الشارع المغاربي – صفاقس اليوم: زحف‭ ‬الأفارقة‭ ‬بلغ‭ ‬درجة‭ ‬الخطر/ بقلم:معز الهنتاتي

صفاقس اليوم: زحف‭ ‬الأفارقة‭ ‬بلغ‭ ‬درجة‭ ‬الخطر/ بقلم:معز الهنتاتي

قسم الأخبار

5 يوليو، 2023

الشارع المغاربي: شهدت‭ ‬المنطقة‭ ‬المحيطة‭ ‬بمقر‭ ‬ولاية‭ ‬صفاقس‭  ‬يوم‭ ‬الاحد‭ ‬18‭ ‬جوان‭ ‬المنقضي‭ ‬تنظيم‭ ‬وقفتين‭ ‬احتجاجيتين‭  ‬الأولى‭ ‬لنشطاء‭  ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭  ‬في‭ ‬حين‭  ‬دعا‭ ‬للثانية‭  ‬حزب  ‬عبير‭ ‬موسي‭ ‬للتنديد‭ ‬بـ‭”‬تخاذل‭” ‬السلط‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬تنامي‭ ‬أزمة‭ ‬المهاجرين‭ ‬من‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬والتي‭ ‬أصبحت‭ ‬تؤرق‭ ‬جزءا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬المدينة‭ .‬

لجمع‭ ‬بين‭ ‬التحركين‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬ومكان‭ ‬واحد‭ ‬دفع‭  ‬المنظمين‭  ‬من‭ ‬غير‭  ‬المتحزبين‭  ‬الى‭ ‬التاكيد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تحركهم‭ ‬مواطني‭ ‬وعلى‭ ‬أن‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬أبعاد‭ ‬سياسية‭. ‬ورغم‭ ‬هذا‭ ‬الاختلاف‭ ‬الشكلي‭ ‬رفع‭ ‬الطرفان‭ ‬نفس‭ ‬الشعارات‭  ‬تنديدا‭ ‬بالوضعية‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬تعيش‭ ‬على‭ ‬وقعها‭ ‬مدينة‭ ‬صفاقس‭ ‬بعد‭ ‬تنامي‭  ‬ظاهرة‭  ‬تواجد‭  ‬الأفارقة‭ ‬من‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭  ‬بشكل‭ ‬لافت‭ .‬

الخروج‭ ‬للعلن‭ ‬

سبق‭ ‬التحركات‭ ‬ارتفاع‭ ‬للأصوات‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭  ‬بعد‭ ‬ازدياد‭ ‬ملحوظ‭  ‬في‭ ‬أعداد‭ ‬المهاجرين‭ ‬بالمدينة‭ ‬وضواحيها‭ ‬وصمت‭ ‬السلط‭ ‬المركزية‭ ‬وعدم‭ ‬اتخاذها‭ ‬أي‭ ‬إجراء‭ ‬إزاء‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭… ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬الى‭ ‬الخروج‭ ‬إلى‭ ‬الشارع‭ ‬لإسماع‭ ‬صوت‭ ‬المواطنين‭ ‬لـ‭”‬انقاذ‭” ‬المدينة‭ . ‬ولعل‭ ‬ما‭ ‬تضمنه‭  ‬ولأول‭ ‬مرة‭  ‬بيان‭ ‬الاتحاد‭  ‬الجهوي‭ ‬للصناعة‭ ‬والتجارة‭ ‬الصادر‭ ‬مؤخرا‭ ‬أحسن‭ ‬دليل‭  ‬على‭  ‬طرح‭ ‬القضية‭ ‬بشكل‭ ‬علني‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اجتماعات‭ ‬‭ ‬مغلقة‭. ‬فقد‭ ‬طالب‭   ‬بيان‭ ‬اتحاد‭ ‬الاعراف‭ ‬باتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬فورية‭  ‬للحد‭ ‬من‭  ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬الخطيرة‭  ‬في‭ ‬حين‭ ‬لم‭ ‬تصدر‭  ‬عن‭ ‬المنظمات‭ ‬والجمعيات‭ ‬اية‭ ‬بيانات‭ ‬الى‭ ‬حد‭ ‬الان‭. ‬

هذه‭ ‬التحركات‭ ‬قابلها‭ ‬تحرك‭ ‬من‭  ‬الأفارقة‭  ‬جنوب‭  ‬الصحراء‭ ‬أنفسهم‭ ‬الذين‭ ‬نظموا‭  ‬في‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬تجمهرا‭  ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬باب‭ ‬الجبلي‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬معقل‭ ‬لهم‭  ‬ومكانا‭ ‬يمارسون‭ ‬فيها‭ ‬بعض‭ ‬الانشطة‭  ‬الخاصة‭ ‬بهم‭  ‬رفعوا‭ ‬خلاله‭ ‬بعض‭ ‬الشعارات‭.‬

الخوف‭ ‬من‭ ‬المستقبل‭ ‬

يتقاسم‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬صفاقس‭ ‬شعورا‭ ‬بالخوف‭ ‬من‭  ‬تفاقم‭  ‬تدفق‭ ‬المهاجرين‭ ‬الافارقة‭ ‬من‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬على‭ ‬الجهة‭. ‬فقد‭ ‬سجل‭ ‬في‭ ‬الأسابيع‭ ‬والأيام‭ ‬الماضية‭ ‬قدوم‭ ‬أعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬الى‭ ‬المدينة‭. ‬مردّ‭ ‬هذا‭ ‬الخوف‭ ‬الانعكاسات‭  ‬الممكنة‭ ‬لهذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬على‭ ‬التوازنات‭ ‬الديمغرافية‭ ‬للمدينة‭ ‬وإمكانية‭ ‬تهديد‭ ‬السلم‭ ‬الاجتماعية‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬تعدد‭ ‬الحوادث‭  ‬التي‭ ‬كان‭ ‬فيها‭ ‬هؤلاء‭ ‬طرفا‭   ‬وهذا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬عجز‭ ‬تام‭ ‬للسلطة‭ ‬المركزية‭ ‬والجهوية‭ ‬عن‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬ظاهرة‭ ‬الهجرة‭ ‬غير‭ ‬الشرعية‭.‬

عجز‭ ‬دفع‭  ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬الى‭  ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬إسماع‭ ‬صوتهم‭ ‬عبر‭ ‬تدوينات‭ ‬فايسبوكية‭  ‬او‭ ‬عبر‭ ‬صفحات‭ ‬خاصة‭ ‬بموضوع‭ ‬الهجرة‭  ‬واستعمال‭ ‬خطابات‭  ‬مصبوغة‭ ‬بمشاعر‭ ‬العنصرية‭ ‬والكراهية‭. ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬أصبح‭ ‬المهاجرون‭ ‬غير‭ ‬الشرعيين‭ ‬بدورهم‭ ‬يشعرون‭ ‬بالخطر‭ ‬على‭ ‬حياتهم‭ ‬بفعل‭ ‬تنامي‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الخطابات‭  ‬والمناوشات‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الإحياء‭ ‬إضافة‭  ‬لظروفهم‭ ‬الاقتصادية‭  ‬المتدهورة‭ …‬وهذا‭ ‬ما‭  ‬قادهم‭ ‬الى‭  ‬التكتل‭ ‬مع‭ ‬بعضهم‭  ‬للدفاع‭ ‬على‭ ‬أنفسهم‭ ‬ومجابهة‭  ‬الاخرين‭… ‬وهو‭ ‬ما‭  ‬ينذر‭ ‬بإمكانية‭ ‬تفجر‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬اي‭ ‬وقت‭.‬

صفاقس‭ ‬عاصمة‭ ‬عالمية‭ ‬للهجرة‭ ‬

بعد‭ ‬انحسار‭  ‬ظهور‭ ‬الافارقة‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭  ‬في‭ ‬الأماكن‭ ‬العامة‭  ‬اثر‭ ‬تصريحات‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭  ‬عادت‭ ‬افواج‭ ‬المهاجرين‭ ‬القادمين‭ ‬لصفاقس‭  ‬للظهور‭ ‬بشكل‭ ‬ملفت‭ ‬للانتباه‭  ‬اذ‭ ‬لا‭ ‬يكاد‭ ‬يمر‭ ‬يوم‭  ‬دون‭ ‬مشاهدة‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأفارقة‭ ‬في‭ ‬الطرقات‭ ‬المؤدية‭ ‬للمدينة‭ ‬ومنها‭  ‬بالخصوص‭ ‬الطرقات‭ ‬المؤدية‭  ‬الى‭  ‬المهدية‭  ‬والقصرين‭ ‬وسيدي‭ ‬بوزيد‭ .‬

تجارة‭ ‬مربحة‭ ‬

رغم‭ ‬الازمة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬جهة‭ ‬صفاقس‭ ‬وتردي‭ ‬الاوضاع‭ ‬الاجتماعية‭  ‬بها‭ ‬وجد‭ ‬المهاجرون‭ ‬في‭ ‬صفاقس‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬عزوف‭ ‬أبناء‭ ‬الوطن‭ ‬عن‭ ‬تامين‭ ‬بعض‭ ‬الوظائف‭. ‬كما‭ ‬توفرت‭ ‬لهم‭ ‬إمكانات‭ ‬السكن‭  ‬لدى‭ ‬الأسر‭ ‬في‭ ‬صفاقس‭ ‬خاصة‭  ‬ان‭ ‬عديد‭ ‬العائلات‭  ‬هناك‭ ‬استفادت‭ ‬في‭  ‬السنوات‭ ‬السابقة‭  ‬من‭ ‬هجرة‭ ‬الاخوة‭ ‬الليبيين‭  ‬وهو‭ ‬ما‭  ‬طور‭ ‬خدمة‭ ‬الايجار‭ ‬المنزلي‭  ‬للقادمين‭ ‬لصفاقس‭. ‬وقد‭ ‬ادى‭ ‬تقلص‭  ‬قدوم‭ ‬الليبين‭ ‬الى‭  ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬طالبي‭  ‬السكن‭ ‬فكان‭ ‬الافارقة‭ ‬من‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬البديل‭  ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬الاحياء‭ ‬الفقيرة‭ ‬والمهمشة‭ ‬بالخصوص‭.‬

مول‭ ‬افريقيا‭ ‬

تعد‭  ‬منطقة‭ ‬باب‭ ‬الجبلي‭  ‬من‭ ‬اهم‭ ‬المناطق‭ ‬في‭ ‬المدينة‭ ‬التي‭  ‬تستحوذ‭ ‬على‭ ‬أنشطة‭ ‬تجارية‭ ‬واقتصادية‭ ‬مهمة‭ ‬لسكان‭ ‬صفاقس‭ ‬فبها‭ ‬عديد‭ ‬الأسواق‭ ‬التجارية‭ ‬منها‭ ‬سوق‭ “‬الحوت‭”  ‬والسوق‭ ‬المسقف‭  ‬وسوق‭ ‬قريعة‭ ‬وسوق‭ ‬الخضرة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأسواق‭ ‬المعروفة‭ ‬باسعارها‭ ‬المقبولة‭. ‬كما‭ ‬توجد‭ ‬بمنطقة‭ ‬باب‭ ‬الجبلي‭ ‬محطة‭ ‬الحافلات‭  ‬لعديد‭ ‬ضواحي‭ ‬صفاقس‭ ‬ومحطات‭ ‬التاكسي‭ ‬الجماعي‭. ‬وقد‭ ‬شهدت‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬منذ‭ ‬عدة‭ ‬أسابيع‭ ‬تمركز‭ ‬أعدادا‭ ‬مهمة‭ ‬من‭ ‬افارقة‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬للقيام‭ ‬بنشاطات‭ ‬تجارية‭ ‬واجتماعية‭ ‬خاصة‭ ‬بهذه‭ ‬الجاليات‭. ‬فالمواطن‭ ‬الذي‭ ‬يمر‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬اصبح‭ ‬يشاهد‭ ‬أنشطة‭ ‬غريبة‭  ‬تمارس‭ ‬على‭ ‬قارعة‭ ‬الطريق‭ ‬منها‭ ‬ضفر‭ ‬الشعر‭ ‬لدى‭ ‬النساء‭  ‬وإزالته‭ ‬من‭ ‬أجسادهن‭ ‬والحلاقة‭ ‬للرجال‭ ‬وبيع‭ ‬عديد‭ ‬المواد‭ ‬التي‭ ‬يستعملونها‭ ‬في‭ ‬الطهي‭ ‬وكل‭ ‬الحاجات‭ ‬لحياتهم‭ ‬اليومية‭. ‬وامام‭ ‬توفر‭ ‬هذه‭ ‬المواد‭ ‬أصبحت‭ ‬المنطقة‭ ‬وهي‭ ‬منطقة‭ ‬صغيرة‭ ‬قبلة‭ ‬لهؤلاء‭ ‬فتمركزت‭ ‬بها‭ ‬اعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المهاجرين‭  ‬جعل‭ ‬مرتادي‭ ‬باب‭ ‬الجبلي‭ ‬يعتقدون‭ ‬ان‭ ‬أعدادهم‭ ‬ارتفعت‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭  ‬جدا‭ ‬الى‭ ‬حد‭ ‬ذهاب‭ ‬البعض‭  ‬الى‭  ‬اعتبار‭ ‬ان‭ ‬عددهم‭  ‬تجاوز‭ ‬المليون‭ ‬او‭ ‬اكثر‭ … ‬

البعد‭ ‬الاقليمي‭ ‬

إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أبعاده‭   ‬الداخلية‭  ‬أصبح‭ ‬موضوع‭ ‬الهجرة‭  ‬غير‭ ‬النظامية‭ ‬احد‭ ‬اهم‭ ‬العناصر‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬التونسية‭ ‬الأوروبية‭. ‬فظاهرة‭ ‬الهجرة‭ ‬تلقي‭ ‬بظلالها‭  ‬على‭ ‬الاوضاع‭ ‬في‭ ‬اوروبا‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭  ‬وضعا‭ ‬دقيقا‭ ‬بعد‭ ‬اندلاع‭ ‬الحرب‭ ‬الاوكرانية‭ ‬الروسية‭  ‬واستقبال‭ ‬اعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المهاجرين‭ ‬الاوكرانيين‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬البلدان‭ ‬الأوروبية‭  ‬الى‭ ‬محاولة‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬تونس‭ ‬للقبول‭  ‬بالإبقاء‭  ‬على‭ ‬المهاجرين‭ ‬لديها‭  ‬وتوطينهم‭ ‬بها‭ . ‬فاللقاءات‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬العاصمة‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬مستوى‭  ‬مع‭ ‬أطراف‭ ‬أوروبية‭  ‬جعلت‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬وخاصة‭ ‬بصفاقس‭ ‬يتوجس‭ ‬من‭  ‬الموقف‭ ‬الاوروبي‭ . ‬ومما‭ ‬زاد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المخاوف‭  ‬الرسالة‭ ‬التي‭ ‬فهمت‭  ‬من‭ ‬زيارة‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭ ‬غير‭ ‬المعلنة‭  ‬الى‭ ‬منطقة‭ ‬باب‭ ‬الجبلي‭ ‬حيث‭ ‬احتضن‭ ‬طفلا‭ ‬من‭ ‬ابناء‭ ‬المهاجرين‭ ‬في‭ ‬رسالة‭ ‬واضحة‭ ‬بالقبول‭ ‬بهؤلاء‭. ‬عودة‭ ‬الطمانينة‭ ‬للمهاجرين‭   ‬شجعتهم‭ ‬على‭ ‬البقاء‭ ‬خاصة‭ ‬ان‭ ‬حوادث‭ ‬الغرق‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬الابيض‭ ‬المتوسط‭  ‬والتشدد‭ ‬في‭ ‬مراقبة‭ ‬المراكب‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تستعمل‭ ‬للهجرة‭  ‬والحديث‭ ‬عن‭ ‬إعادة‭ ‬المهاجرين‭ ‬الذين‭ ‬وصلوا‭ ‬الى‭ ‬اوروبا‭ ‬الى‭ ‬مناطق‭ ‬انطلاقهم‭ ‬كلها‭ ‬عناصر‭ ‬دفعت‭  ‬المهاجرين‭ ‬الوافدين‭ ‬على‭ ‬صفاقس‭  ‬إلى‭ ‬التفكير‭ ‬جديا‭  ‬في‭ ‬الاستقرار‭ ‬بها‭ ‬والتعبير‭ ‬صراحة‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭  ‬بينما‭ ‬ازداد‭ ‬منسوب‭ ‬الخوف‭ ‬لدى‭ ‬سكان‭ ‬المدينة‭ . ‬

مخاوف‭ ‬لها‭ ‬جذور‭ ‬

أمام‭ ‬صمت‭ ‬السلط‭ ‬المركزية‭ ‬وعدم‭ ‬فاعليتها‭  ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭  ‬وتتالي‭ ‬الإخبار‭ ‬عن‭ ‬مخطط‭ ‬أوروبي‭  ‬للضغط‭ ‬على‭ ‬تونس‭ ‬لتوطين‭ ‬هؤلاء‭ ‬المهاجرين‭  ‬ببلادنا‭  ‬وقدوم‭ ‬إعداد‭ ‬كبيرة‭  ‬منهم‭ ‬من‭ ‬الجزائر‭  ‬ومن‭ ‬ليبيا‭ ‬ازدادت‭ ‬المخاوف‭ ‬من‭   ‬عدم‭ ‬تمكن‭ ‬بلادنا‭ ‬من‭ ‬الصمود‭ ‬امام‭ ‬الضغوط‭ ‬الأوروبية‭  ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الأزمة‭ ‬المالية‭  ‬والمقايضة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تفرض‭ ‬عليها‭ “‬المهاجرون‭ ‬مقابل‭ ‬المساعدة‭  ‬المالية‭”. ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭  ‬وخاصة‭ ‬من‭ ‬فئة‭ ‬الشباب‭  ‬الى‭ ‬المجاهرة‭ ‬بموقفهم‭ ‬الرافض‭ ‬لبقاء‭  ‬المهاجرين‭  ‬واعتقادهم‭  ‬بان‭  ‬السلطة‭ ‬المركزية‭ ‬قد‭ ‬تضحي‭ ‬بصفاقس‭  ‬من‭ ‬اجل‭ ‬الاستجابة‭ ‬للشروط‭ ‬الاوروبية‭. ‬لدى‭ ‬سكان‭ ‬صفاقس‭ ‬اعتقاد‭  ‬راسخ‭ ‬ان‭ ‬السلطة‭ ‬المركزية‭ ‬لم‭  ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬مشاكل‭ ‬الجهة‭  ‬بالجدية‭ ‬اللازمة‭. ‬فصفاقس‭  ‬تعيش‭ ‬على‭ ‬وقع‭  ‬أزمات‭ ‬قديمة‭ ‬وجديدة‭ ‬ومنها‭ ‬بالخصوص‭ ‬مشكلة‭ ‬القمامة‭ ‬التي‭  ‬دخلت‭ ‬عامها‭ ‬الثاني‭ ‬دون‭ ‬التوصل‭ ‬الى‭ ‬حل‭ ‬جذري‭ ‬اضافة‭ ‬الى‭ ‬تفاقم‭ ‬أزمة‭ ‬النقل‭. ‬وفي‭ ‬تعامل‭ ‬السلطة‭ ‬المركزية‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬25‭ ‬جويلية‭ ‬مع‭ ‬جهة‭ ‬صفاقس‭ ‬فيه‭ ‬ما‭ ‬يبرر‭ ‬هذا‭ ‬الشعور‭. ‬فرغم‭ ‬ثقلها‭ ‬البشري‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والعلمي‭ ‬والثقافي‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬صفاقس‭ ‬بلا‭ ‬والٍ‭ ‬منذ‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬6‭ ‬اشهر‭. ‬

وقد‭ ‬وجدت‭ ‬الجهة‭ ‬نفسها‭ ‬وحيدة‭  ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬أزمة‭ ‬جثث‭  ‬الغارقين‭ ‬في‭ ‬رحلات‭ ‬الموت‭ ‬حيث‭ ‬وصل‭ ‬عددهم‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬الاموات‭ ‬بالمستشفى‭ ‬الجامعي‭ ‬الحبيب‭ ‬بورڨيبة‭ ‬الى‭ ‬حوالي‭ ‬270‭ ‬جثة‭  ‬في‭ ‬حين‭ ‬ان‭  ‬عدد‭ ‬الأماكن‭ ‬المخصصة‭ ‬لذلك‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬35‭. ‬كما‭  ‬عاشت‭  ‬السلطة‭ ‬الجهوية‭ ‬وبلديات‭ ‬الجهة‭  ‬وضعية‭ ‬صعبة‭ ‬جدا‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬اية‭  ‬مساعدة‭ ‬من‭ ‬الحكومة‭  ‬في‭ ‬ملف‭ ‬دفن‭ ‬الموتي‭ ‬من‭ ‬الافارقة‭ ‬من‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭  ‬في‭ ‬مقابر‭  ‬الجهة‭. ‬

البعد‭ ‬الاعلامي‭  ‬

يرى‭  ‬الذين‭ ‬دعوا‭ ‬الى‭ ‬التحرك‭ ‬إنه‭  ‬من‭ ‬الواجب‭  ‬تجاوز‭ ‬عدم‭ ‬اهتمام‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬بهذه‭ ‬القضية‭ ‬باعتبارها‭ ‬شانا‭ ‬جهويا‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬ان‭ ‬أبعادها‭  ‬وطنية‭ ‬وحتى‭ ‬دولية‭. ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬طرح‭ ‬قضية‭ ‬الهجرة‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الا‭ ‬اذا‭ ‬سجلت‭ ‬حوادث‭ ‬مثيرة‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬قضية‭ ‬الهجرة‭ ‬مسالة‭ ‬تمس‭ ‬الامن‭ ‬القومي‭ ‬وقد‭ ‬تهدد‭ ‬السلم‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬زاد‭ ‬في‭  ‬تنامي‭ ‬الشعور‭ ‬بان‭  ‬على‭ ‬المواطنين‭  ‬ان‭ ‬يعولوا‭  ‬على‭ ‬انفسهم‭  ‬للتصدي‭ ‬لهذه‭ ‬الظاهرة‭. ‬ان‭ ‬انتشار‭ ‬خطاب‭ ‬الكراهية‭ ‬والعنصرية‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭  ‬ليس‭  ‬الا‭ ‬مؤشرا‭ ‬خطيرا‭  ‬على‭  ‬إمكانية‭  ‬تفجر‭ ‬أزمة‭ ‬نعرف‭ ‬بدايتها‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬التكهن‭ ‬بنهايتها‭. ‬كما‭ ‬ان‭  ‬الجمعيات‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬راية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬الأقليات‭  ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬تطوير‭ ‬خطاب‭ ‬يقنع‭ ‬رافضي‭ ‬وجود‭ ‬هؤلاء‭ ‬المهاجرين‭. ‬خاصة‭ ‬ان‭ ‬التغيير‭ ‬الكبير‭ ‬أصبح‭ ‬ملموسا‭ ‬فصفاقس‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬منطقة‭ ‬عبور‭ ‬قد‭  ‬تصبح‭ ‬منطقة‭ ‬توطين‭ ‬حيث‭ ‬بدا‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الجيل‭ ‬الثاني‭ ‬مع‭ ‬تسجيل‭ ‬اعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الولادات‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬المهاجرين‭.‬

ان‭ ‬انتشار‭ ‬خطاب‭ ‬الكراهية‭ ‬والتعامل‭ ‬العاطفي‭ ‬مع‭ ‬الازمات‭  ‬وعدم‭ ‬اعتماد‭ ‬التمشي‭ ‬العقلاني‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬حلول‭ ‬وطنية‭  ‬لازمة‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬والاسنخفاف‭ ‬بها‭  ‬قد‭ ‬تجعلنا‭  ‬في‭ ‬وضعية‭ ‬شبيهة‭ ‬بتلك‭ ‬التي‭ ‬عرفتها‭ ‬تونس‭ ‬لما‭ ‬تحدث‭ ‬البعض‭ ‬عن‭ ‬شباب‭ ‬يمارس‭ ‬الرياضة‭ ‬في‭ ‬جبل‭ ‬الشعانبي‭.‬

*نشر باسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 4 جويلية 2023


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING