الشارع المغاربي:
أوّلا- المقدمة
وتولى الوالي بدوره إحالة مكتوب وزير الشؤون المحلية و البيئة على رئيس بلدية الكرم بتاريخ 13 فيفري 2020.
انّ السياق العام لصندوق الزكاة المحدث ببلديّة الكرم، في دورته الاستثنائية بتاريخ 21/11/2019، يبيّن أنّه في جوهره وفي مقاصده يتنزّل في اطار ديني خالص.
ويتأكّد هذا القول بالمؤشّرات الواردة في محضر الجلسة المعنيّة والمنشور على موقع البلديّة، وهي التالية:
ولا حاجة للاشارة للرابطة البديهية بين المسألتين المذكورتين.
“الموضوع: حول احداث صندوق الزكاة“
“تناول السيّد…عرض موضوع حول احداث صندوق الزكاة…“
مما يعني أنّ المسألة تتعلّق في منطلقها و جوهرها، ان لم نقل حصريّا، بموضوع صندوق للزكاة.
“واعتبارا لما تمثّله فريضة الزكاة من قداسة باعتبارها ركنا من اركان الاسلام يسعى كلّ مسلم الى تطبيقه لاكتمال ايمانه…“
“وافق المجلس البلدي باجماع الحاضرين على احداث حساب خاص بالهبات يفتح ضمنه فصل تحت مسمّى فصل تحت مسمّى “صندوق الزكاة”…”.
ويبرز معه انّ الظاهر هو صندوق يتضمّن عدّة فصول، فإنّ تسمية الصندوق باسم احد فصوله بعبارات و مضامين دينية بحتة، يكشف انّ الغرض الحقيقي هو الاحداث الحصري لصندوق الزكاة، والاّ لما غلب الفرع الاصل.
ويتدعّم هذا الرأي من خلال:
ويستنتج من كلّ ما سبق، انّ قرار البلدية، وان كان في ظاهره قانونيا، فإنّه في جوهره ومؤدّاه عمل يخصّ شعيرة اسلامية وبالتالي هو عمل ديني في اسسه ومقاصده، طبق ما هو بارز أعلاه انطلاقا بالاساس من مؤشّرات شكليّة ومضمونية مثبتة في محضر جلسة المجلس البلدي للكرم، وهذا المحضر هو اساس احداث صندوق الزكاة، علاوة على المؤشرين سابقي الذكر.
فرضت مجلة الجماعات المحليّة وجوب احترام الدستور عند اعمال مبدأ التدبير الحرّ، مما يعني معه انه من الجائز مناقشة دستورية قرارات البلدية التي تستند على التدبير الحرّ.
اذ اقتضى الفصل الرابع من المجلّة ما يلي: “تدير كلّ جماعة محليّة وفق مبدأ التدبير الحرّ طبقا لاحكام الدستور والقانون…“.
مع التأكيد انّه نادرا ما ورد في القوانين وبأحكام صريحة مبدأ احترام الدستور.
ثانيا- في انتهاك الدستور
لئن ورد في التوطئة (الفقرة 2) تمسّك الشعب التونسي “بتعاليم الاسلام ومقاصده“، فقد ورد لاحقا (الفقرة 3) التأسيس “لنظام جمهوري ديمقراطي تشاركي، في إطار دولة دولة مدنيّة“.
ويستنتج ممّا سبق، أنّه وفي كلّ الحالات، تبقى الدولة المدنيّة الاطار الذي يستوعب القانون الإسلامي (تعاليمه ومقاصده…)، خاصّة وأنّ عبارة “التأسيس” بالنسبة للأولى (الدولة المدنية) تفيد هذا المعنى مقارنة بعبارة “التمسّك” بالنسبة للثانية (تعاليم الاسلام ومقاصده)، فضلا عن أنّه بالرجوع الى الاصول وبالتحديد تأسيس دولة الاسلام بالمدينة المنوّرة، يتأكد وبتصريح رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان الأستاذ راشد الغنوشي “إن الإسلام أسّس دولة في المدينة بميثاق سياسي، يمكن أن يكون اليوم دستورا تعدديا، ممضى من المسلمين واليهود والبقية” (يراجع كتاب Entretiens d’Olivier Ravanello avec Rached Ghannouchi au sujet de l’islam – دار النشر إرتحال – 2015- ص.99).
قياسا بما ورد بالتوطئة وامتدادا له، ولئن نصّ الفصل الأوّل أنّ “تونس… الاسلام دينها…“، فقد تضمّن الفصل 2 من الدستور أنّ “تونس دولة مدنية…“.
وعلى خلاف ما يراه البعض من أن عبارة الإسلام مرتبطة بالدولة، فإننا نرى أن هذا التأويل خاطئ ضرورة:
وبالنظر الى المبدأ القائل بأن المشرع منزّه عن العبث، فإنه لا يمكن القبول بالمنطق القانوني و خاصة السياسي، الا بأن الإسلام يخص الشعب و بأن المدنية تخص الدولة (يراجع في الخصوص مقال الأستاذة لمياء ناجي- مدنية الدولة- مؤلف جماعي – قراءات في دستور الجمهورية الثانية- منشورات مدرسة الدكتوراه بكلية الحقوق بصفاقس – 2017- ص.37).
لقد أقر هذا الفصل لا فقط مبدأ “الدولة المدنية الديمقراطية“، بل أقرّه كذلك حماية ضدّ المساس من جوهر الحقوق والحريات.
بناء على ما سبق، نلاحظ أنّ مفهوم الدولة المدنية ورد ثلاث مرات بالدستور، ومن النادر أن نجد مثل هذا التكرار الذي يفهم منه التأكيد على مبدأ مدنية الدولة من قبل السلطة التأسيسية.
سنعرض سلسلة من الأسانيد لإثبات أن الدولة المدنية هي إبداع دستوري تونسي (على شاكلة مفهوم الأمن الجمهوري) ناتج عن سياقات وطنية، ومن دون إيماء النظم الدستورية المقارنة وإسقاطاتها في الموضوع (منع شبه كلي للشعائر الدينية في الأنظمة الشيوعية الملحدة والعلمانية Sécularisme في الأنظمة الأنقلوسكسونية واللائكية Laïcité في النظام الفرنسي)، ومن هذه الأسانيد:
وتضيف الأستاذة لمياء ناجي “فمدنية الدولة لا تتعارض مع أن يستلهم القانون أحكامه من الدين، كما أنها لا تمنع عناية الدولة بالمؤسسات الدينية وإحترام تعاليمها، على العكس يصبح تدخل الدولة للحفاظ على الدين و رعايته حقا للدولة كممثل للشعب حتي لا يحتكره فرد أو فئة أو مجموعة” (ص34). و في ربطها بين الجمهورية الأولى و الجمهورية الثانية، تؤكد الجامعية على ما يلي “وما إحاطة الفصل الثاني و الفصل 49 بحصانة من التعديلات الدستورية الا تأكيد على التمسك بمدنية الدولة التي إرتآها واضعوا دستور 1959 و التي أصبحت جزءا من الهوية التونسية. فالدستور الذي لا يجمع كامل مكونات المجتمع ولا يعكس هويته بإختلاف أطيافه، لا أمل في أن يقع إستبطانه من قبل الحاكم و المحكوم” (ص.48). ويتبيّن معه أن المفهوم التونسي للدولة المدنية يعكس مباشرة تاريخ تونس الحديث وتراكماته و إرهاصاته، و بالتالي فهو ليس مستوردا، كما يتبين أنه ليس في قطيعة مع تاريخ الإنسانية وحضاراتها، “وبذلك يكون الفصل الثاني قد كرس المفهوم الأصلي للمدنية (civitas) التي إرتبطت منذ الرومان بالحرية وبالشعب” (ص.47).
« Ce n’est pas à l’Etat d’imposer une religion aux gens, d’imposer l’islam : la question de l’islam relève de la société . Le rôle de l’Etat est de préserver la paix civile et de présenter des services. Et n’est pas d’imposer un type particulier de pratiques religieuses, ni un type particulier de modernité »
(يراجع كتاب الأستاذ عياض بن عاشور- Tunisie une révolution en pays d’islam – دار سراس للنشر- 2016 – ص.135)، و يرى الأستاذ عياض بن عاشور في هذه الأقوال:
« Une véritable profession de foi démocratique et laïque » وبخصوص الحداثة المثارة من قبل الأستاذ راشد الغنوشي أعلاه، فإنه يحصرها في مبدأين “بالنسبة لي، الحداثة تتأسس على مبدأين: الحرية و العلم” (Entretiens d’Olivier Ravanello avec Rached Ghannouchi au sujet de l’islam – المرجع المذكور أعلاه – ص.103).
وفي نفس السياق، ومن دون أن يخالف كذلك هذه المرّة الأستاذ عياض بن عاشور، يفهم من الأستاذ راشد الغنوشي أنه ضد الخيار الفرنسي (اللائكية) وقريب من الخيار الأنقلوسكسوني (العلمانية) الذي هو ليس في حرب ضد الدين، فلكل تاريخه، كما يضيف أنه لا وجود لوسيط بين الإنسان و الخالق، فلكل شخص علاقة مباشرة مع ربه ويحاسب أمامه (المرجع الأخير في الذكر – ص.47 و 48). وقدّم الأستاذ راشد الغنوشي تقريبا نفس هذه الآراء في مؤلف آخر (Ces nouveaux mots qui font la Tunisie– هادية بركات و ألفة بلحسين – دار سراس للنشر- 2016- ص.188 و 189).
« Un « peuple musulman » constitue une description de culte, de mœurs, de cultures et de civilisation pour la majorité. Un « Etat civil » constitue une prescription de constitution de droit et de loi pour la nation »
(ص.343).
« L’Etat civil est un néologisme… Or l’Etat moderne ne peut qu’être séculier et laïc, car articulé autour de la loi et non de la foi. Avec cette garantie le référent religieux auquel renvoi par ailleurs la constitution est dépouillé de sa notion normative ».
(المؤلف Ces nouveaux mots qui font la Tunisie، ص.188).
وهذا لا يعني أن القانون الإسلامي لا يشكل مصدرا من مصادر القانون، فالثابت أن آثاره موجودة في عديد النصوص التشريعية، وعلى وجه الخصوص “قانون العائلة أو في نظرية الحقوق الشخصية أو في ما يتعلق بالحقوق العينية… و كتب في هذا الشأن David Santillana في التقرير الذي تصدّر مشروع مجلة الالتزامات والعقود (والذي يعود لأكثر من قرن)… ولا يوجد بالمشروع أي أثر لما هو مخالف لمذهب أشهر فقهاء الإسلام” (يراجع مؤلف الأستاذ محمد كمال شرف الدين- قانون مدني: النظرية العامة للقانون النظرية العامة للحق- طبعة ثانية 2017- مجمع الأطرش للنشر- ص.61 و 62).
وفي ما يتعلق بالمادة المالية و البنكية، فقد وقع إدراج الصيرفة الإسلامية صلب القانون المتعلق بالبنوك و المؤسسات المالية المؤرخ في 11 جولية 2016 تحت عدد48، والقانون المتعلق بضبط النظام الأساسي للبنك المركزي عدد 35 المؤرخ في 25 أفريل 2016، والقانون المتعلق بصناديق الإستثمار الإسلامية عدد48 في 9 ديسمبر 2013، والقانون المتعلق بالصكوك الإسلامية عدد30 المؤرخ في 30 جويلية 2013.
كما أن ولاية المظالم كانت مؤثّرة عند إحداث المحكمة الإدارية في تونس، و في هذا الإتجاه كتب الأستاذ عياض بن عاشور “هذه بعض الفوارق التي تميز (والي) المظالم عن القضاء نقلنا أهمها لا لسبيل الذكر المجرد و الإطلاع على تاريخ النظم (القضائية)، و لكن للتشابه المذهل بين المبادئ التي قام عليها هذا اللون من القضاء الإداري في تاريخ الحضارة الإسلامية، و تلك التي تسود على الأنظمة المعاصرة …(يراجع مؤلفه القضاء الإداري و فقه المرافعات الإدارية في تونس- طبعة ثانية- مركز النشر الجامعي- ص.38).
و يضاف الى هذا أن “رسالة سيدنا عمر الى القاضي ابي موسى الأشعري” بما تضمنته من مبادئ أهمها: المساواة بين المتقاضين و قواعد الإثبات، كانت موجودة في مداولات الهيئات القضائية بالمحكمة الإدارية وكذلك في روح فقه القضاء الإداري.
ويستنتج من كل ما سبق، أن الدولة المدنية مفهوم تونسي، بعيد عن النظام الفرنسي وقريب من النظام الأنقلوسكسوني. و هي ليست في مواجهة مع الدين الذي يشكل أحد مصادرها في التشريعات الوطنية، بإرادة الشعب (الفصل 2 من الدستور) صاحب السيادة التي يمارسها عبر الإستفتاء أو ممثليه (الفصل 3 من الدستور)، مع التأكيد على أن الدولة المدنية تشكل أحد آليات حماية الحقوق و الحريات (الفصل 49 منه).
وعليه يكون قرار بلدية الكرم في احداث صندوق للزكاة مخالفا لتوطئة الدستور وللفصلين 2 و 49 منه، طالما انّ المضمون يضلّ دينيّا ويعارض مبدأ مدنية الدولة، فضلا عن غياب أي سند نصي وطني في الغرض، علاوة على ان الإبقاء على صندوق الزكاة المذكور لن يزيد من إسلام التونسيين وفي المقابل فإن إلغاءه لن ينقص منه لديهم.
لقد اقتضى هذا الفصل، وفيما يهمّنا ما يلي: “الدولة راعية للدين“.
وقد شهد الأستاذ ناجي البكوش على هذه المداولات، مؤكدا على الإلحاح في هذا الإدراج مع القبول لاحقا بإستبعاده “بقناعة ظاهرة لكل السادة النواب الحاضرين و كان يومها عددهم كبير”، في مقاله المنشور بتاريخ 19 ماي 2020 على صفحته الخاصة على موقع فايسبوت بعنوان “حول صندوق الزكاة“.
وبناءا على ما سبق، يتجلّى عدم الإختصاص البيّن في إحداث صندوق الزكاة من قبل البلدية المعترض عليها، و تعد المسألة من متعلقات النظام العام ويجوز بالتالي للقاضيين الدستوري والاداري إثارتها و لو تلقائيا.
لقد اقتضى هذا الفصل وفيما يهمّنا ما يلي: “الحفاظ على وحدة الوطن… واجب مقدّس على كلّ المواطنين“، بصرف النظر عن الفقرة الرابعة من التوطئة التي نصت على “الوحدة الوطنية” التي تلتها عبارات “المواطنة و الأخوة و العدالة الإجتماعية” التي جاءت مطلقة بما يعني أن الوحدة الوطنية ليست حكرا على المسلمين و فيما بينهم فقط.
وتعني عبارة وحدة الوطن اللحمة الوطنية، ويبرز ذلك خاصة من الترجمة الفرنسية الرسمية للدستور (la préservation de l’unité nationale) (يراجع الرائد الرسمي – عدد خاص 20/04/2015).
ومن الثابت أنّ الجدل الذي تلى الاحداث المادّي لصندوق الزكاة ببلديّة الكرم يعكس الانقسام الحدّي والعنيف بين مناصريه ومعارضيه، على المستويات القانونية والفكرية والدينية والصحافية.
ووصلت دائرة المعارضة حتّى الى الحزب ذي المرجعية الاسلامية (حركة النهضة) الذي رشّح رئيس البلديّة على رأس قائمته في الانتخابات البلدية بالكرم، ومن المعنيين لطفي زيتون القيادي بالحزب وخاصّة وهو وزير الشؤون المحليّة (سلطة الاشراف على البلديّة) كما سلف بيانه أعلاه.
كما تمسّكت النائبة بمجلس نوّاب الشعب عن حركة النهضة اثناء انعقاد المجلس الجهوي لولاية تونس في 20/05/2020، بمسألة وحدة الدولة ووثائقها، في معارضة ضمنيّة لقرار بلديّة الكرم.
ويستنتج من كلّ ما سبق، أنّ آثار هذا القرار نالت من مبدأ الوحدة الوطنيّة، ووصلت انعكاساته الى حدّ المساس من وحدة مكوّنات الوطن (الاحزاب، البرلمان، المجلس الجهوي، وزارة الاشراف، المجتمع المدني…):
مما يخلق القناعة بأنّ هذا القرار عوض ان يدعّم او على الاقل يحافظ على وحدة الوطن، فإنّه ادّى الى النيل من هذه الوحدة، حتّى انّ البعض يرى أنّه آل الى بث الفتنة، سيما لمّا نعلم أنّ مقاصد الزكاة تتمثّل في “التضامن… ونشر السلم الاجتماعي” (ومن المفارقات انّ هذه المقاصد وردت في محضر جلسة البلديّة).
و تزداد المخاطر لما نعلم:
اقتضى هذا الفصل أن “يحدّد القانون الضوابط المتعلقة بالحقوق والحريات المضمونة بهذا الدستور وممارستها بما لا ينال من جوهرها.
ولا توضع هذه الضوابط إلّا لضرورة تقتضيها دولة مدنية ديمقراطية وبهدف حماية حقوق الغير، أو لمقتضيات الأمن العام، أو الدفاع الوطني، أو الصحة العامة، أو الآداب العامة، وذلك مع احترام التناسب بين هذه الضوابط وموجباتها. وتتكفّل الهيئات القضائية بحماية الحقوق والحريات من أي انتهاك.
لا يجوز لأيّ تعديل أن ينال من مكتسبات حقوق الإنسان وحرياته المضمونة في هذا الدستور”.
وبتطبيق هذا الفصل على الموضوع الماثل والذي يوصف بكونه جوهرة الدستور، يتبيّن:
ونشير في الغرض الى أنّ هذا الفصل ينطبق على حد السواء على النصوص التشريعية وعلى القرارات الترتيبية (حكم الدائرة الابتدائية للمحكمة الاداريّة بقابس – ت.ت – عدد 09200012 بتاريخ 05/11/2018).
ويتّجه التأكيد على أن القضاء هو المتكفل بحماية الحقوق والحريات، طبق صريح أحكام هذا الفصل، ويرى بعض الفقهاء في هذا السياق أن الفصل المذكور يشكل هدية للقضاة (يراجع مقال الأستاذ معتز القرقوري- الفصل 49 من الدستور الجدد هبة للقضاء- جريدة المغرب- 12 جويلية 2014- ص.9).
إستقرّ القضاء على أن التشريعات عامة لها روح، وتعد المسألة من متعلقات النظام العام ويجوز بالتالي للقاضي إثارتها ولو تلقائيا (قرار في مادة ت.س عدد3289 بتاريخ 29 ديسمبر 1993، وكذلك الحكم الإستئنافي عدد27493 بتاريخ 24 ديسمبر 2010).
وأكد في هذا الخصوص الأستاذ معتز القرقوري أنه “يمكن القول أن دستور 2014 هو دستور يفترض ثلاثة معطيات أو أسس تعكس روحه:
– النظام الجمهوري،
– النظام الليبرالي من جهة أنه يكرس الحقوق والحريات لجميع أجيالها،
– النظام الديمقراطي”.
(يراجع مقاله بجريدة المغرب – 2 سبتمبر 2014- ص.9).
ثالثا- في مخالفة الدستور والقانون
لقد إقتضى الفصل المذكور أن “تلتزم الدولة بدعم اللامركزية وإعتمادها بكامل التراب الوطني في إطار وحدة الدولة“.
وقد تمّ التأكيد على هذا المبدأ بالفصل الأوّل من مجلّة الجماعات المحليّة.
وقد سبق أن بينا أعلاه أن الدولة تشكل وحدة مستقلة عن البلدية، دستوريا وإداريا وجبائيا وقضائيا…، ولا سبيل بالتالي لدمج المؤسستين، بما يعني أنه عند التناقض تكون العلوية للدولة و لوحدتها.
وأكد الأستاذ عصام بن حسن في هذا الخصوص في مقاله المتعلق ب “الدستور والسلطة المحلية” أن مجال تدخل الجماعة الترابية يجد حدا له في المواد المسندة حصريا للدولة. ويضيف أن التدبير الحر ينتهي عندما تفرض الأهداف ذات المصلحة الوطنية نفسها، فالتنظيم الإداري للدولة الموحدة (Etat unitaire) يفرض رقابة من الدولة على الجماعات الترابية لضمان علوية المصالح الوطنية وإحترام القوانين (يراجع الكتاب المذكور– قراءات في دستور الجمهورية الثانية- الجزء الفرنسي، ص.41 و 44).
لقد أقر الدستور في توطئته أن “حياد الإدارة” هي من أسس “النظام الجمهوري الديمقراطي التشاركي في إطار الدولة المدنية“.
كما ورد في الفصل 15 أن الإدارة العمومية تعمل وفق عدة مبادئ ومنها الحياد.
إن البلدية هي من أقدم المرافق العمومية (إحداث بلدية تونس سنة 1858) ومن أبرزها، وهي الأقرب الى المواطن، كل هذا يزيد من إلزامية مبدأ الحياد.
ولم تتغافل المجلة عن التذكير بهذا المبدأ الدستوري لما أدرجته في الفصل 75 منها، ضمن المبادئ التي يتعين على كل الجماعات المحلية إحترامها.
واستنادا على ما سبق، يتبين أن بلدية الكرم حادت جليا عن هذا المبدأ، من جهة إعمالها للعنصر الديني الذي يخرج بطبعه المرفق البلدي عن حياده.
لقد أقر الدستور في توطئته أن “المساواة في الحقوق و الواجبات بين جميع المواطنين و المواطنات” هي من أسس “النظام الجمهوري الديمقراطي التشاركي في إطار الدولة المدنية”. ويتأكد نفس هذا المبدأ في الفصل 21 الذي أضاف العبارات التالية “و هم سواء أمام القانون من غير تمييز“.
كما أكّد الفصل 15 من الدستور أن من واجبات المرفق العام إحترام مبدأ المساواة، ونرى أن هذا الفصل متفرع عن التوطئة و الفصل 21 الذي المذكورين.
ولم يتوان المشرع في إدراج ذات المبدأ في الفصلين 25 و 75 من مجلّة الجماعات المحلية.
و يتجه التذكير في هذا الخصوص أن المحكمة الإدارية و منذ إحداثها إستقرت في قضائها على التطبيق الصارم لمبدأ المساواة في القانون و أمامه و أمام المرفق العام.
وبالرجوع الى الملف الماثل، يتجلى أن نتائج القرار البلدي تؤدي الى خرق مبدأ المساواة:
وستكون القائمة الإسمية التي ستعلن عنها البلدية بالضرورة إعمالا للمبدأين الدستوريين و المبدأين التشريعيين المتمثلين في الشفافية و الحوكمة المفتوحة، هي المصدر لخلق هذه الفئات و إشهارها، بما يمثل خرقا فادحا و مباشرا و متعمدا لمبدأ المساواة.
لقد إقتضى الفصل 146 من الدستور أن “تفسر أحكام الدستور و يؤوّل بعضها البعض كوحدة منسجمة”.
وقد بينا أعلاه أن القراءة التقاطعية للفصول المعنية في الدستور، كما أن روحه طبق ما سنبينه لاحقا، يفرضان الجزم بأن القاعدة القانونية النافذة في تونس لا تكون الا جزءا من القانون الوضعي في إطار الدولة المدنية، من دون أن يمنع هذا من إدراج مواد من القانون الإسلامي في هذه القاعدة، كما بيناه أعلاه عبر عديد الأمثلة.
ويتدعم هذا القول من خلال قواعد التأويل التالية:
وان كان الاساس لهذا المبدأ هو الفصل 556 مجلة الالتزامات والعقود اي القانون المدني، فإنّنا نرى أنّه يجد تطبيقا له في مادة النزاعات الادارية عبر “نظرية الموازنة” (La théorie du bilan) التي تقتضي المقارنة بين المنافع والمضار لكلّ قرار اداري خاصّة اذا كان متعدّد الابعاد، ولا يقرّ القاضي الاداري بشرعيّة القرار المخدوش فيه الاّ اذا كانت الغلبة للمنافع، بما يعني انّ هذه الغلبة تكون مساوية لمفهوم المصلحة العامة (l’intérêt général) وتحقيقا لها، والعكس بالعكس.
وعليه يتبيّن انّ الطرح القائل بعدم دستورية هذا القرار هو الاقرب للمنطق ولقواعد التأويل القانوني سابقة العرض، سيما انّ العقد الاجتماعي والسياسي المشترك والرابط بين التونسيين هو الدستور لا غير.
رابعا- في مخالفة القانون
لقد إقتضى الفصل 22 من المجلّة أن “تمارس الجماعات المحلية إختصاصاتها مع مراعاة مقتضيات الدفاع الوطني و الأمن العام“، يبقى أن ما أقدمت عليه بلدية الكرم أحدث تفرقة بين عديد المكونات السياسية و الإجتماعية، و كذلك حتي في الإعلام ولدى الرأي العام، مثلما ما بيناه أعلاه.
كما أن الأمور يمكن أن تزيد تعقيدا، و من المرجح أن تشكل لاحقا خطرا على الأمن العام المحلي و الجهوي و الوطني، إذا توسعت المبادرة موضوع النزاع أفقيا ثم عموديا.
لقد اقتضى هذا الفصل في فقرته الأولى ما يلي: “تتمتع الجماعة المحلية بسلطة ترتيبية تمارسها في حدود مجالها الترابي وإختصاصها مع مراعاة أحكام النصوص التشريعية والترتيبية ذات الصبغة الوطنية”.
ومن المسلّم به فقها وقضاء أنّ السلطة الترتيبية البلديّة هي سلطة منصهرة في منظومة قانونية قائمة وهرميّة. فهذه السلطة الترتيبية المحليّة مطالبة باحترام مبدأ هرميّة القواعد القانونيّة المشكّلة للتشريع الوطني، أي الدستور والقانون والسلطة الترتيبية العامّة، لذا جاز القول بأنّ البلديّة تتمتّع بهذا الخصوص بسلطة ترتيبيّة فرعيّة، أمّا السلطة الترتيبيّة الاصليّة فتبقى حكرا على صاحب السلطة المركزيّة.
وقد بينّا أعلاه، كما سنبيّن أسفله، أن القرار البلدي لم يراع أبدا عديد النصوص الوطنية (الدستور ومجلّة الجماعات المحليّة ومجلّة المحاسبة العمومية).
لذا، يتجلّى أنّ هذا القرار قد خرق مبدأ هرميّة القواعد القانونية الذي ضمنه الفصل المذكور.
أمّا الفقرة الثانية من ذات الفصل فقد نصّت على أنّه : “تحرص الجماعات المحليّة عند ممارسة اختصاصاتها على التنسيق مع بقيّة الجماعات المحليّة المختصّة ترابيا“.
ولا جدال في كون المشرّع أقرّ مبدأ التنسيق عبر هذه الاحكام، بما يضمن تجنب التباين بين التراتيب الصادرة بين مختلف البلديات، من ذلك، وفيما يخصّنا، التراتيب ذات البعد المالي والتي تدخل في اختصاص الجماعات المحليّة.
وفي حالة عدم احترام هذا المبدأ، يمكن أن تقوم بلدية ما بالاعفاء أو التخفيض من بعض المعاليم أو الرسوم أو الحقوق، في حين تبقي بلدية أخرى على نفس المعاليم أو الرسوم أو الحقوق، بما من شأنه أن ينال من مبدأ المساواة، وهذا الامر هو الذي جعل المشرّع يربط بصريح النصّ وفي ذات الفصل بين مبدأ التنسيق ومبدأ المساواة.
لذا، يتجلّى أنّ القرار البلدي قد خرق كذلك مبدأ التنسيق الذي تضمنّه الفصل المذكور.
لقد تضمن هذا الفصل أن البلدية تعمل على دعم الإقتصاد الإجتماعي و التضامني.
و تمسّك رئيس البلدية في عديد تدخلاته الاعلاميّة أن من بين أهداف صندوق الزكاة تحقيق الهدف المذكور، و الحال أنه يبرز جليّا أن توزيع مداخيل الزكاة لا يمكن أن تشكل تجسيدا لهذا الإقتصاد.
فمن المسلم به أن هذا الإقتصاد:
و تطبيقا لهذا المبدأ يستنتج أن العنصرين المذكورين مفقودان واقعا و قانونا في صندوق الزكاة البلدي موضوع النزاع، فالتعاملات بخصوصه ستكون خاصة بالأفراد، و غريبة عن المشاريع.
إقتضى هذا الفصل أن الهدف من الحساب الخاص هو “تمويل مشاريع ذات صبغة عامة“.
وبمناسبة إحداث صندوق الزكاة، كتب الأستاذ ناجي البكوش مقالا سبقت الإشارة اليه، وتمسّك فيه بأن هذه المشاريع العامة تخص “وجوبا رياض الأطفال أو تجهيزات رياضية أو مكتبات أو مباني ثقافية أو دور للمسنين…، و بالتالي لا علاقة لهذا الحساب بالزكاة التي هي واجب ديني”. ويزداد هذا الرأي قيمة وسلطة لما نعلم أن العميد ناجي البكوش كان من أبرز المساهمين في إعداد مشروع مجلّة الجماعات المحليّة ومن الحاضرين في أغلب أعمال اللجان البرلمانية بخصوصه.
لقد إشترط الفصل 138 من مجلّة الجماعات المحليّة أن يتمّ في الغرض “فتح حساب خاص لدى محاسبها العمومي” الذي هو من عون “تابع للدولة” حسب صريح عبارات الفصل 129 من نفس المجلة، وليس تابعا البلدية.
وتقتضي مجلّة المحاسبة العمومية في فصلها 10 وما يليه، وكذلك التراتيب الاداريّة بوزارة المالية، أنّه لا يمكن احداث هذا الحساب الخاص الاّ لدى الخزينة العامة وبمصادقة هذه الوزارة ثمّ يسند له رقم خاص.
وقد ثبت لدينا أن المحاسب العمومي المعني ووزارة الماليّة رفضا فتح هذا الحساب، لأنه جاء مخالفا للقانون وللتراتيب المذكورة. وقد أكّد والي تونس هذا الامر.
وتتضّح خطورة هذه المسألة ووجوب إتّباع الاجراءات المنصوص عليها بالقوانين والتراتيب المعنيّة، خاصّة بالنظر الى العقوبات التي يسلّطها الفصل 95 من المجلّة الجزائية في الجرائم ذات العلاقة باستخلاص الموظفين العموميين للاموال غير الواجبة او قبضها او قبولها، وهو ما أكّده الأستاذ ناجي البكوش صلب مقاله المصاحب.
إن كل ما سبق ذكره يتعلق بالأحكام المشتركة بين أصناف الجماعات المحلية الثلاثة، والأمر يزداد وضوحا في الكتاب المتعلق بالبلديات، إذ يؤكد الفصل 200 على أن البلدية “تعمل على تنمية المنطقة إقتصاديا وإجتماعيا وثقافيا وبيئيا وحضريا“، وفي نفس الإتجاه ينص الفصل 241 على أن “يتولى المجلس البلدي دعم كل الأعمال التي ترمي الى تنشيط الحياة الإجتماعية و الثقافية و الرياضية و البيئية“.
ويتجلى بقراءة عكسية للفصلين المذكورين، أن المشرع لم يتعرض أبدا للمجال الديني، بما يعني أن هذا المجال ليس من مشمولات البلدية، و يظل حكرا للدولة، على معنى الفصل 106 من الدستور و الذي تعرضنا أعلاه.
إقتضى هذا الفصل في فقرته الثالثة ما يلي: “يجرى التصويت علانية… و تدرج أسماء المصوتين بمحضر الجلسة“.
وبالتدقيق في محضر الجلسة المعني المنشور على موقع البلديّة، يتبين أنه جاء خاليا من هذه الصيغة الجوهرية، وإكتفى بعبارات “وافق المجلس بإجماع الحاضرين على إحداث حساب خاص”. وفي غياب قائمة المصوتين له وإمضاءاتهم، فأنه لا يمكن الجزم بحصول هذا الإجماع، سيما أن هذا المستخرج ممضى من رئيس البلدية دون سواه، فضلا عن أنه حرر وأمضي في 29 نوفمبر 2019 أي بعد ثمانية أيام من إنعقاد الجلسة.
لقد قام رئيس بلدية الكرم بإصدار كتاب حول صندوق الزكاة، و صرح في قناة المتوسط في يوم 21 ماي 2020 أن مداخيله ستحول الى ميزانية البلدية، و أن مداخيله في المستقبل ستكون موضوع “وقف” لها، مما يشكل في حد ذاته إحياء لمؤسسة الأوقاف.
ويعتبر الأمران خرقا للفصل 280 من مجلة الجماعات المحليّة والذي يقتضي أنه “يمنع على كل عضو بالمجلس البلدي إبرام عقود مع المجلس أو أن تكون له معاملات مهما كان نوعها مع المجلس الذي هو عضو فيه إذا كان في وضعية تضارب مصالح على معنى التشريع المتعلق بتضارب المصالح”. ويعني تضارب المصالح “الوضعية التي يكون للشخص الخاضع لأحكام هذا القانون مصلحة شخصية مباشرة أو غير مباشرة…” (يراجع الفصل 4 من القانون عدد46 المؤرخ في 1 أوت 2013 والمتعلق بالتصريح بالمكاسب والمصالح وبمكافحة الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح).
ومن البديهي أن ما أقدم عليه رئيس البلدية يؤدي بالضرورة الى الزبونية، كما أنه يشكل إشهارا سياسيا ولو بعد حين.
خامسا- في خرق المبادئ القانونية العامة
من المسلم به أن القاعدة القانونية تتميز بعدة وظائف، ومنها الوظيفة الإجتماعية التي تتلخص في الإدماج، الا أن القرار الترتيبي المخدوش فيه لم يخالف هذه الوظيفة فحسب، بل كان معاكسا لها، ذلك أن مؤداه هو الإقصاء والتفرقة بناءا على مكونه الرئيسي و هو شعيرة دينية، طبق ما سبق عرضه أعلاه.
إستقر القضاء الإداري على تعريف الإنحراف بأنه يتمثل في عديد المؤشرات من أعمال وأفعال قانونية وواقعية تتقاطع في الزمان والمكان والتي تشكل قناعة لدى القاضي بأن الإدارة إستعملت صلاحيات السلطة العامة ومنها إصدار قرارات أحادية وملزمة بهدف خدمة غريبة عن هذه الصلاحية أو عن المصلحة العامة.
وقد سبق أن عرضنا أعلاه عديد المؤشرات التي تثبت أن الهدف الاستراتيجي من وراء القرار المخدوش فيه هو إعطاء علوية للشريعة الإسلامية على القانون الوضعي، و قد سبق “…أن رفض بعض ضباط الحالة المدنية مسألة الحريات الدينية، ضرورة أن إبرام عقد زواج تونسية مع أجنبي غير مسلم يتعارض مع حرياتهم الدينية. وأكد ذلك رئيس بلدية الكرم الذي ربط ذلك بجانب ديني تزامن مع طرح فكرة المساواة في الإرث، مما أدى إلى تدخل السلطة المركزية لفرض التوجه العام للدولة” (المؤلف الجماعي: الجماعات المحلية و الحريات الفردية – تحت إشراف الأستاذ وحيد الفرشيشي- الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية- 2019 – ص.56). كل هذا رغم حذف الحاجز الترتيبي المتمثل في منشور وزير العدل عدد216 لسنة 1973 المتعلق بتحجير إبرام زواج التونسيات المسلمات بغير المسلمين، بإصدار وزير العدل منشورا في شهر سبتمبر 2017 يقضي بإلغاء منشور 1973، بناءا على مخالفته للفصلين 21 و46 من الدستور ولعديد المعاهدات الدولية.
وعليه يتجلى أن ما قامت به بلدية الكرم بواسطة قرارها موضوع المقال يشكّل في مبناه وفي مقاصده وفي مؤدّاه إنحرافا مضاعفا، بمجرد إستعمال الحساب الخاص (الفصل 138 المذكور) لغير غرضه، و توظيف الدين وبالتحديد شعيرة نبيلة في حسابات سياسية ضيقة.
سادسا- الخاتمة
فصل الكلام، يكفي تونس ما تعيشه من مشاكل إجتماعية وإقتصادية كلية، وهي لن تحتمل أزمة سياسية ومجتمعية جديدة في ظاهرها قانونية، لكنها لا تخرج في باطنها عن رهانات أيديولوجية و سياسية.
لهذا يبقى الأمل معقودا على القضاء الإداري الذي إتسمت منذ عقود سياسته القضائية (Politique jurisprudentielle) بإعلاء الدستور والقانون في ما لا يتعارض مع المصلحة العامة، كما إتسم قضاؤه السياسي (jurisprudence politique) بالحفاظ على السلم الإجتماعي والسياسي بالبلاد التونسية.
ونشير في هذا السياق وبالتوازي مع التوافق الضمني الحاصل بخصوص غياب المقبولية (المشروعية légitimité ) الكافية عند المجتمع التونسي بمشروع مجلة الحريات الشخصية بمبادرة من الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، فإن هذا الغياب ثابت بدوره بخصوص مقبولية صندوق زكاة وطني (رفض المشروع خلال المرحلة التأسيسية)،