الشارع المغاربي – بيان رئيس الحكومة حول الرسام توفيق عمران: ‬أخطاء‭ ‬بالجملة‭ ‬والتفصيل‭...‬/بقلم: أنس الشابي

بيان رئيس الحكومة حول الرسام توفيق عمران: ‬أخطاء‭ ‬بالجملة‭ ‬والتفصيل‭…‬/بقلم: أنس الشابي

قسم الأخبار

28 سبتمبر، 2023

الشارع المغاربي: نشرت‭ ‬رئاسة‭ ‬الحكومة‭ ‬بلاغا‭ ‬على‭ ‬صفحتها‭ ‬يتعلّق‭ ‬بالكاريكاتوريست‭ ‬توفيق‭ ‬عمران‭ ‬الذي‭ ‬أوقفته‭ ‬الشرطة‭ ‬في‭ ‬العشيّة‭ ‬وأطلقت‭ ‬سراحه‭ ‬النيابة‭ ‬ليلا‭ .‬‭ ‬وقد‭ ‬لفت‭ ‬البلاغ‭ ‬انتباهي‭ ‬لأنّنا‭ ‬لم‭ ‬نتعوّد‭ ‬تدخّل‭ ‬رئاسة‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬يتكفّل‭ ‬بها‭ ‬عادة‭ ‬المسؤولون‭ ‬عن‭ ‬الإعلام‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الداخليّة‭ ‬أو‭ ‬المحكمة‭ ‬بالتوضيح‭ ‬والتصويب،‭ ‬ولي‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬البلاغ‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬الملاحظات‭ ‬كالتالي‭:‬

‭ ‬ -1‬الخطاب‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البلاغ‭ ‬شخصيّ‭ ‬موجّه‭ ‬من‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬الذي‭ ‬ينفي‭… ‬إلى‭ ‬الكافة،‭ ‬فهو‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الناحية‭ ‬الرسالة‭ ‬الخطأ‭ ‬إلى‭ ‬العنوان‭ ‬الخطأ‭ ‬لأنّها‭ ‬لا‭ ‬تلزم‭ ‬الحكومة‭ ‬صاحبة‭ ‬الصفحة‭ ‬في‭ ‬شيء‭ ‬ولا‭ ‬تعبّر‭ ‬عن‭ ‬رأيها‭ ‬ولا‭ ‬تقدّم‭ ‬التزاما‭ ‬أو‭ ‬اقتراحا‭ ‬بل‭ ‬تحمل‭ ‬نفيا‭ ‬والنفي‭ ‬عدم‭.‬

2 – ‬ينفي‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬معرفته‭ ‬بتوفيق‭ ‬عمران‭ ‬شخصيّا‭ ‬حيث‭ ‬يقول‭ “‬ولا‭ ‬يعرف‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬صاحبها‭ )‬يقصد‭ ‬الصورة) “. ‬فمن‭ ‬حيث‭ ‬أراد‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬نفي‭ ‬اتهامه‭ ‬بالتدخل‭ ‬في‭ ‬القضية‭ ‬وضع‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬لا‭ ‬يرضاه‭ ‬أيّ‭ ‬سياسي‭ ‬لنفسه‭ ‬وهو‭ ‬نقيصة‭ ‬في‭ ‬التكوين‭ ‬المعرفي‭ ‬والسياسي‭ ‬للمهتمّ‭ ‬بالشأن‭ ‬العام‭. ‬فرسام‭ ‬الكاريكاتور‭ ‬والصحفي‭ ‬المحترم‭ ‬والفنّان‭ ‬والكاتب‭ ‬وكلّ‭ ‬من‭ ‬يهتمّ‭ ‬بصناعة‭ ‬المعنى‭ ‬أيّا‭ ‬يكون‭ ‬اسمه‭ ‬أو‭ ‬توجّهه‭ ‬السياسي‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬صنّاع‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬ممّن‭ ‬يحسب‭ ‬له‭ ‬السّاسة‭ ‬ألف‭ ‬حساب‭. ‬وبيان‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الكاريكاتور‭ ‬أوسع‭ ‬انتشارا‭ ‬من‭ ‬الكتابة‭ ‬ومن‭ ‬المسموع‭ ‬لأنّه‭ ‬يكثّف‭ ‬الحدث‭ ‬من‭ ‬مقال‭ ‬إلى‭ ‬صورة‭ ‬تُرسم‭ ‬بشكل‭ ‬يفهمه‭ ‬كلّ‭ ‬من‭ ‬رآه‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬أخذت‭ ‬الأمية‭ ‬في‭ ‬الانتشار‭ ‬فيه‭ ‬بعد‭ ‬أحداث‭ ‬2011،‭ ‬إذ‭ ‬من‭ ‬شروط‭ ‬نجاح‭ ‬السياسي‭ ‬لأداء‭ ‬مهامه‭ ‬على‭ ‬أكمل‭ ‬الوجوه‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬على‭ ‬صلة‭ ‬ومعرفة‭ ‬دقيقة‭ ‬بالنّخب‭ ‬التي‭ ‬تؤثّر‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الثقافي‭ ‬والفني‭ ‬والسياسي‭ ‬لأنّ‭ ‬قيادة‭ ‬الدول‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬يحسن‭ ‬الإصغاء‭ ‬وتلمّس‭ ‬الحسّ‭ ‬الشعبي‭ ‬في‭ ‬كلّ‭ ‬مظاهره‭. ‬فالفنون‭ ‬ليست‭ ‬إلا‭ ‬ترجمة‭ ‬لِما‭ ‬يعتمل‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع‭.‬

‭ – 3 ‬الربط‭ ‬بين‭ ‬صكّ‭ ‬بلا‭ ‬رصيد‭ ‬ورسم‭ ‬كاريكاتوري‭ ‬غير‭ ‬مستساغ‭ ‬لأنّ‭ ‬الملاحظ‭ ‬لا‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬إعمال‭ ‬نظر‭ ‬حتى‭ ‬يتفطّن‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬المقصود‭ ‬بالعمليّة‭ ‬كلّها‭ ‬الرسم،‭ ‬وإلا‭ ‬ما‭ ‬الدّاعي‭ ‬للإسراع‭ ‬بإلقاء‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬الرجل‭ ‬وانتظاره‭ ‬أمام‭ ‬بيته‭. ‬هل‭ ‬هناك‭ ‬مبرّر‭ ‬واحد‭ ‬لِما‭ ‬وقع‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬للسياسة‭ ‬دور‭ ‬في‭ ‬المسألة‭ ‬برمّتها؟‭ ‬ثم‭ ‬هل‭ ‬تُرسل‭ ‬الدوريات‭ ‬الى‭ ‬أصحاب‭ ‬الصكوك‭ ‬بلا‭ ‬رصيد‭ ‬لإلقاء‭ ‬القبض‭ ‬عليهم؟‭ ‬رجاء‭ ‬لا‭ ‬تستخفّوا‭ ‬بعقولنا‭.‬

4 – ‬التذكير‭ ‬بالفصل‭ ‬49‭ ‬من‭ ‬دستور‭ ‬2022‭ ‬المتعلّق‭ ‬بحرية‭ ‬الإبداع‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬مشمولات‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬ولا‭ ‬هو‭ ‬مُطالب‭ ‬بالتذكير‭ ‬به‭ ‬إنّما‭ ‬المطلوب‭ ‬منه‭ ‬أن‭ ‬يُفَعّل‭ ‬الفصل‭ ‬ويطبّقه‭ ‬ويعاقب‭ ‬منظوريه‭ ‬ممّن‭ ‬خالفوه‭ ‬وتجاوزوا‭ ‬حدود‭ ‬المسموح‭ ‬به‭ ‬قانونيّا‭. ‬كنت‭ ‬أنتظر‭ ‬أن‭ ‬يأذن‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬بفتح‭ ‬بحث‭ ‬حول‭ ‬الأمر‭ ‬بإيقاف‭ ‬الرسّام‭ ‬خصوصا‭ ‬اذا‭ ‬اخذنا‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬أنّ‭ ‬النيابة‭ ‬العموميّة‭ ‬أفرجت‭ ‬عنه‭ ‬بعد‭ ‬ساعات‭ ‬قليلة‭ ‬من‭ ‬إيقافه‭.‬

‭  -5 ‬القول‭ ‬بأنّ‭ ‬تقدير‭ ‬رئاسة‭ ‬الحكومة‭ ‬بخصوص‭ ‬الرسم‭ ‬يخالف‭ ‬التقدير‭ ‬القانوني‭ ‬للنيابة‭ ‬العمومية‭ ‬يكشف‭ ‬أنّ‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬السلطتين‭ ‬التنفيذيّة‭ ‬والقضائيّة‭ ‬ملتبسة‭. ‬فبأيّ‭ ‬حقّ‭ ‬تسمح‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذيّة‭ ‬لنفسها‭ ‬بإبداء‭ ‬رأي‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬قانونية‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬اختصاصات‭ ‬وأنظار‭ ‬القضاء؟‭.‬

‭  -6 ‬ختمت‭ ‬رئاسة‭ ‬الحكومة‭ ‬بيانها‭ ‬بالحديث‭ ‬عن‭ ‬الأراجيف‭ ‬والأكاذيب‭ ‬وهي‭ ‬بذلك‭ ‬تردّ‭ ‬على‭ ‬خصوم‭ ‬حكم‭ ‬25‭ ‬جويلية،‭ ‬والحال‭ ‬أنّ‭ ‬الحكومة‭ ‬مطالبة‭ ‬بالفعل‭ ‬والصدق‭ ‬فيه‭ ‬وليست‭ ‬مطالبة‭ ‬بالردّ‭ ‬على‭ ‬الأقاويل‭ ‬أو‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬مساجلات‭ ‬ونقاشات‭ ‬لا‭ ‬طائل‭ ‬من‭ ‬ورائها‭.‬

غير‭ ‬أنّ‭ ‬الأهم‭ ‬في‭ ‬الموضوع‭ ‬كلّه‭ ‬أنّه‭ ‬يكشف‭ ‬عن‭ ‬أزمة‭ ‬يعيشها‭ ‬حكم‭ ‬25‭ ‬جويلية‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬الى‭ ‬حدّ‭ ‬الآن‭ ‬أن‭ ‬يكوّن‭ ‬حزاما‭ ‬سياسيّا‭ ‬وثقافيّا‭ ‬من‭ ‬أسماء‭ ‬وشخصيّات‭ ‬ذات‭ ‬وزن‭ ‬ومصداقيّة‭ ‬داخل‭ ‬البلاد‭ ‬لخلل‭ ‬في‭ ‬التصوّر‭ ‬لديه‭. ‬وبيان‭ ‬ذلك‭ ‬أنّ‭ ‬المعركة‭ ‬داخل‭ ‬البلاد‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬2011‭ ‬دائرة‭ ‬وإلى‭ ‬حدّ‭ ‬الساعة‭ ‬بين‭ ‬قوى‭ ‬مدنيّة‭ ‬وجمهوريّة‭ ‬متنوّعة‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬وقوى‭ ‬أخرى‭ ‬إسلامية‭ ‬بمختلف‭ ‬تلويناتها‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭. ‬ولم‭ ‬تحسم‭ ‬هذه‭ ‬المعركة‭ ‬لصالح‭ ‬أيّ‭ ‬من‭ ‬الطرفين،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وصلنا‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬الموعود‭ ‬الذي‭ ‬أُغلق‭ ‬فيه‭ ‬البرلمان‭ ‬والتفّت‭ ‬فيه‭ ‬القوى‭ ‬المدنيّة‭ ‬جميعها‭ ‬حول‭ ‬قرار‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬إلا‭ ‬أنّ‭ ‬أملها‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬خاب‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬عاد‭ ‬الرئيس‭ ‬إلى‭ ‬ممارسة‭ ‬السياسات‭ ‬السابقة‭. ‬وقد‭ ‬ظهر‭ ‬ذلك‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬الفصل‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬الدستور‭ ‬المتعلّق‭ ‬بمقاصد‭ ‬الشريعة‭ ‬وفي‭ ‬غيرها‭. ‬هذه‭ ‬الخيبة‭ ‬أدّت‭ ‬إلى‭ ‬انفضاض‭ ‬التجمّع‭ ‬الذي‭ ‬تكوّن‭ ‬حول‭ ‬حكم‭ ‬25‭ ‬جويلية‭ ‬فانتقل‭ ‬المساندون‭ ‬يومها‭ ‬إلى‭ ‬صفوف‭ ‬المعارضة،‭ ‬والأسماء‭ ‬كثيرة‭ ‬تندّ‭ ‬عن‭ ‬الحصر‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬ساحة‭ ‬الحكم‭ ‬قفراء‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬الرموز‭ ‬والأشخاص‭ ‬التي‭ ‬تمثّل‭ ‬خميرة‭ ‬الذكاء‭ ‬التونسي‭ ‬من‭ ‬فنانين‭ ‬ورسامين‭ ‬وكتاب‭ ‬وممثلين‭ ‬وغيرهم‭ ‬من‭ ‬صنّاع‭ ‬المعرفة‭ ‬والبهجة‭. ‬اليوم‭ ‬يعيش‭ ‬الحكم‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الاغتراب‭ ‬والغربة‭ ‬والتوهان‭ ‬اذ‭ ‬ان‭ ‬الشعارات‭ ‬التي‭ ‬يرفعها‭ ‬لا‭ ‬تترجم‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬لأنّه‭ ‬مصرّ‭ ‬على‭ ‬الإبقاء‭ ‬على‭ ‬خيارات‭ ‬المنظومة‭ ‬التي‭ ‬أدّت‭ ‬بالبلاد‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬هوان‭ ‬فلا‭ ‬هو‭ ‬اتخذ‭ ‬من‭ ‬القرارات‭ ‬ما‭ ‬يؤكّد‭ ‬أنّ‭ ‬مواجهته‭ ‬للإسلام‭ ‬السياسي‭ ‬جدية‭ ‬ولا‭ ‬هو‭ ‬أعلن‭ ‬صراحة‭ ‬أنّه‭ ‬يتبع‭ ‬خطوات‭ ‬أسلافه‭ ‬في‭ ‬عشريّة‭ ‬الخراب‭ ‬فبقي‭ ‬في‭ ‬منزلة‭ ‬بين‭ ‬المنزلتين‭. ‬ولأنّ‭ ‬المثقّف‭ ‬الوطني‭ ‬لا‭ ‬يقبل‭ ‬أنصاف‭ ‬الحلول‭ ‬فقد‭ ‬خلت‭ ‬الساحة‭ ‬منهم‭ ‬حول‭ ‬حكم‭ ‬25‭ ‬جويلية‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يلحظه‭ ‬المرء‭ ‬في‭ ‬هوان‭ ‬الذين‭ ‬يدّعون‭ ‬مساندته‭ ‬والدفاع‭ ‬عنه‭ ‬ممّن‭ ‬تحوّل‭ ‬خطابهم‭ ‬إلى‭ ‬هزء‭ ‬وسخرية‭ ‬بهم‭ ‬وبالحكم‭ ‬لدى‭ ‬العامة‭. ‬فهل‭ ‬يعقل‭ ‬ألا‭ ‬يجد‭ ‬الحكم‭ ‬من‭ ‬يدافع‭ ‬عنه‭ ‬ويروّج‭ ‬لخياراته‭ ‬غير‭ ‬مأجوري‭ ‬وكالة‭ ‬الاتصال‭ ‬الخارجي‭ ‬ومن‭ ‬شابههم‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬صغار‭ ‬العقول‭ ‬والأحلام؟‭ ‬لكلّ‭ ‬حاكم‭ ‬أدواته‭ ‬لصياغة‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬والتأثير‭ ‬فيه‭ ‬أيا‭ ‬كانت‭ ‬خياراته‭ ‬السياسية‭. ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬لهتلر‭ ‬مثقّفوه‭ ‬ولديغول‭ ‬كذلك‭ ‬ولعبد‭ ‬الناصر‭ ‬رموزه‭ ‬وأصواته‭ ‬ولبورقيبة‭ ‬مثقّفوه‭ ‬وشعراؤه‭ ‬وفنانوه‭ ‬الذين‭ ‬دافعوا‭ ‬عنه‭ ‬وعن‭ ‬سياساته‭ ‬وصنعوا‭ ‬لنا‭ ‬زمنا‭ ‬جميلا‭ ‬ما‭ ‬زلنا‭ ‬لحد‭ ‬الآن‭ ‬ننهل‭ ‬منه‭ ‬لتهذيب‭ ‬الأذواق‭ ‬وإغناء‭ ‬المواهب‭. ‬أمّا‭ ‬حكم‭ ‬25‭ ‬جويلية‭ ‬فقد‭ ‬سعى‭ ‬جاهدا‭ ‬إلى‭ ‬طرد‭ ‬كلّ‭ ‬من‭ ‬أراد‭ ‬المساهمة‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬النظام‭ ‬الجمهوري‭ ‬ومؤسّساته‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬محافظته‭ ‬ودفاعه‭ ‬المستميت‭ ‬عن‭ ‬خصوم‭ ‬الدولة‭ ‬المدنيّة‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬حزب‭ ‬التحرير‭ ‬وبؤرة‭ ‬القرضاوي‭ ‬ورابطة‭ ‬تونس‭ ‬للتعدّد‭ ‬والثقافة‭ ‬وغيرها‭ ‬ولم‭ ‬يجد‭ ‬من‭ ‬يمكنه‭ ‬أن‭ ‬يملأ‭ ‬الفراغ‭ ‬ويسدّ‭ ‬ما‭ ‬انخرم‭ ‬في‭ ‬خطابه‭ ‬من‭ ‬التردّد‭ ‬وعدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الحسم‭ ‬سوى‭ ‬الكراكير‭ )‬جمع‭ ‬على‭ ‬غير‭ ‬قياس‭ ‬للفظ‭ ‬الأعجمي‭ ‬كرونيكور‭( ‬الذين‭ ‬ملؤوا‭ ‬الساحة‭ ‬بالساقط‭ ‬من‭ ‬القول‭ ‬وبالهذر‭ ‬وبالأكاذيب‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يصدّقها‭ ‬حتى‭ ‬صغار‭ ‬الأحلام‭. ‬وما‭ ‬هذا‭ ‬البلاغ‭ ‬إلا‭ ‬الترجمة‭ ‬الحرفية‭ ‬والصادقة‭ ‬لغربة‭ ‬حكم‭ ‬25‭ ‬جويلية‭ ‬واغترابه‭ ‬عن‭ ‬النخب‭ ‬التونسيّة‭ ‬التي‭ ‬قلب‭ ‬لها‭ ‬ظهر‭ ‬المجن‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭. ‬قال‭ ‬طرفة‭ ‬ابن‭ ‬العبد‭ ‬في‭ ‬وصف‭ ‬حاله‭ ‬الذي‭ ‬يشبه‭ ‬حال‭ ‬الحكم‭ ‬لدينا‭:‬

إِلى‭ ‬أَنْ‭ ‬تَحامَتْني‭ ‬الْعَشيرَةُ‭ ‬كُلّهَا.

*نشر باسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 26 سبتمبر 2023


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING