الشارع المغاربي – تهديدات‭ ‬معلنة‭ ‬ومبطنة‭ ‬لمجلة‭ ‬الأحوال‭ ‬الشخصية / بقلم: أنس الشابي

تهديدات‭ ‬معلنة‭ ‬ومبطنة‭ ‬لمجلة‭ ‬الأحوال‭ ‬الشخصية / بقلم: أنس الشابي

قسم الأخبار

10 يونيو، 2023

الشارع المغاربي: حققت‭ ‬دولة‭ ‬الاستقلال‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المكاسب‭ ‬التي‭ ‬تخصّ‭ ‬الأسرة‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬مجلة‭ ‬الأحوال‭ ‬الشخصيّة‭ ‬بما‭ ‬ورد‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬أحكام‭ ‬وفّرت‭ ‬الظروف‭ ‬المثلى‭ ‬لتربية‭ ‬الأبناء‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬وحفظ‭ ‬كرامة‭ ‬المرأة‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭. ‬ومنذ‭ ‬صدورها‭ ‬إلى‭ ‬يوم‭ ‬الناس‭ ‬هذا‭ ‬لم‭ ‬تتوقف‭ ‬الحركات‭ ‬التي‭ ‬تخلط‭ ‬الدين‭ ‬بالسياسة‭ ‬عن‭ ‬التهجّم‭ ‬عليها‭ ‬والدعوة‭ ‬إلى‭ ‬إلغائها‭. ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الطلب‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يمرّ‭ ‬لوجود‭ ‬معارضة‭ ‬شديدة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬لأنه‭ ‬يمثل‭ ‬نكوصا‭ ‬وتراجعا‭ ‬عن‭ ‬المكتسبات‭ ‬لجأ‭ ‬خصومها‭ ‬إلى‭ ‬محاولة‭ ‬إلغائها‭ ‬عبر‭ ‬المطالبة‭ ‬بإلغاء‭ ‬بعض‭ ‬فصولها‭. ‬فتارة‭ ‬يدعون‭ ‬إلى‭ ‬تعدّد‭ ‬الزوجات‭ ‬وأخرى‭ ‬يشيعون‭ ‬بأن‭ ‬الطلاق‭ ‬حقّ‭ ‬للرجل‭ ‬وبأن‭ ‬نقله‭ ‬إلى‭ ‬المحكمة‭ ‬كفر‭ ‬بشرع‭ ‬الله‭ ‬وآخرون‭ ‬ينشرون‭ ‬بين‭ ‬الناس‭ ‬أن‭ ‬التبني‭ ‬مثلما‭ ‬نصّت‭ ‬عليه‭ ‬المجلة‭ ‬حرام‭. ‬ولأن‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬المجلة‭ ‬اليوم‭ ‬يستلزم‭ ‬معرفة‭ ‬الأرضيّة‭ ‬التي‭ ‬يقف‭ ‬عليها‭ ‬الخصوم‭ ‬والأسس‭ ‬التي‭ ‬بني‭ ‬عليها‭ ‬خطابهم‭ ‬المناوئ‭ ‬فقد‭ ‬اتبعت‭ ‬الحركة‭ ‬الإسلاميّة‭ ‬الخطة‭ ‬التالية‭ ‬في‭ ‬إظهار‭ ‬معارضتها‭ ‬لها‭ ‬حسب‭ ‬الظرف‭ ‬السياسي‭ ‬ويظهر‭ ‬ذلك‭ ‬في‭:‬

1) ‬في‭ ‬سنواتها‭ ‬الأولى‭ ‬لم‭ ‬تتجرأ‭ ‬الحركة‭ ‬الإخوانية‭ ‬على‭ ‬إعلان‭ ‬معارضتها‭ ‬للمجلة‭ ‬لأنها‭ ‬كانت‭ ‬خطا‭ ‬أحمر‭ ‬بالنسبة‭ ‬للزعيم‭. ‬لذا‭ ‬تعمّدت‭ ‬القدح‭ ‬في‭ ‬الأرضية‭ ‬الفكريّة‭ ‬التي‭ ‬صدرت‭ ‬عنها‭ ‬والتشكيك‭ ‬في‭ ‬خطاب‭ ‬دعاة‭ ‬تحرير‭ ‬المرأة‭. ‬فعلت‭ ‬ذلك‭ ‬بشكل‭ ‬متخفّ‭ ‬ومتباعد‭ ‬في‭ ‬الزمن‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬مجلة‭ “‬المعرفة‭” ‬نشرت‭ ‬سنة‭ ‬1979‭ ‬نصّا‭ ‬لمحمّد‭ ‬الصالح‭ ‬النيفر‭ ‬ادّعى‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬كتاب‭ ‬الطاهر‭ ‬الحداد‭ ‬عن‭ ‬المرأة‭ ‬وتحريرها‭ ‬طبعه‭ ‬القسّ‭ ‬سلام‭ ‬وروّجه‭ ‬الآباء‭ ‬البيض‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬الدعوة‭ ‬لتحرير‭ ‬المرأة‭ ‬ليست‭ ‬إلا‭ ‬نبتا‭ ‬كنسيّا‭ ‬دعا‭ ‬إليه‭ ‬ورعاه‭ ‬الصليبيّون‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الحدّاد‭ ‬كافر‭ ‬ومرتدّ‭ ‬وجب‭ ‬طرده‭ ‬من‭ ‬الملّة‭ ‬واستتابته‭ ‬مستشهدا‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بقول‭ ‬لعبد‭ ‬الحميد‭ ‬ابن‭ ‬باديس‭(‬1‭). ‬أما‭ ‬راشد‭ ‬الغنوشي‭ ‬الذي‭ ‬تحدّث‭ ‬عن‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬كتابين‭ ‬له‭ ‬فإنه‭ ‬لم‭ ‬يذكر‭ ‬الطاهر‭ ‬الحدّاد‭ ‬إلا‭ ‬مرّة‭ ‬واحدة‭ ‬وفي‭ ‬معرض‭ ‬الشّتم‭ ‬قال‭: “‬والتهجّم‭ ‬على‭ ‬العراء‭ ‬والاختلاط‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭ ‬وعلى‭ ‬عمل‭ ‬المرأة‭ ‬المأجور‭ ‬خارج‭ ‬البيت‭ ‬وعلى‭ ‬كتابات‭ ‬الحدّاد‭ ‬كانت‭ ‬تلك‭ ‬أهمّ‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬شغلت‭ ‬الأدبيّات‭ ‬الإسلاميّة‭ ‬في‭ ‬المسألة‭ ‬النسائيّة‭”(‬2‭).‬

2) ‬بسبب‭ ‬مرض‭ ‬الزعيم‭ ‬واحتداد‭ ‬الصراع‭ ‬على‭ ‬خلافته‭ ‬سمح‭ ‬الوزير‭ ‬الأوّل‭ ‬محمد‭ ‬مزالي‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬جمع‭ ‬الأنصار‭ ‬حوله‭ ‬لحركة‭ ‬الاتجاه‭ ‬الإسلامي‭ ‬بالنشاط‭ ‬وطبع‭ ‬وترويج‭ ‬المنشورات‭ ‬والظهور‭ ‬العلني‭ ‬بصفاتهم‭ ‬حيث‭ ‬تجرّأت‭ ‬الحركة‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬وشكّـكت‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬الأحوال‭ ‬الشخصيّة‭ ‬علنا‭. ‬ففي‭ ‬ندوة‭ ‬صحفيّة‭ ‬عقدتها‭ ‬الحركة‭ ‬في‭ ‬6‭ ‬جوان‭ ‬1985‭ ‬بمناسبة‭ ‬إحياء‭ ‬ذكرى‭ ‬تأسيسها‭ ‬تحدث‭ ‬مورو‭ ‬عن‭ ‬مجلة‭ ‬الاحوال‭ ‬الشخصية‭ ‬بحضور‭ ‬الغنوشي‭ ‬وقال‭: “‬من‭ ‬هي‭ ‬جماهير‭ ‬الشعب‭ ‬التي‭ ‬قرّرت‭ ‬عام‭ ‬1957؟،‭ ‬من‭ ‬قرّر‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬الأحوال‭ ‬الشخصيّة‭ ‬وفرضها‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬التونسي؟‭ ‬هو‭ ‬فرد‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬واحد‭ ‬فرض‭ ‬القضية‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭… ‬ودعوتنا‭ ‬كإسلاميّين‭ ‬إلى‭ ‬تكوين‭ ‬مجلس‭ ‬وطني‭ ‬للإنكباب‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬التي‭ ‬يتآكل‭ ‬جراءها‭ ‬كلّ‭ ‬المجتمع‭… ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬فرض‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نعتبر‭ ‬قضية‭ ‬مجلة‭ ‬الأحوال‭ ‬الشخصيّة‭ ‬مفصولا‭ ‬فيها‭ ‬انتهت‭ ‬وتمّت‭. ‬في‭ ‬تونس‭ ‬لا‭ ‬يتجرّأ‭ ‬أحد‭ ‬على‭ ‬رفع‭ ‬عقيرته‭ ‬بالدعوة‭ ‬إلى‭ ‬مراجعة‭ ‬هذه‭ ‬المجلة‭ ‬لماذا؟‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬المجلة‭ ‬تقدميّة‭ ‬خلي‭ ‬الشعب‭ ‬يؤيّدها‭ ‬ويؤيّدها‭ ‬التقدميّون‭”(‬3‭) ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬لنشر‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬الداعي‭ ‬إلى‭ ‬الاستفتاء‭ ‬على‭ ‬المجلة‭ ‬الوقع‭ ‬الشديد‭ ‬لخطورته‭ ‬حيث‭ ‬واجهته‭ ‬النخبة‭ ‬وسفّهته‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الحركة‭ ‬إلا‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬صنيعها‭ ‬بالتكذيب‭ ‬والقول‭ ‬بأن‭ ‬الكلام‭ ‬أخرج‭ ‬عن‭ ‬سياقه‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬بمجلة‭ “‬الموقف‭” ‬إلى‭ ‬النشر‭ ‬الحرفي‭ ‬لِما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬الندوة،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬عبد‭ ‬الفتاح‭ ‬مورو‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬ذُكر‭ ‬إلا‭ ‬الناقل‭ ‬الوفيّ‭ ‬لِما‭ ‬كتب‭ ‬رئيس‭ ‬الحركة‭ ‬سنة‭ ‬1984‭ ‬في‭ ‬وثيقة‭ ‬من‭ ‬وثائقهم‭ ‬السرية‭ ‬التي‭ ‬نشرت‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬بعد،‭ ‬قال‭: “‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬فإن‭ ‬خطورة‭ ‬هذه‭ ‬المجلة‭ ‬كما‭ ‬أكدنا‭ ‬في‭ ‬موضع‭ ‬آخر‭ ‬لا‭ ‬تكمن‭ ‬أساسا‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬نصوصها‭ ‬التي‭ ‬أُسقطت‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬إسقاطا‭ ‬بلا‭ ‬دراسة‭ ‬متأنّية‭ (‬مثل‭ ‬إباحة‭ ‬التبني‭)… ‬وإنما‭ ‬تكمن‭ ‬خطورتها‭ ‬أساسا‭ ‬في‭ ‬الموجة‭ ‬التي‭ ‬صاحبتها‭ ‬وسبقتها‭ ‬ولحقتها‭ ‬وساهمت‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬إلهاب‭ ‬نارها‭ ‬أعني‭ ‬موجة‭ ‬التغريب‭”(‬4‭) ‬مختتما‭ ‬ما‭ ‬ذكر‭ ‬بقوله‭: “‬إن‭ ‬المجلة‭ ‬البورقيبية‭ ‬المعروفة‭ ‬بمجلة‭ ‬الأحوال‭ ‬الشخصية‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬حفّ‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬أجواء‭ ‬استجابة‭ ‬لاوطنيّة‭ ‬لمطالب‭ ‬وطنيّة‭”(‬5‭). ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬المعنى‭ ‬يقول‭ ‬الجورشي‭: “‬إن‭ ‬كلّ‭ ‬المكاسب‭ ‬تقريبا‭ ‬التي‭ ‬تحصلت‭ ‬عليها‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬نتيجة‭ ‬نضالات‭ ‬خاضتها‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬بدايتها‭ ‬إلى‭ ‬نهايتها،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تتويجا‭ ‬لصراع‭ ‬سابق‭ ‬ولكن‭ ‬كانت‭ ‬هدية‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬المثقفة‭ ‬والمتأثرة‭ ‬بالغرب‭ ‬والتي‭ ‬وجدت‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬المسؤولية‭ ‬والقرار‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭”(‬6‭). ‬وبيّنٌ‭ ‬مما‭ ‬ذكر‭ ‬أن‭ ‬عداء‭ ‬الحركة‭ ‬الإسلامية‭ ‬لمجلة‭ ‬الأحوال‭ ‬الشخصيّة‭ ‬يصدر‭ ‬أساسا‭ ‬عن‭ ‬قناعة‭ ‬بأنها‭ ‬ليست‭ ‬إلا‭ ‬نتاجا‭ ‬غربيا‭ ‬استوردته‭ ‬النخبة‭ ‬التي‭ ‬قادت‭ ‬الحركة‭ ‬الاستقلاليّة‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬عادته‭. ‬يقول‭ ‬الجورشي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المعنى‭: “‬إن‭ ‬تمسكنا‭ ‬بالخط‭ ‬القانوني‭ ‬العام‭ ‬الذي‭ ‬تضمّنته‭ ‬مجلة‭ ‬الأحوال‭ ‬الشخصية‭ ‬ينبع‭ ‬من‭ ‬أرضية‭ ‬ثقافيّة‭ ‬وسياسيّة‭ ‬مغايرة‭ ‬لأرضيّة‭ ‬السلطة‭ ‬وخطابها‭.(‬7‭)” ‬وغاب‭ ‬عنهما‭ ‬أن‭ ‬مسألة‭ ‬تحرّر‭ ‬المرأة‭ ‬كانت‭ ‬شاغلا‭ ‬من‭ ‬شواغل‭ ‬النخبة‭ ‬المستنيرة‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬صدور‭ ‬كتاب‭ ‬الحداد‭. ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الشيخ‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬الثعالبي‭ ‬في‭ ‬لمحة‭ ‬ذكيّة‭ ‬رفض‭ ‬تعدّد‭ ‬الزوجات‭ ‬استنادا‭ ‬إلى‭ ‬الأحكام‭ ‬الشرعية‭ ‬ذاتها‭. ‬فعند‭ ‬حديثه‭ ‬عن‭ ‬الميراث‭ ‬تعرّض‭ ‬إلى‭ ‬الحكمة‭ ‬من‭ ‬إقرار‭ ‬نصيب‭ ‬ثابت‭ ‬للزوجة‭ ‬كأن‭ ‬يكون‭ ‬الربع‭ ‬أو‭ ‬الثمن‭ ‬تقتسمه‭ ‬مع‭ ‬غيرها‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬التعدّد‭ ‬ولم‭ ‬يفرض‭ ‬عليهنّ‭ ‬تعالى‭ ‬أنصبة‭ ‬حسب‭ ‬عددهن،‭ ‬فنصيب‭ ‬الزوجة‭ ‬واحد‭ ‬وإن‭ ‬تعدّدت‭. ‬قال‭ ‬الشيخ‭: “‬الحكمة‭ ‬ظاهرة‭ ‬لِمن‭ ‬يتدبّر‭ ‬المقاصد‭ ‬الإلهية‭ ‬وهي‭ ‬تعليمنا‭ ‬وإرشادنا‭ ‬إلى‭ ‬الأصل‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نجري‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬الزوجيّة‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬للرجل‭ ‬امرأة‭ ‬واحدة‭ ‬وإنما‭ ‬أباح‭ ‬للرجل‭ ‬أن‭ ‬يتزوّج‭ ‬اثنتين‭ ‬إلى‭ ‬أربع‭ ‬على‭ ‬المعتمد‭ ‬بشرطه‭ ‬المضيّق‭… ‬لأن‭ ‬التعدّد‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬الشارع‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬النادرة‭ ‬غير‭ ‬المقصودة‭ ‬فلم‭ ‬يراعه‭ ‬في‭ ‬أحكامه،‭ ‬والأحكام‭ ‬إنما‭ ‬توضع‭ ‬لِما‭ ‬هو‭ ‬الأصل‭ ‬الذي‭ ‬عليه‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬الغالب،‭ ‬والنادر‭ ‬لا‭ ‬حكم‭ ‬له‭”(‬8‭)‬،‭ ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬م‭ ‬أش‭ ‬مستمدّة‭ ‬أساسا‭ ‬من‭ ‬اللائحة‭ ‬التي‭ ‬أعدّها‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬العزيز‭ ‬جعيط‭ ‬أيام‭ ‬كان‭ ‬وزيرا‭ ‬للعدل‭ ‬وصدرت‭ ‬بعد‭ ‬موافقته‭ ‬وموافقة‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬الطاهر‭ ‬ابن‭ ‬عاشور‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ينفي‭ ‬عنها‭ ‬مخالفة‭ ‬أحكام‭ ‬الأحوال‭ ‬الشخصيّة‭ ‬الإسلامية‭ ‬فإن‭ ‬الحركة‭ ‬لم‭ ‬تتوقف‭ ‬عن‭ ‬معاداتها‭ ‬والتشهير‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬يوم‭ ‬الناس‭ ‬هذا‭ ‬بقصد‭ ‬إلغائها‭ ‬تمهيدا‭ ‬لأخونة‭ ‬المجتمع،‭ ‬تلك‭ ‬هي‭ ‬الأرضية‭ ‬الفكرية‭ ‬التي‭ ‬تصدر‭ ‬عنها‭ ‬الحركة‭ ‬ونجدها‭ ‬مبثوثة‭ ‬في‭ ‬ثنايا‭ ‬منشوراتهم‭ ‬ومنشورات‭ ‬حلفائهم،‭  ‬أما‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬الغنوشي‭ ‬بعد‭ ‬تغيير‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬نوفمبر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬المجلة‭: “‬مندرجة‭ ‬ضمن‭ ‬الاجتهاد‭ ‬داخل‭ ‬المنظومة‭ ‬الفقهية‭ ‬الإسلاميّة‭”(‬9‭). ‬فلا‭ ‬يعتدّ‭ ‬به‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬له‭ ‬بحقيقة‭ ‬موقفه‭ ‬وموقف‭ ‬حركته‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬منجز‭ ‬لدولة‭ ‬الاستقلال،‭ ‬بعد‭ ‬سنة‭ ‬2011‭ ‬عادت‭ ‬الحركة‭ ‬إلى‭ ‬إظهار‭ ‬معاداتها‭ ‬للمرأة‭ ‬وللمجلة‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أنها‭ ‬وضعت‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬دستور‭ ‬2012‭ ‬أن‭ ‬المرأة‭ ‬مكمّلة‭ ‬للرجل‭ ‬ولم‭ ‬تتوقّف‭ ‬عن‭ ‬محاولات‭ ‬التراجع‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬المرأة‭ ‬تارة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تصريحات‭ ‬منتسبيها‭ ‬وتارة‭ ‬أخرى‭ ‬عبر‭ ‬حلفائها‭ ‬من‭ ‬سلفيّين‭ ‬وانتهازيّين‭ ‬وغيرهما،‭ ‬غير‭ ‬أنها‭ ‬في‭ ‬كلّ‭ ‬الأحوال‭ ‬لم‭ ‬تتمكّن‭ ‬من‭ ‬المساس‭ ‬بالمجلة‭ ‬وإن‭ ‬أفسدت‭ ‬بعض‭ ‬الدوائر‭ ‬المحيطة‭ ‬والمتمّمة‭ ‬للرعاية‭ ‬بالمرأة‭ ‬والأسرة‭ ‬كتنظيم‭ ‬النسل‭ ‬الذي‭ ‬أُخرج‭ ‬من‭ ‬اهتمامات‭ ‬من‭ ‬تسلّموا‭ ‬الحكم‭ ‬بعد‭ ‬2011‭ ‬وإنهاك‭ ‬الاتحاد‭ ‬الوطني‭ ‬للمرأة‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬الجمعيّات‭ ‬التي‭ ‬تهتم‭ ‬بالمرأة‭ ‬الريفيّة‭.‬

بقي‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬حاله‭ ‬طوال‭ ‬العشرية‭ ‬الماضية‭ ‬حيث‭ ‬بقيت‭ ‬حركات‭ ‬وجمعيات‭ ‬الخلط‭ ‬بين‭ ‬الدين‭ ‬والسياسة‭ ‬تحاول‭ ‬أخونة‭ ‬المجتمع‭ ‬عبر‭ ‬تدمير‭ ‬كلّ‭ ‬المكتسبات‭ ‬التي‭ ‬تحققت‭ ‬لفائدة‭ ‬الأسرة‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬الدفاع‭ ‬المستميت‭ ‬للقوى‭ ‬المدنيّة‭ ‬لردّ‭ ‬غائلة‭ ‬تتار‭ ‬العصر‭ ‬وهمّجه،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وصلنا‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬حكم‭ ‬25‭ ‬جويلية‭ ‬2021‭ ‬التي‭ ‬تميّزت‭ ‬بغياب‭ ‬أدبيّات‭ ‬تشرح‭ ‬وتوضّح‭ ‬ما‭ ‬عليه‭ ‬الحكم‭ ‬وما‭ ‬السياسات‭ ‬التي‭ ‬ينوي‭ ‬انتهاجها‭ ‬واكتفى‭ ‬بإصدار‭ ‬دستور‭ ‬جديد‭ ‬معتمدا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬الغموض‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬المتابعة‭ ‬اللصيقة‭ ‬لِما‭ ‬يصدر‭ ‬خصوصا‭ ‬عن‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬من‭ ‬تعاليق‭ ‬أو‭ ‬فلتات‭ ‬لسان‭ ‬كفيلة‭ ‬بتوضيح‭ ‬حقيقة‭ ‬الحكم‭ ‬وانتمائه‭ ‬للفضاء‭ ‬الإسلامي‭ ‬الحركي‭ ‬باستناده‭ ‬إلى‭ ‬نفس‭ ‬المصادر‭ ‬التي‭ ‬تنهل‭ ‬منها‭ ‬حركة‭ ‬النهضة‭ ‬وما‭ ‬شابهها‭ ‬بحيث‭ ‬يصبح‭ ‬الخلاف‭ ‬بينهما‭ ‬في‭ ‬الدرجة‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬المضمون‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬المصطلحات‭ ‬المستعملة‭ ‬لديهما‭ ‬مختلفة‭ ‬ولكنها‭ ‬تؤدي‭ ‬نفس‭ ‬المعاني‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيتضح‭ ‬في‭ ‬الأمثلة‭ ‬كالتالي‭:‬

1) ‬يعلم‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬شعار‭ ‬التنظيم‭ ‬الدولي‭ ‬للإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬يتلخص‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬الشريعة‭ ‬وهو‭ ‬الهدف‭ ‬المركزي‭ ‬الذي‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬تطبيقه‭ ‬عبر‭ ‬فروعه‭. ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الشعار‭ ‬يحيل‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬وقع‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬وأفغانستان‭ ‬وإيران‭ ‬ومع‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تحكمها‭ ‬الشريعة‭ ‬اتجه‭ ‬حكم‭ ‬25‭ ‬جويلية‭ ‬إلى‭ ‬استعمال‭ ‬لفظ‭ ‬أقلّ‭ ‬فظاظة‭ ‬وغلظة‭ ‬وهو‭ ‬تحقيق‭ ‬مقاصد‭ ‬الإسلام‭ ‬في‭ ‬ظنّ‭ ‬منه‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الاقتراح‭ ‬سوف‭ ‬يمرّ‭ ‬دون‭ ‬اعتراض‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬القوى‭ ‬المدنيّة‭ ‬تفطّنت‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الفخّ‭ ‬الذي‭ ‬نُصب‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬كلّ‭ ‬مكتسبات‭ ‬تونس‭ ‬الحديثة‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬صاحبه‭ ‬إلى‭ ‬إضافة‭ ‬نظام‭ ‬ديمقراطي‭ ‬تطبّق‭ ‬فيه‭ ‬المقاصد‭ ‬وهو‭ ‬كلام‭ ‬يضرب‭ ‬بعضه‭ ‬بعضا‭ ‬ولا‭ ‬يستقيم‭ ‬عند‭ ‬العقلاء‭ ‬لأن‭ ‬الديمقراطية‭ ‬حكم‭ ‬المجموع‭ ‬لتحقيق‭ ‬المصلحة‭ ‬العامة‭. ‬أما‭ ‬المقاصد‭ ‬فهي‭ ‬نصوص‭ ‬تطبّق‭ ‬دون‭ ‬اعتبار‭ ‬لعوامل‭ ‬الزمان‭ ‬والمكان‭ ‬والتطوّر‭ ‬الحضاري‭ ‬لأنه‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬مقاصد‭ ‬خارج‭ ‬النصوص،‭ ‬ومن‭ ‬الجدير‭ ‬بالملاحظة‭ ‬أن‭ ‬مسألة‭ ‬المقاصد‭ ‬لم‭ ‬تجد‭ ‬حظها‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬إلا‭ ‬لدى‭ ‬ما‭ ‬يسمّى‭ ‬اليسار‭ ‬الإسلامي‭ ‬الذي‭ ‬اشتهر‭ ‬بالتلبيس‭ ‬على‭ ‬خلق‭ ‬الله‭ ‬بحيث‭ ‬يختلق‭ ‬مصطلحات‭ ‬جديدة‭ ‬على‭ ‬الأذن‭ ‬للتخفيف‭ ‬من‭ ‬شناعة‭ ‬القديمة‭ ‬فالتكفير‭ ‬يغيب‭ ‬في‭ ‬خطابهم‭ ‬ليحضر‭ ‬مصطلح‭ ‬الداخل‭ ‬الثقافي‭ ‬لوصف‭ ‬المؤمنين‭ ‬والخارج‭ ‬الثقافي‭ ‬لوصف‭ ‬الكفرة‭(‬10‭). ‬وكذا‭ ‬يصبح‭ ‬تطبيق‭ ‬الشريعة‭ ‬تحقيقا‭ ‬لمقاصد‭ ‬الإسلام‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬المعنى‭ ‬يقول‭ ‬الجورشي‭: “‬فالمقاصد‭ ‬اليوم‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬تعليل‭ ‬أصولي‭ ‬للأحكام‭ ‬الشرعيّة‭ ‬وإنما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬معالم‭ ‬لاختيارات‭ ‬حضاريّة‭ ‬ومجتمعيّة‭ ‬كبرى‭ ‬تقيّد‭ ‬الممارسة‭ ‬التشريعيّة‭ ‬وتعبّئ‭ ‬كل‭ ‬طاقات‭ ‬الأمة‭ ‬تحقيقا‭ ‬لمصالحها‭ ‬الحيويّة‭ ‬والاستراتيجيّة‭”(‬11‭). ‬وانتبهوا‭ ‬مليّا‭ ‬إلى‭ ‬قوله‭ ‬تقيّد‭ ‬الممارسة‭ ‬التشريعية‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬كلّ‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بما‭ ‬ينظم‭ ‬الحياة‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مقيّدا‭ ‬بالمقاصد‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬الشريعة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬مهام‭ ‬الدولة‭ ‬أن‭ ‬تنفّذ‭ ‬كلّ‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬المدوّنة‭ ‬الفقهيّة‭ ‬من‭ ‬رجم‭ ‬وقطع‭ ‬للأيدي‭ ‬والأرجل‭ ‬بخلاف‭ ‬وأحكام‭ ‬أهل‭ ‬الذمة‭ ‬والإماء‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬الأحكام‭ ‬التي‭ ‬تجاوزها‭ ‬العصر‭ ‬ولم‭ ‬تعد‭ ‬موجودة‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬خارج‭ ‬العصر‭ ‬وخارج‭ ‬التاريخ‭ ‬كأفغانستان‭ ‬والسودان‭ ‬أيام‭ ‬النميري‭ ‬والترابي‭ ‬وإيران،‭ ‬والمستفاد‭ ‬ممّا‭ ‬ذكر‭ ‬أن‭ ‬حكم‭ ‬25‭ ‬جويلية‭ ‬تخفّى‭ ‬وراء‭ ‬مصطلح‭ ‬المقاصد‭ ‬حتى‭ ‬يمرّر‭ ‬تطبيق‭ ‬الشريعة‭.‬

2) ‬في‭ ‬مداخلاته‭ ‬خلال‭ ‬بعض‭ ‬المناسبات‭ ‬يكشف‭ ‬الرئيس‭ ‬عن‭ ‬انتمائه‭ ‬إلى‭ ‬فضاء‭ ‬الإسلام‭ ‬الحركي‭ ‬دون‭ ‬تحديد‭ ‬لجهة‭ ‬ما‭. ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬إشادته‭ ‬بشخصيات‭ ‬لم‭ ‬نعرف‭ ‬لها‭ ‬إضافة‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬الفكر‭ ‬الإسلامي‭ ‬بل‭ ‬اشتهرت‭ ‬بأنها‭ ‬تستنسخ‭ ‬القديم‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬صوره‭ ‬تطرّفا‭ ‬ويبسا،‭ ‬ففي‭ ‬استقباله‭ ‬حفظة‭ ‬القرآن‭ ‬ذكر‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭ ‬أن‭ ‬أوّل‭ ‬من‭ ‬تحدّث‭ ‬عن‭ ‬الحرية‭ ‬في‭ ‬الإسلام‭ ‬هو‭ ‬الشيخ‭ ‬الخضر‭ ‬حسين‭ ‬والحال‭ ‬أن‭ ‬محاضرة‭ ‬الشيخ‭ ‬التي‭ ‬ألقاها‭ ‬في‭ ‬جمعيّة‭ ‬قدماء‭ ‬الصادقيّة‭ ‬سنة‭ ‬1906‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬سوى‭ ‬استنساخا‭ ‬لِما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬كتب‭ ‬الفقه‭ ‬القديمة‭ ‬بخصوص‭ ‬الشورى‭ ‬والأموال‭ ‬والأعراض‭ ‬وغيرها‭ ‬ولا‭ ‬علاقة‭ ‬لها‭ ‬بمفهوم‭ ‬الحرية‭ ‬التي‭ ‬نتداولها‭ ‬اليوم‭ ‬ويُقصد‭ ‬بها‭ ‬الحقوق‭ ‬والواجبات‭ ‬التي‭ ‬للمواطن‭ ‬وعليه‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬تحكمه‭ ‬القوانين‭ ‬والانتخابات‭ ‬التي‭ ‬تضمن‭ ‬مشاركة‭ ‬الشعب‭ ‬في‭ ‬الحكم‭. ‬هذا‭ ‬المعنى‭ ‬مغيّب‭ ‬تماما‭ ‬لدى‭ ‬القدامى‭ ‬واللّبس‭ ‬يحدث‭ ‬عند‭ ‬استعمال‭ ‬المصطلح‭. ‬فالقدامى‭ ‬يستعملون‭ ‬الحرية‭ ‬مقابل‭ ‬الاستعباد‭ ‬ولدى‭ ‬المعاصرين‭ ‬ينصرف‭ ‬المعنى‭ ‬إلى‭ ‬الحقوق‭ ‬السياسيّة‭ ‬والاجتماعيّة،‭ ‬والمتأمّل‭ ‬في‭ ‬حصيلة‭ ‬مدوّنة‭ ‬الشيخ‭ ‬الخضر‭ ‬يلحظ‭ ‬أنه‭ ‬سلفي‭ ‬متطرّف‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬التطرّف،‭ ‬يدلّ‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬معارضته‭ ‬لأي‭ ‬محاولة‭ ‬للتجديد‭ ‬الديني‭ ‬أو‭ ‬الثقافي‭ ‬فقد‭ ‬نشر‭ ‬ردّا‭ ‬على‭ ‬كتاب‭ ‬طه‭ ‬حسين‭ ‬عن‭ ‬الشعر‭ ‬الجاهلي‭ ‬كما‭ ‬نشر‭ ‬ردّا‭ ‬على‭ ‬كتاب‭ ‬علي‭ ‬عبد‭ ‬الرازق‭ ‬عن‭ ‬الإسلام‭ ‬وأصول‭ ‬الحكم‭ ‬صدّره‭ ‬بإهداء‭ ‬إلى‭ ‬الملك‭ ‬فؤاد‭ ‬الأوّل‭ ‬ملك‭ ‬مصر‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يطمح‭ ‬لأن‭ ‬يصبح‭ ‬خليفة‭ ‬بعد‭ ‬إلغاء‭ ‬الخلافة‭ ‬العثمانية‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬تنحيته‭ ‬من‭ ‬مشيخة‭ ‬الأزهر‭ ‬كانت‭ ‬بسبب‭ ‬معارضته‭ ‬توحيد‭ ‬القضاء‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬والإبقاء‭ ‬على‭ ‬القضاء‭ ‬الشرعي‭. ‬أما‭ ‬الشخص‭ ‬الثاني‭ ‬الذي‭ ‬استشهد‭ ‬به‭ ‬الرئيس‭ ‬فهو‭ ‬الشيخ‭ ‬البشير‭ ‬النيفر‭. ‬ففي‭ ‬مقابلة‭ ‬له‭ ‬مع‭ ‬رئيسة‭ ‬الحكومة‭ ‬قبل‭ ‬الاستفتاء‭ ‬ظهر‭ ‬الرئيس‭ ‬وبيده‭ ‬المجلة‭ ‬الزيتونية‭ ‬مفتوحة‭ ‬على‭ ‬مقال‭ ‬عنوانه‭ “‬فصل‭ ‬الدين‭ ‬عن‭ ‬الحكومة‭”(‬12‭) ‬للشيخ‭ ‬البشير‭ ‬النيفر‭ ‬الجدّ‭ ‬للأب‭ ‬لاحميدة‭ ‬النيفر‭ ‬رئيس‭ ‬جمعية‭ ‬رابطة‭ ‬تونس‭ ‬للثقافة‭ ‬والتعدّد‭ ‬التي‭ ‬ينشط‭ ‬ضمنها‭ ‬نوفل‭ ‬شقيق‭ ‬الرئيس‭. ‬وهذه‭ ‬المقالة‭ ‬كتبها‭ ‬صاحبها‭ ‬ردّا‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬رفع‭ ‬شعار‭ ‬العلمانية‭ ‬واللائكية‭ ‬سنة‭ ‬1955‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يتم‭ ‬فيها‭ ‬الاستعداد‭ ‬لإرساء‭ ‬النظام‭ ‬الجمهوري‭ ‬جاء‭ ‬فيها‭: “‬فتكون‭ ‬الغاية‭ ‬التي‭ ‬تنتهي‭ ‬إليها‭ ‬مطمئن‭ ‬القلب‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬خطر‭ ‬يهدّد‭ ‬أحدا‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬ولا‭ ‬مصلحة‭ ‬من‭ ‬المصالح‭ ‬العامّة‭ ‬والخاصة‭ ‬أن‭ ‬تبقى‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسلامية‭ ‬على‭ ‬صبغتها‭ ‬الحقيقية‭ ‬آخذة‭ ‬بزمام‭ ‬السلطتين‭ ‬الدينيّة‭ ‬والمدنيّة،‭ ‬بل‭ ‬الخير‭ ‬كل‭ ‬الخير‭ ‬أن‭ ‬تبقى‭ ‬على‭ ‬جمعها‭ ‬الحميد‭”‬،‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الكلام‭ ‬ابن‭ ‬وقته‭ ‬والظروف‭ ‬التي‭ ‬قيل‭ ‬فيها‭ ‬وليس‭ ‬هنالك‭ ‬من‭ ‬داع‭ ‬للاستشهاد‭ ‬به‭ ‬خصوصا‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الأخير‭ ‬يحمل‭ ‬تقديرا‭ ‬وإعجابا‭ ‬بما‭ ‬ورد‭ ‬فيه‭ ‬علما‭ ‬وأن‭ ‬الشيخ‭ ‬البشير‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مقالاته‭ ‬وعددها‭ ‬محدود‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬أن‭ ‬خرج‭ ‬عن‭ ‬المتون‭ ‬أو‭ ‬جاء‭ ‬بفكرة‭ ‬مخالفة‭ ‬لِما‭ ‬استقرّ‭ ‬عليه‭ ‬المتشددون‭ ‬من‭ ‬السلف،والذي‭ ‬تهمّنا‭ ‬الإشارة‭ ‬إليه‭ ‬أن‭ ‬الاستشهاد‭ ‬بهذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الخطابات‭ ‬المغرق‭ ‬في‭ ‬الرجعية‭ ‬والتكلّس‭ ‬مكوّن‭ ‬من‭ ‬مكوّنات‭ ‬برنامج‭ ‬لم‭ ‬يصرّح‭ ‬به‭ ‬الرئيس‭ ‬ولا‭ ‬نعلم‭ ‬حقيقته‭ ‬بالتفصيل‭ ‬إلى‭ ‬الآن‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬شذرات‭ ‬تظهر‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬في‭ ‬ثنايا‭ ‬مقوله،‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬حديث‭ ‬له‭ ‬مع‭ ‬جزائرية‭ ‬لمّا‭ ‬ذهب‭ ‬إلى‭ ‬جامع‭ ‬الزيتونة‭ ‬للصلاة‭ ‬ذكر‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬الهواري‭ ‬بومدين‭ ‬درس‭ ‬في‭ ‬جامع‭ ‬الزيتونة‭ ‬قائلا‭ ‬عنه‭:”‬مشى‭ ‬نحّاوه‭ ‬للأسف‭” ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يحمل‭ ‬موقفا‭ ‬معترضا‭ ‬على‭ ‬توحيد‭ ‬التعليم‭ ‬الذي‭ ‬باشرته‭ ‬دولة‭ ‬الاستقلال‭ ‬ومحبذا‭ ‬للإبقاء‭ ‬على‭ ‬تعليم‭ ‬ديني‭ ‬خارج‭ ‬المنظومة‭ ‬التعليمية‭ ‬الرسمية‭. ‬

3) ‬منذ‭ ‬تصريحه‭ ‬الشهير‭ ‬لجريدة‭ “‬الشارع‭ ‬المغاربي‭” ‬في‭ ‬11‭ ‬جوان‭ ‬2019‭ ‬أعرب‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭ ‬عن‭ ‬نتف‭ ‬من‭ ‬مواقفه‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬القضايا‭. ‬ففي‭ ‬ما‭ ‬يخصّ‭ ‬الأحزاب‭ ‬اعتبر‭ ‬أن‭ ‬دورها‭ ‬انتهى‭ ‬وأن‭ ‬الشعب‭ ‬سينتظم‭ ‬في‭ ‬أشكال‭ ‬جديدة‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ترجمه‭ ‬بعد‭ ‬وصوله‭ ‬إلى‭ ‬الرئاسة‭ ‬إلى‭ ‬موقف‭ ‬معاد‭ ‬للأحزاب‭ ‬جميعها‭ ‬باستثناء‭ ‬العقديّة‭ ‬منها‭ ‬كحزب‭ ‬النهضة‭ ‬وحزب‭ ‬التحرير‭ ‬الذي‭ ‬عقد‭ ‬مؤتمره‭ ‬تحت‭ ‬حمايته‭ ‬ولكنه‭ ‬حاصر‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬الحزب‭ ‬الدستوري‭ ‬الحر‭ ‬بمنعه‭ ‬من‭ ‬إظهار‭ ‬اعتراضه‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يحصل،‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬يلتقي‭ ‬مع‭ ‬الغنوشي‭ ‬الذي‭ ‬يصف‭ ‬الأحزاب‭ ‬المخالفة‭ ‬له‭ ‬عقديّا‭ ‬بالأحزاب‭ ‬المذمومة‭ ‬أي‭ ‬أحزاب‭ ‬الشيطان‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يسمي‭ ‬حزبه‭ ‬بحزب‭ ‬الله‭(‬13‭). ‬أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬للجمعيّات‭ ‬الدينيّة‭ ‬المسماة‭ ‬خيريّة‭ ‬أو‭ ‬تعليميّة‭ ‬فإنها‭ ‬تجد‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬كلّ‭ ‬الرعاية‭ ‬والحماية‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬حكم‭ ‬25‭ ‬جويلية‭ ‬ولا‭ ‬أدلّ‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الحماية‭ ‬المتواصلة‭ ‬لبؤرة‭ ‬القرضاوي‭ ‬والامتناع‭ ‬عن‭ ‬فتح‭ ‬ملف‭ ‬تمويل‭ ‬هذه‭ ‬الجمعيات‭ ‬التي‭ ‬زكمت‭ ‬روائح‭ ‬الفساد‭ ‬المالي‭ ‬فيها‭ ‬الأنوف‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬ارتكابها‭ ‬جرائم‭ ‬كالتسفير‭ ‬إلى‭ ‬بؤر‭ ‬التوتر‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬يلتقي‭ ‬الرئيس‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يدعو‭ ‬إليه‭ ‬اليسار‭ ‬الإسلامي‭. ‬ففي‭ ‬رسالة‭ ‬وجهها‭ ‬احميدة‭ ‬النيفر‭ ‬إلى‭ ‬الرئيس‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬بعد‭ ‬تغيير‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬نوفمبر‭ ‬أورد‭ ‬بعض‭ ‬الاقتراحات‭ ‬من‭ ‬بينها‭: “‬التشجيع‭ ‬على‭ ‬قيام‭ ‬هيئات‭ ‬ونواد‭ ‬غير‭ ‬سياسية‭ (‬جمعيات‭ ‬خيريّة‭ / ‬اجتماعيّة‭ / ‬ثقافيّة‭)”(‬14‭). ‬وبيّنٌ‭ ‬ممّا‭ ‬ذكر‭ ‬أن‭ ‬موقف‭ ‬الرئيس‭ ‬من‭ ‬الأحزاب‭ ‬والجمعيّات‭ ‬يصبّ‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬محاصرة‭ ‬القوى‭ ‬المدنيّة‭ ‬الرافضة‭ ‬للخلط‭ ‬بين‭ ‬الدين‭ ‬والسياسة‭ ‬مقابل‭ ‬تشجيع‭ ‬دعاة‭ ‬الخلط‭ ‬أيا‭ ‬كان‭ ‬انتماؤهم‭ ‬السياسي‭ ‬المعلن‭ ‬لأن‭ ‬كلّ‭ ‬الصيد‭ ‬عندها‭ ‬في‭ ‬جوف‭ ‬الفراء‭.‬

4)‬روّجت‭ ‬جماعة‭ ‬اليسار‭ ‬الإسلامي‭ ‬للتشيّع‭ ‬الفارسي‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬مجلتهم‭ ‬التي‭ ‬خصّصت‭ ‬أعدادا‭ ‬كاملة‭ ‬للموضوع‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬مكتبة‭ ‬الجديد‭ ‬التابعة‭ ‬لهم‭ ‬دأبت‭ ‬على‭ ‬ترويج‭ ‬المنشورات‭ ‬الشيعيّة‭ ‬السياسيّة‭ ‬حتى‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬التصوير‭ ‬وذلك‭ ‬لاشتراكهما‭ ‬في‭ ‬الإيمان‭ ‬بالتقية‭ ‬التي‭ ‬أحسن‭ ‬رموز‭ ‬هذا‭ ‬التنظيم‭ ‬استخدامها‭ ‬ليحصلوا‭ ‬على‭ ‬التراخيص‭ ‬القانونية‭ ‬لمجلة‭ ‬ومنتدى‭ ‬وحتى‭ ‬إلى‭ ‬دخول‭ ‬ديوان‭ ‬وزير‭ ‬التربية‭ ‬لإصلاح‭ ‬مادة‭ ‬التربية‭ ‬الإسلاميّة‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬محمد‭ ‬الشرفي‭. ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬مورس‭ ‬سابقا‭ ‬يعود‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬بوابة‭ ‬الرابطة‭.  ‬ففي‭ ‬الأشهر‭ ‬الماضية‭ ‬عرف‭ ‬الوطن‭ ‬بعض‭ ‬النشاطات‭ ‬للشيعة‭ ‬الفرس‭ ‬بعضها‭ ‬تمّ‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬الحكمة‭ ‬خلال‭ ‬السنة‭ ‬الماضية‭ ‬حيث‭ ‬استدعي‭ ‬ميرزائي‭ ‬وهو‭ ‬ليس‭ ‬بعالم‭ ‬دين‭ ‬ولو‭ ‬لبس‭ ‬العمّة‭ ‬بل‭ ‬صاحب‭ ‬مواقف‭ ‬سياسيّة‭ ‬بعضها‭ ‬يهمّ‭ ‬الشأن‭ ‬التونسي‭ ‬إذ‭ ‬سبق‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬نصح‭ ‬على‭ ‬صفحته‭ ‬الإسلاميّين‭ ‬بأن‭ ‬يستعدّوا‭ ‬للسجون‭ ‬كما‭ ‬حصل‭ ‬لجماعتهم‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬ومكمن‭ ‬الخطورة‭ ‬فيما‭ ‬حدث‭ ‬أن‭ ‬الدعوة‭:‬

‭* ‬صدرت‭ ‬عن‭ ‬احميدة‭ ‬النيفر‭ ‬زعيم‭ ‬رابطة‭ ‬التعدّد‭ ‬القريبة‭ ‬من‭ ‬رئاسة‭ ‬الجمهورية‭ ‬ورئيس‭ ‬قسم‭ ‬الدراسات‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬الحكمة‭.‬

‭* ‬تمت‭ ‬برعاية‭ ‬من‭ ‬مؤسّسة‭ ‬بيت‭ ‬الحكمة‭ ‬التابعة‭ ‬لرئاسة‭ ‬الحكومة‭ ‬ممّا‭ ‬يضفي‭ ‬على‭ ‬محاضرة‭ ‬ميرزائي‭ ‬وزيارته‭ ‬طابعا‭ ‬رسميّا،‭ ‬ويؤشر‭ ‬من‭ ‬ناحيتنا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬اختراقا‭ ‬فارسيّا‭ ‬تمّ‭ ‬لواحدة‭ ‬من‭ ‬مؤسّسات‭ ‬الدولة‭ ‬التابعة‭ ‬لرئاسة‭ ‬الحكومة‭.‬

بعد‭ ‬أن‭ ‬تم‭ ‬منع‭ ‬مجلة‭ ‬15‭/‬21‭ ‬من‭ ‬الصدور‭ ‬بقي‭ ‬منتدى‭ ‬الجاحظ‭ ‬ينشط‭ ‬على‭ ‬استحياء‭ ‬وغاب‭ ‬اليسار‭ ‬الإسلامي‭ ‬عن‭ ‬الساحة‭ ‬باستثناء‭ ‬صدور‭ ‬بعض‭ ‬المقالات‭ ‬أو‭ ‬عقد‭ ‬ندوات‭ ‬محدودة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وصلنا‭ ‬إلى‭ ‬سنة‭ ‬2011‭ ‬التي‭ ‬عرفت‭ ‬هجمة‭ ‬تتار‭ ‬العصر‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬والمجتمع‭. ‬أيامها‭ ‬عاد‭ ‬اليسار‭ ‬الإسلامي‭ ‬إلى‭ ‬الحياة‭ ‬فأنشأ‭ ‬نسخة‭ ‬جديدة‭ ‬منه‭ ‬سمّاها‭ “‬رابطة‭ ‬تونس‭ ‬للثقافة‭ ‬والتعدّد‭” ‬تحصلت‭ ‬على‭ ‬الرخصة‭ ‬القانونية‭ ‬سنة‭ ‬2012‭. ‬أما‭ ‬الهيئة‭ ‬التأسيسيّة‭ ‬فتشمل‭ ‬احميدة‭ ‬النيفر‭ ‬الذي‭ ‬انشق‭ ‬سابقا‭ ‬عن‭ ‬حركة‭ ‬الاتجاه‭ ‬الإسلامي‭ ‬وعاد‭ ‬إليها‭ ‬مشاركا‭ ‬في‭ ‬مؤتمرها‭ ‬العاشر‭ ‬في‭ ‬اللجان‭ ‬وفي‭ ‬الصفوف‭ ‬الأولى‭ ‬وبن‭ ‬عيسى‭ ‬الدمني‭ ‬عضو‭ ‬المكتب‭ ‬التنفيذي‭ ‬للاتجاه‭ ‬الإسلامي‭ ‬والمنسلخ‭ ‬عنه‭ ‬بعد‭ ‬جريمة‭ ‬باب‭ ‬سويقة‭ ‬ضمن‭ ‬مجموعة‭ ‬عبد‭ ‬الفتاح‭ ‬مورو‭ ‬والعائد‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬المؤتمر‭ ‬العاشر‭ ‬ونوفل‭ ‬سعيد‭ ‬شقيق‭ ‬الرئيس‭ ‬وأحد‭ ‬قدماء‭ ‬اليسار‭ ‬الإسلامي‭ ‬والكاتب‭ ‬في‭ ‬مجلتهم‭ ‬والمحاضر‭ ‬في‭ ‬الرابطة‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭. ‬والمستفاد‭ ‬ممّا‭ ‬ذكر‭ ‬أن‭ ‬رابطة‭ ‬التعدّد‭ ‬بحكم‭ ‬قربها‭ ‬من‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬وانتمائها‭ ‬للفضاء‭ ‬الديني‭ ‬الحركي‭ ‬وتشعّب‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬الفئات‭ ‬المثقفة‭ ‬والمسيّسة‭ ‬تلعب‭ ‬دورا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬تخفيف‭ ‬حدّة‭ ‬العداء‭ ‬للإسلاميين‭ ‬وتلميع‭ ‬صورة‭ ‬الحكم‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬وتحافظ‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬على‭ ‬المكاسب‭ ‬التي‭ ‬تحققت‭ ‬للإسلام‭ ‬السياسي‭ ‬كالاندساس‭ ‬في‭ ‬أجهزة‭ ‬الدولة‭ ‬وتكوين‭ ‬أذرع‭ ‬إعلامية‭ ‬ومالية‭ ‬لخدمته‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أبقى‭ ‬عليه‭ ‬حكم‭ ‬25‭ ‬جويلية‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬يعلنه‭ ‬عن‭ ‬أنه‭ ‬بصدد‭ ‬مقاومة‭ ‬الفساد‭. ‬وفي‭ ‬تقديرنا‭ ‬أن‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬مجلة‭ ‬الأحوال‭ ‬الشخصية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬مكتسبات‭ ‬الاستقلال‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تضع‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يتهدّد‭ ‬وجود‭ ‬الدولة‭ ‬وبقاءها‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬حاضرا‭ ‬في‭ ‬أروقة‭ ‬الحكم‭ ‬وإن‭ ‬تغيرت‭ ‬الأسماء‭ ‬ولكن‭ ‬المسميّات‭ ‬ذاتها‭. ‬فالحذر‭ ‬كل‭ ‬الحذر‭ ‬من‭ ‬الطبعة‭ ‬الجديدة‭ ‬للفرع‭ ‬المحلي‭ ‬للتنظيم‭ ‬الدولي‭ ‬للإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬ممثلة‭ ‬في‭ ‬رابطة‭ ‬التعدّد‭ ‬ومن‭ ‬ذراعها‭ ‬ممثلا‭ ‬في‭ ‬حكم‭ ‬25‭ ‬جويلية‭ ‬2021‭.  ‬

الهوامش‭ ‬

1) ‬مجلة‭ ‬المعرفة‭ ‬العدد4‭ ‬السنة‭ ‬5‭ ‬عام‭ ‬1979،‭ ‬ص9‭.‬

2)‬المرأة‭ ‬بين‭ ‬القرآن‭ ‬وواقع‭ ‬المسلمين‭” ‬راشد‭ ‬الغنوشي،‭ ‬مطبعة‭ ‬تونس‭ ‬قرطاج،‭ ‬دون‭ ‬تاريخ،‭ ‬ص35‭.‬

3)‬مجلة‭ ‬الموقف‭ ‬العدد64‭ ‬السبت‭ ‬10‭ ‬أوت‭ ‬1985‭ ‬ص30‭.‬

4)‬المرأة‭ ‬المسلمة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬بين‭ ‬توجيهات‭ ‬القرآن‭ ‬وواقع‭ ‬المجتمع‭ ‬التونسي‭” ‬راشد‭ ‬الغنوشي،‭ ‬دار‭ ‬القلم‭ ‬للنشر‭ ‬والتوزيع‭ ‬الكويت‭ ‬1993،‭ ‬ط2‭ ‬ص139‭ ‬و140‭.‬

5)‬المصدر‭ ‬السابق‭ ‬ص148‭ ‬و149‭.‬

6) ‬مقال‭ “‬المرأة‭ ‬بين‭ ‬التراكمات‭ ‬التاريخي‭ ‬والاغتراب‭ ‬عن‭ ‬الواقع‭” ‬جريدة‭ ‬الرأي‭ ‬بتاريخ‭ ‬31‭ ‬مارس‭ ‬1983‭.‬

7) ‬مقال‭ “‬علاقة‭ ‬الجنسين‭ ‬لا‭ ‬زالت‭ ‬متأزمة‭” ‬مجلة‭ ‬حقائق،‭ ‬العدد73‭ ‬بتاريخ‭ ‬5‭ ‬جويلية‭ ‬1985‭ ‬ص25‭.‬

8)‬محاضرات‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬المذاهب‭ ‬والأديان‭” ‬الشيخ‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬الثعالبي،‭ ‬تقديم‭ ‬ومراجعة‭ ‬حمادي‭ ‬الساحلي،‭ ‬دار‭ ‬الغرب‭ ‬الإسلامي‭ ‬بيروت‭ ‬1985،‭ ‬ص250‭.‬

9)‬جريدة‭ ‬الصباح‭ ‬بتاريخ‭ ‬17‭ ‬جويلية‭ ‬1988‭.‬

10)‬مجلة‭ ‬15‭/‬21،‭ ‬العدد‭ ‬الثالث‭ ‬فيفري‭ ‬1983،‭ ‬ص12‭ ‬وما‭ ‬بعدها‭.‬

11) ‬مقال‭ “‬مقاصد‭ ‬الشريعة‭ ‬بين‭ ‬محمد‭ ‬الطاهر‭ ‬ابن‭ ‬عاشور‭ ‬وعلال‭ ‬الفاسي،‭ ‬المهمّة‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬مطروحة‭” ‬صلاح‭ ‬الدين‭ ‬الجورشي،‭ ‬مجلة‭ ‬الاجتهاد،‭ ‬السنة‭ ‬3‭ ‬العدد‭ ‬9،‭ ‬خريف‭ ‬1990،‭ ‬ص209‭.‬

12) ‬منشور‭ ‬في‭ ‬المجلة‭ ‬الزيتونية‭ ‬المجلد‭ ‬التاسع‭ ‬الجزأين‭ ‬5‭ ‬و6‭ ‬وأعاد‭ ‬حفيده‭ ‬احميدة‭ ‬نشره‭ ‬مؤخرا‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ “‬العالم‭ ‬والزعيم،‭ ‬المؤسسة‭ ‬الدينية‭ ‬في‭ ‬تونس‭: ‬سنوات‭ ‬الاحتضار‭” ‬نشر‭ ‬نماء‭ ‬للبحوث‭ ‬والدراسات،‭ ‬القاهرة‭ ‬وبيروت‭ ‬2022،‭ ‬ص108‭ ‬وما‭ ‬بعدها‭.‬

13) ‬الحريات‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬الإسلامية‭ ‬ص290‭.‬

14)‬مجلة‭ ‬15‭/‬21،‭ ‬العدد15‭ ‬سنة‭ ‬1988،‭ ‬ص4‭.‬

*نشر باسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 6 جوان 2023


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING