‭ ‬التقسيم‭ ‬وإنما‭ ‬فرضها‭ ‬عليه‭ ‬تاريخُ‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬تونس‭ ‬الذي‭ ‬رسّخ‭ ‬مفهومَ‭ “‬تونس‭ ‬الكبرى‭” ‬بولاياتها‭ ‬الأربع‭ ‬التي‭ ‬يتعذّر‭ ‬ألّا‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬إقليم‭ ‬واحد‭. ‬لكنّ‭ ‬هذه‭ ‬الوجاهة‭ ‬تتهافت‭ ‬بأن‭ ‬تنتميَ‭ ‬إلى‭ ‬الإقليم‭ ‬نفسه‭ ‬ولايتا‭ ‬منوبة‭ ‬وزغوان‭. ‬فبينهما‭ ‬لا‭ ‬محالة‭ ‬مشترك‭ ‬فلاحي‭. ‬لكنّ‭ ‬الجانب‭ ‬الخدَمي‭ ‬الجامعي‭ ‬إنما‭ ‬تختصّ‭ ‬به‭ ‬ولايةُ‭ ‬منوبة‭ ‬اختصاصا‭ ‬يصلها‭ ‬غالبا‭  ‬بولاية‭ ‬تونس‭. ‬وقد‭ ‬يمثّل‭ ‬المشترك‭ ‬الفلاحي‭ ‬بين‭ ‬منوبة‭ ‬وزغوان‭ ‬عاملا‭ ‬جامعا‭. ‬لكنّ‭ ‬السلاسة‭ ‬المرورية‭ ‬بينهما‭ ‬ممتنعة‭. ‬فهل‭ ‬رافق‭ ‬التقسيمَ‭ ‬تصوّرٌ‭ ‬يتدارك‭ ‬على‭ ‬المانع؟‭. ‬لا‭ ‬أثَرَ‭ ‬لذلك‭ ‬إنجازا‭ ‬ولا‭ ‬تخطيطا،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬ينطلق‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬بقية‭ ‬الأقاليم‭ ‬وبين‭ ‬ولاياتها‭.‬

وأمّا‭ ‬أنّ‭ ‬هذا‭ ‬التقسيمَ‭ ‬هو‭ ‬شأن‭ ‬الكافة‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬فلأنّ‭ ‬طابعه‭ ‬المركب‭ ‬تتقاطع‭ ‬فيه‭ ‬محاورُ‭ ‬التنمية‭ ‬والتواصل‭ ‬الإجتماعي‭ ‬والصحة‭ ‬والتعليم‭ ‬والتشغيل‭ ‬والإدارة‭. ‬ففي‭ ‬الإدارة‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬تُربك‭ ‬هذا‭ ‬التقسيمَ‭ ‬الإقليميَّ‭ ‬الترابيَّ‭ ‬التقسيماتُ‭ ‬الإدارية‭ ‬نحو‭ ‬الشرطة‭ ‬والحرس‭ ‬والشركة‭ ‬التونسية‭ ‬للكهرباء‭ ‬والغاز‭ ‬والشركة‭ ‬التونسية‭ ‬لاستغلال‭ ‬المياه‭ ‬وتوزيعها،‭ ‬فضلا‭ ‬على‭ ‬تقسيمات‭ ‬أخرى‭ ‬تتعلق‭ ‬بالمؤسسات‭ ‬المائية‭ ‬والغابات‭. ‬فهذه‭ ‬التقسيمات‭ ‬إداريةُ‭ ‬الطابع‭ ‬عمليّته،‭ ‬وقد‭ ‬ألفها‭ ‬النواطن‭. ‬لكنْ،‭ ‬حين‭ ‬تتيهُ‭ ‬هذه‭ ‬تقسيماتُ‭ ‬داخل‭ ‬تقسيم‭ ‬ترابي‭ ‬مختلف‭ ‬عنها،‭ ‬فقد‭ ‬يحتاج‭ ‬المواطن‭ ‬إلى‭”‬دليل‭ ‬أقاليم‭”.‬

إنّ‭ ‬كل‭ ‬تقسيم‭ ‬ترابي،‭ ‬وجيها‭ ‬كان‭ ‬أو‭ ‬مفتعلا،‭ ‬هو‭ ‬شأن‭ ‬مجتمع‭ ‬ودولة‭ .‬فهو‭ ‬لا‭ ‬يَنفَرِض‭ ‬بإرادة‭ ‬فردية‭ ‬تُقارب‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬المزاجيةَ‭ ‬الشخصية،‭ ‬وهي‭ ‬مزاجية‭ ‬تعيد‭ ‬على‭ ‬الورق‭ ‬صياغة‭ ‬الوقائع‭ ‬لتلائم‭ ‬قسرا‭ ‬ما‭ ‬ترى‭. ‬فعلى‭ ‬رأي‭ ‬الاستاذ‭ ‬حمادي‭ ‬بن‭ ‬جاب‭ ‬الله،‭ ‬جعل‭ ‬هذا‭ ‬التقسيمُ‭ ‬التونسيين‭” ‬في‭ ‬وضع‭ ‬الرعية‭”‬،‭ ‬فخالف‭” ‬الجدوى‭” ‬منه‭ ‬لأنه‭ “‬لم‭ ‬يكن‭ ‬موضوع‭ ‬حوار‭ ‬معمق‭ ‬بين‭ ‬التونسيين‭”.‬

5/آفاق‭ ‬التقسيم‭ ‬العدَمية

الواضح‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التقسيم‭ ‬الذي‭ ‬أصدره‭ ‬رأس‭ ‬الحكم‭ ‬،‭ ‬أمرا،‭ ‬أنه‭ ‬تقسيم‭ ‬انتخابوي،‭ ‬وأنّ‭ ‬وحدته‭ ‬الإننتخابية‭ “‬القاعدية‭” ‬هي‭ ‬العمادة‭ ‬؛‭ ‬العمادة‭ ‬التي‭ ‬يترشح‭ ‬باسمها‭ ‬المترشحون‭ ‬ترشحا‭ ‬فرديا‭ ‬خالصا‭. ‬وها‭ ‬هنا‭ ‬بؤرة‭ ‬الإشكال‭ ‬الأولى‭ ‬وقاعدته‭ ‬العدَمية‭. ‬فالترشح‭ ‬الفردي‭ ‬الوجوبي‭ ‬يقصي‭ ‬الاحزاب‭ ‬إقصاءً‭ ‬غير‭ ‬جائز‭ ‬قانونيا‭ ‬وغير‭ ‬سليم‭ ‬سياسيا‭.‬

أما‭ ‬أنه‭ ‬غير‭ ‬جائز‭ ‬قانونيا‭ ‬فاستنادا‭ ‬على‭ ‬أنّ‭ ‬مرسوم‭ ‬الأحزاب‭ ‬ينصّ‭ ‬على‭ ‬حقّها‭ ‬في‭ ‬خوض‭ ‬الإنتخابات‭ ‬وطنيا‭ ‬وجهويا‭ ‬ومحليا‭. ‬وقَصْرُ‭ ‬الترشح‭ ‬على‭ ‬الأفراد‭ ‬هو‭ ‬إقصاء‭ ‬مُلتوٍ‭ ‬للأحزاب،‭ ‬بصرف‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬أيّها‭ ‬يقدِر‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬الترشيح‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬العمادات،‭ ‬وعلى‭ ‬نيل‭ ‬ثقة‭ ‬ناخبيها،‭ ‬وبصرف‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬إشهار‭ ‬هذا‭ ‬الحزب‭ ‬أو‭ ‬ذاك‭ ‬المشاركةَ‭ ‬أو‭ ‬المقاطعة‭. ‬وإنّ‭ ‬في‭ ‬فردية‭ ‬الترشح‭ ‬الوجوبية‭ ‬مصادرةً‭ ‬على‭ ‬حق‭ ‬المواطنين‭ ‬في‭ ‬التنظم‭ ‬الحزبي،‭ ‬وعلى‭ ‬حقهم‭ ‬في‭ ‬الترشح‭ ‬بإسم‭ ‬الأفكار‭ ‬التي‭ ‬بمقتضاها‭ ‬انتسبوا‭ ‬إلى‭ ‬الأحزاب‭ ‬وقرّروا‭ ‬أن‭ ‬يترشحوا‭ ‬باسمها‭.‬

وإنّ‭ ‬في‭ ‬استبعاد‭ ‬الترشح‭ ‬باسم‭ ‬الأحزاب‭ ‬استبعادا‭  ‬للإستصفاء‭ ‬المسبق‭ ‬للمترشحين،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيترك‭ ‬فراغا‭ ‬ستشغله‭ ‬على‭ ‬الأرجح‭ ‬ترشّحاتُ‭ ” ‬زعيط‭ ‬ومعيط‭ ‬ونقّاز‭ ‬الحيط‭”. ‬ففي‭ “‬الإنتخابات‭ ‬التشريعية‭” ‬الأخيرة،‭ ‬وقد‭ ‬كانت‭ ‬الدائرة‭ ‬الإنتاخبية‭ ‬أوسع‭ ‬وكان‭ ‬إقصاء‭ ‬الأحزاب‭ ‬غير‭ ‬قاطع،‭ ‬تسرّب‭ ‬إلى‭ ‬البرلمان‭ ‬مَن‭ ‬تخجل‭ ‬منهم‭ ‬جدرانُه،‭ ‬فكيف‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬الدائرة‭ ‬الإنتخابية‭ ‬في‭ ‬ضيق‭ ‬العمادة‭!‬؟‭.‬

من‭ ‬المرجح‭ ‬جدا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الضيق‭ ‬الذي‭ ‬يَسهُل‭ ‬التحكمُ‭ ‬في‭ ‬إرادته‭ ‬الناخبة‭ ‬سيفسح‭ ‬مجال‭ ‬الفوز‭ “‬للوجاهات‭ ‬المحلية‭ ‬المحذوفة‭” ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تستنكف‭ ‬عن‭ ‬استعمال‭ ‬شتى‭ ‬الطرق‭ ‬لجلب‭ ‬الأصوات‭. ‬وما‭ ‬يزيد‭ ‬هذا‭ ‬الإحتمالَ‭ ‬ترجيحا‭ ‬أن‭ ‬الإقبال‭ ‬على‭ ‬الإقتراع‭ ‬سيكون‭ ‬بالعشرات‭ ‬أو‭ ‬ببضع‭ ‬المئات،‭ ‬سواء‭ ‬استئناسا‭ ‬بالكيانات‭ ‬التي‭ ‬أعلنت‭ ‬المقاطعة‭ ‬أو‭ ‬استئناسا‭ ‬بازورار‭ ‬المواطنين‭ ‬عمّا‭ ‬يرسم‭ ‬رأسُ‭ ‬الحكم،‭ ‬وبانشغالهم‭ ‬بأعباء‭ ‬الحياة‭ ‬التي‭ ‬ثقُلَت‭ ‬عليهم‭ ‬‭.‬

كل‭ ‬ذلك‭ ‬يجزم‭ ‬مسبقا‭ ‬أن‭ ‬آفاق‭ ‬هذا‭ ‬المنهاج‭ ‬الإنتخابي‭ ‬والتقسيمي‭ ‬هي‭ ‬العدمية‭ ‬التي‭ ‬ستنضاف‭ ‬إلى‭ ‬عدمية‭ ‬الغرفة‭ ‬الأولى‭. ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الإرادة‭ ‬المحلية‭ ‬الناخبة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬ضمانة‭ ‬لحسن‭ ‬أدائها،‭ ‬ستتوقف‭ ‬ادوارُها‭ ‬عند‭ ‬الطابق‭ ‬القاعدي‭ ‬أو‭ ‬الأرضي‭ ‬من‭ ‬طوابق‭” ‬البناء‭ ‬الشاهق‭”. ‬وسيكون‭ ‬المنتخَبون‭ ‬محليا‭ ‬منتخَبين‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬عصبيات‭ ‬قبلية‭ ‬أو‭ ‬عروشية‭ ‬أو‭ ‬زبونية‭. ‬ولن‭ ‬يستطيع‭ ‬إلى‭ ‬منافسة‭ ‬هؤلاء‭ ‬سبيلا‭ ‬مَن‭ ‬سيتسلحون‭ ‬في‭ ‬ترشّحهم‭  ‬بالعِلم‭ ‬والكفاءة‭ ‬والنزاهة‭.. ‬وإن‭ ‬الفائزين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الطور‭ ‬القاعدي‭ ‬من‭ ‬الشخصيات‭ ‬المحذوفة،‭ ‬كليا‭ ‬أو‭ ‬غلبةً،‭ ‬ستكون‭ ‬منهم‭ ‬كلُّ‭ ‬الطوابق‭ ‬اللاحقة‭. ‬سيكون‭ ‬منهم‭ ‬طابق‭ ‬المعتمديات‭ ‬وطابق‭ ‬الولايات‭ ‬وطابق‭ ‬الأقاليم‭ ‬وطابق‭” ‬المجلس‭ ‬الوطني‭”. ‬سيكون‭ ‬هؤلاء‭ ‬أحجارَ‭ ‬كل‭ ‬الطوابق‭.‬

وسيكون‭ ‬اختيار‭ ‬هذا‭ ‬الحجر‭ ‬أو‭ ‬ذاك،‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الطابق‭ ‬أو‭ ‬ذاك،‭ ‬بمعيار‭ ‬القرعة،‭ ‬نعم‭ ‬القرعة‭. ‬و‭”‬بالبناء‭ ‬الشاهق‭” ‬ستتراكب‭ ‬طوابقه‭ ‬وتتعالى‭ ‬بضربات‭ ‬الحظ‭. ‬وقد‭ ‬تُفضي‭ ‬ورقة‭ ‬الحظ‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يعلوَ‭ ‬الطوابقَ‭ ‬العليا‭ ‬من‭ ‬البناء‭ “‬أزعطُ‭ ‬المزعوطين‭ ‬وأمعط‭ ‬المَمعوطين‭”. ‬وسيكون‭ ‬لهؤلاء‭ ‬فذاذةُ‭ ‬أن‭ ‬يكتسحوا‭ ‬مشاكل‭ ‬البلاد‭ ‬اكتساحا‭ ‬في‭ ‬ظرف‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر‭. ‬لأنهم،‭ ‬مقروعين،‭ ‬سيتركون‭ ‬أدوارهم‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر،‭ ‬لمقروعين‭ ‬آخرين‭ ‬وهكذا‭ ‬يستمر‭ ‬التقريع‭ ‬بينهم‭ ‬تباعا‭.‬

وعلى‭ ‬ذلك‭ ‬قس‭ ‬طابق‭ ‬الإقليم‭ ‬الذي‭ ‬سيجتمع‭ ‬أعضاؤه‭ ‬تباعا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مقر‭ ‬ولاية‭ ‬كل‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭. ‬ولم‭ ‬يضبط‭ ‬الآمرُ‭ ‬المشرعُ‭ ‬نظامَ‭ ‬التعاقب‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬ضبطا‭ ‬دقيقا‭. ‬فالقرعة‭ ‬هي‭ ‬ضمنيا‭ ‬أداة‭ ‬المعيار،‭ ‬فهي‭ ‬الحل‭ ‬والعقد‭. ‬وهي‭ ‬الضامنة‭ ‬لكون‭ ‬هؤلاء‭ ‬الجهابذة‭ ‬سيغيرون‭  ‬إلى‭ ‬الأفضل‭ ‬وجهَ‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬ظرف‭ ‬ستة‭ ‬أشهر،‭ ‬ولا‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬ضبط‭ ‬ما‭ ‬ستكون‭ ‬عليه‭ ‬صلتهم‭ ‬بالسلط‭ ‬الجهوية‭ ‬ومصالحها‭ ‬الإدارية‭. ‬فالشعار‭ ‬هو‭ ‬المثل‭ ‬الفرنسي‭: ” ‬نقرّر‭ ‬الطريق‭ ‬أثناء‭ ‬المسير‭”. ‬الحاصل،‭ ‬إني‭ ‬أرغب‭ ‬في‭ ‬البكاء‭ ‬عويلا‭ ‬وفي‭ ‬لطم‭ ‬وجهي‭ ‬لطما‭.‬

*نشر باسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 3 اكتوبر 2023


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING