الشارع المغاربي-تحقيق‭ : ‬محمد‭ ‬الجلالي:تُلاحق والي بن عروس عز الدين شلبي شبهات فساد إداري ومالي وحتى أخلاقي بلغت حد إجبار عاملات نظافة بالولاية على التحول بصفة دورية إلى منزله الوظيفي للسهر على راحة عائلته وضيوفه وندمائه حتى ساعات متأخرة من الليل وفي ظروف لاانسانية ونقلتهن تعسفيا بعد رفضهن الاستمرار في خدمته.

تجاوزات الوالي تعلقت أيضا بالاستيلاء على مأوى خاص لكبار السن وتحويله الى منزل وظيفي فارضا على صاحبة المأوى الانتقال من ضاحية بومهل إلى حمام الشط مما بات يهدد بإمكانية سحب الرخصة منها.

أسبوعية “الشارع المغاربي” حصلت أيضا على شهادات ووثائق تشير الى تحرش شلبي بإحدى الناشطات بالمجتمع المدني.

بداية الانحراف

في أول اجتماع لعز الدين شلبي بموظفي ولاية بن عروس اواخر نوفمبر 2021، تاريخ تعيينه على رأس الولاية استبشر عديد المسؤولين بفتح صفحة جديدة خالية من استغلال النفوذ والفساد والتلاعب بالصفقات بعد قضايا مازالت أمام انظار القضاء.

أكد مصدر بالولاية ان شلبي اعلن في اول مصافحة للموظفين انه “ابن مشروع رئيس الجمهورية قيس سعيد القائم على التصدي للظلم والفساد” وانه” سيكون بالمرصاد لأي انحراف”.

وأضاف المصدر الذي فضّل عدم الكشف عن هويته “خطاب السيد الوالي تضمن من جهة رسائل طمأنة وبث من جهة ثانية الرعب في قلوب مسؤولين لا يزالون على ذمة أبحاث أمنية وقضائية بتهم فساد. لقد خرج البعض في عطل قصيرة وحتى طويلة الامد ولازم اخرون مكاتبهم منتظرين محاسبتهم في كل حين”.

المتحدث ابرز ان “الوالي سرعان ما انقلب على عقبيه مستغلا أصحاب سوابق إدارية ومالية لبسط نفوذه وتطويع الادارة لأغراضه الضيقة” وإلى انه “كان اول المنحرفين بتجنيد المعتمدين والعمد للبحث عن منزل وظيفي يليق بمقامه في ضاحية بومهل الراقية”.

ولفت الى ان رحلة البحث عن المنزل الوظيفي المنتظر آلت الى اختيار اقامة فاخرة بـ 8 اجنحة في بومهل وبان العقبة الوحيدة التي واجهت الوالي انها مستاجرة من طرف مأوى مخصص لكبار السن.

يقول المصدر: “تمسك عز الدين شلبي بالحصول على الإقامة واجبر صاحبة المشروع الخاص على مغادرتها واعادة تركيز المأوى بضاحية حمام الشط. بل استنفر موظفي الولايات والمعتمديات والبلديات وسخر الشاحنات العمومية لنقل اثاث الشركة الخاصة في خرق واضح للقانون. كما تسبب ذلك في تهشيم بعض تجهيزات الشركة وسرقة بعض املاك صاحبتها”.

موظف ثان بولاية بن عروس أكد بدوره ان مديرة مأوى كبار السن قصدت الادارة للتعبير عن غضبها مما تعرضت له من خسارة فادحة في مشروعها ملاحظا انها اتهمت اعوانا عموميين كانوا قد اشرفوا على شحن اثاثها ونقله من بومهل الى حمام الشط بسرقة بعض اغراضها.

وواصل المصدر: “بعد ضمان المنزل الوظيفي انصب اهتمام الوالي على ترميم وتجهيزه وتهيئته حتى يكون ملائما لمقامه الرفيع فخصص 14 الف دينار من ميزانية الولاية لخلاص اشغال الترميم وهو امر غير قانوني وجند اغلب عمال الولاية للتسريع في الترميم وكلف احد المعتمدين بالاشراف على الاشغال عوض الانكباب على حل مشاكل المواطنين”.

المصدر بيّن ان مبلغ 14 الف دينار كان غير كاف وان الوالي طلب 10 الاف دينار إضافية من ادارة الشؤون الادارية والمالية ملاحظا ان ذلك تسبب في تجميد رئيس دائرة فرعية للشؤون للمالية والادارية بعد رفضه طلب الوالي وادى به الى تعيين مديرة فرعية رئيسة لدائرة الشؤون المالية والادارية معتمدا في ذلك على مذكرة داخلية عوض العودة لوزارة الداخلية.

واكد المصدر ان شلبي اضطر الى تمويل ما تبقى من اشغال الترميم بشيك تسلمه من زوجة معتمد بالجهة بعد فشله في استغلال اموال اضافية من ميزانية الولاية.

“عبيد” في خدمة العائلة

من المنتظر ان يستقبل رئيس الجمهورية قيس سعيد يوم الثلاثاء 16 اوت 2022 ( تاريخ صدور العدد) عاملات نظافة متعاقدات مع ولاية بن عروس في اطار تشغيل عملة الحظائر الظرفية بعد تقدمهن بشكايات لرئاسة الجمهورية ووزارة الداخلية مفادها تعرضهن للاهانة والاستغلال من قبل عائلة والي الجهة ونقلتهن تعسفيا الى مستشفى الحروق البليغة.

ليلى بوهاني العاملة بالولاية منذ 10 سنوات اكدت في تصريح لـ “الشارع المغاربي” انه تم اجبارها على التحول الى منزل الوالي رفقة قرابة 15 منظفة والعمل طيلة أكثر من 12 ساعة في ظروف عمل وصفتها باللاانسانية والمهينة.

وقالت ليلى: “خلال عملي باقامة الوالي كنت محل استغلال مفرط من طرف أفراد عائلته. كنا نشتغل لساعات طويلة في التنظيف دون تمكيننا حتى من فرصة للاستراحة او سد رمقنا رغم ما عاينا من بذخ العيش”.

وتابعت: “قبل عيد الاضحى بأيام تحولنا الى المنزل الوظيفي لإكمال عمليات التنظيف فلاحظنا ان عائلة الوالي تعد لوليمة وانه تم ذبح خروف وتوفير كميات كبيرة من الغلال وطبخ ما لذ وطاب من الوجبات. في المقابل حُرمنا حتى من الماء وحُبس عنا الاكل مما دفعني شخصيا الى التوجه لاقرب محل للمواد الغذائية لاقتناء قطعة بسكويت اسكت بها جوعي”.

من جهته أشار موظف بالولاية الى ان والي بن عروس استغل هشاشة وضعية عاملات النظافة بالادارة ليجندهن من اجل تنظيف منزله الوظيفي والى ان ذلك أثار اشمئزاز زملائه ورفض بعض المنظفات.

اختناق وصعقة كهربائية..

ليلى لاحظت ان اخت الوالي كانت تسارع الى الاستيلاء على كل معدات ولوازم النظافة التي يتم جلبها من الولاية لشحنها بسيارتها ثم مبارحة المكان وان ذلك تسبب في حرمان العاملات من معدات الشغل واثقال كاهلهن بمجهودات اضافية.

من جانبها ابرزت فاطمة التواتي العاملة السابقة بمقر معتمدية بومهل انها تعرضت في شهر جويلية المنقضي لنقلة من مقر المعتمدية الى مقر الولاية وانه تمت نقلتها مرة ثانية من الولاية الى مستشفى الحروق البليغة ببن عروس بعد رفضها الاشتغال في ظروف وصفتها بالمهينة فيمنزل الوالي.

شاذلية اخت ليلى بوهاني قالت انها كانت بدورها ضحية العمل لساعات طويلة في منزل الوالي في ما اكدت ليلى ان اختها تعرضت في بداية شهر جويلية الماضي الى اختناق حاد استوجب نقلها الى مستشفى الياسمينات بسبب استنشاقها كميات مهولة من الجافال والمواد الكيميائية في اقامة الوالي وان ذلك دفعهما الى رفض العودة مرة اخرى للعمل بمنزله وادى لنقلتهما تعسفيا الى مستشفى الحروق البليغة.

وتتابع: “حين استنجدنا بالسيد الوالي تم منعنا من ملاقاته ولما مر بنا رفض التوقف ملوّحا بيده في حركة تنم عن احتقارنا. ثم واجهتنا المديرة الجديدة المكلفة بالشؤون الادارية والمالية بوابل من الشتائم فما كان من اختي شاذلية الا ان سحبت مفتاحا من حقيبتها وجرحت به يدها بعد ان استبد بها اليأس وباتت مهددة بالبطالة فسارعت المديرة الى استقدام اعوان امن وتم رفع قضية بنا بتهمة الاعتداء على نفس بشرية.

واكدت الاختان ليلى وشاذلية انهما تزاولان رغم الاعاقة عملهما بولاية بن عروس منذ 10 سنوات مقابل اجر شهري لا يتجاوز 380 دينارا للواحدة وذلك حتى تتمكنا من اعالة عائلتيهما.

ولفتت ليلى الى ان زميلة لها تعرضت الى صعقة كهربائية خلال عملها المضني بمنزل الوالي والى ان ذلك تسبب لها في اجهاض مبرزة ان افراد عائلته لم يكلفوا انفسهم حتى مشقة نقلها الى المستشفى او الاتصال بسيارة اسعاف وان احدهم اكتفى بالقول:” ان شاء الله لاباس مدام… ما تنساش غدوة باش تجي تخدم”.

ليلى اكدت ان زميلتها لم تسلم بدورها من نقلة تعسفية الى مستشفى الحروق البليغة ببن عروس وان ذلك ادى الى اصابتها بفيروس استوجب ملازمتها المستشفى كمريضة لا كعاملة نظافة.

استنجاد بوزير الداخلية

 حصلت “الشارع المغاربي” من عاملات النظافة على نسخ من شكاية وجهنها الى وزير الداخلية توفيق شرف الدين واستجوابات وجهها والي بن عروس اليهم بعد رفضهن العمل في ظروف مهينة بمنزله الذي وفرت له الولاية بدورها منظفة قارة باقامته.

وجاء في استجوابات ممضاة من الوالي عز الدين شلبي بتاريخ 29 جويلية الماضي وجهها الى ليلى وشاذلية بوهاني وفاطمة التواتي والى زميلة اخرى: “المرغوب منكن تقديم ايضاحات حول تحريضكن زميلاتكن ورفضكن التوجه الى المسكن الوظيفي للسيد الوالي والقيام بأشغال التنظيف اضافة الى تعرضكن الى مديرة الشؤون الادارية العامة بالشتم مع احداث فوضى وشغب ببهو الولاية”.

واكدت العاملات في مراسلة لوزير الداخلية بتاريخ 10 اوت الجاري انه “منذ تعيين الوالي عز الدين شلبي تمت هرسلتهن واستغلالهن في مقر سكناه لخدمته وخدمة عائلته” متهمات اخته بـ “معاملتهن معاملة لااناسانية وتعمدها عدم تمكينهن من طعام رغم بقائهن في خدمتها لاكثر من 12 ساعة واحيانا من السابعة صباحا الى منتصف الليل”.

وابرزت العاملات في مراسلتهن انهن رفضن العمل مجددا بمنزل الوالي بسبب الهرسلة والاستغلال والمعاملة المهينة وان شلبي عاقبهن بنقل تعسفية الى مستشفى الحروق البليغة مشددات على ان تنقلهن الى المستشفى يكلف يوميا كل واحدة من هن ما لا يقل عن 12 دينارا وعلى ان ذلك يفوق دخلهن اليومي.

والتحرش الجنسي..

عاملة النظامة فاطمة التواتي تحدثت عن تعرضها الى تحرش جنسي من طرف عون بمعتمدية بومهل قبل نقلتها الى ولاية بن عروس ثم الى مستشفى الحروق البليغة مؤكدة ان زميل لها عبّر عن استعداده لتقديم شهادته في الغرض.

وفي هذا الاطار حصلت الجريدة على نسخة من شكاية رفعتها ناشطة بالمجتمع المدني يوم 11 اوت الحالي الى وزير الداخلية متهمة فيها والي بن عروس بالتحرش الجنسي بها في اكثر من مناسبة.

وكتبت الناشطة “إثر نهاية لقاء جمعني رفقة نائبي الاول بعز الدين شلبي في مكتبه طلب الوالي من نائبي مغادرة المكتب وتوجه الي محاولا توديعي بالقبلات بطريقة غير لائقة فتصديت له وغادرت مكتبه مندهشة”.

وأضافت “حاول مرة اخرى مما دفعني لعدم حضور بقية الاجتماعات والاكتفاء بارسال من يمثلني”.

“الشارع المغاربي” اتصلت بالناشطة التي فضلت عدم التعليق على حادثة التحرش ملاحظة في الوقت نفسه ان الوالي يعتمد على حساب فايسبوكي مشبوه لهرسلتها ومحاولة النيل من عرضها فيما اكدت مصادر أخرى دخول القضاء على الخط بعد أن قدمت الناشطة قضية بالوالي بتهمة التحرش الجنسي.

وقد حاولت “الشارع المغاربي” الاتصال هاتفيا بالوالي عز الدين شلبي لكنه لم يرد على هاتفها فوجهت اليه ارسالية ضمنتها استفسارها عما لحق بعاملات النظافة من اهانة ونُقل تعسفية ومدى قانونية الاموال التي انفقها على ترميم منزله الوظيفي وعن تهمة التحرش الجنسي التي وجهتها إليه ناشطة بالمجتمع المدني لطنها لم تتلق اية اجابة منه الى حدود نشر هذا المقال.

هكذا اذن حوّل عز الدين شلبي منصبه كوال لبن عروس من مسؤولية لخدمة البلاد والعباد الى مناسبة لارتكاب تجاوزات مالية وادارية واخلاقية وفرصة لـ “استعباد” بعض عاملات النظافة وتسخير موارد الدولة ل خدمة مصالح ضيقة لا تمت بصلة للمسؤولية التي يفرضها عليها منصبه.

نشر بأسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 16 اوت 2022