الشارع المغاربي-منير الفلاح: إنتظمت يوم أمس أمام مقر ولاية صفاقس وقفة احتجاجيّة شارك فيها المئات من الفنّانين الشعبيين على خلفيّة إقدام أحد عازفي الإيقاع (س.ح ) على الإنتحار نظرا لوضعيّته الإجتماعيّة المتأزمة جرّاء عدم تمكنه من العمل في هذه الفترة بسبب الحجر الصحّي وأيضا لتأخّر وزارة الثقافة في تمكينه من منحة “دفع الحياة الثقافيّة”.
وجاء في تدوينة المايسترو “هلال بن عمر” أحد أساتذة الموسيقى وصاحب العديد من الإنتاجات الموسيقيّة المقدمة في مهرجانات الجهة:” اليوم أصبحنا على خبر محزن مفاده انتحار عازف ايقاع في صفاقس.. الله يرحمه ويسامحه، مسكين ضاقت بيه الدنيا، ما ماتش بكورونا اما مات باللامبالاة… وزارة الثقافة التي وعدت بالوقوف مع الفنانين في هذه الظروف الصعبة لا أثر لها… قطاع الموسيقى في تونس يشغل الآلاف وفيهم شكون هاك مصدر قوته وقوت صغاره، كان ما تاقفش معاهم الدولة في وضعية كيف هذه مالا وقتاش؟؟؟؟ ربي يرحمه ويصبّر عايلته”.
كما أورد الصحفي محمّد اليوسفي على لسان الفنانة مريم العڤربي :”السيد بقى ايام وهو ماشي جاي على الولاية على حكاية المنحة متاع البطالة الفنية. هو يخدم في فرقة والظرف الاستثنائي الحالي خلاه بلا مورد رزق. مأساة كبيرة والله. ربي يرحمو ويصبر عائلتو”.
يُذكر أنّه سبق لوزيرة الثقافة شيراز العتيري أن تحدّثت في أكثر من إذاعة وشاشة تلفزيون للترويج لمشروع “حساب دفع الحياة الثقافيّة” .
هذا الحساب بعث من أجل التغلب على ما سيشهد القطاع الثقافي من صعوبات ناجمة عن التدابير الوقائية المقررة للحد من انتشار فيروس كورونا واتخذت الوزارة ما يتوجب من إجراءات للتخفيف من انعكاسات هذه الجائحة السلبية والتوقي من الأثار الاقتصادية التي ستلحق بالقطاع وبالفاعلين فيه نتيجة توقف ما يزيد عن 700 نشاط ثقافي وإيمانا بقيمة الثقافة من حيث أنها محرك أساسي للاقتصاد الوطني وبعد التشاور مع رئيس الحكومة قامت الوزيرة بالإعلان عن إحداث هذا الحساب الخاص بدفع الحياة الثقافية (Fonds Relance Culture) وهو “حساب أموال مشاركة” موجه لدفع القطاع الثقافي ودعم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للمتدخلين فيه ويهدف هذا الحساب بالخصوص إلى مجابهة الأزمة الراهنة ودعم الفنانين والمبدعين والمثقفين ، ومصاحبة عدد من المؤسسات والمبادرات الثقافية المتضررة من توقف الأنشطة… وتعد التبرعات والهبات والعطايا إحدى أهم موارد هذا الصندوق . وقد أعرب العديد من شركات القطاع الخاص والمجتمع المدني عن رغبتهم في تمويل هذا الحساب والمساهمة في عملية الانتعاش .
وستعطى أولوية الاستفادة منها في مرحلة أولى إلى الأفراد والمؤسسات العاملين في المجال الثقافي، والذين هم الأكثر هشاشة وتأثرا بالأزمة الراهنة. وبعد أقل من 24 ساعة من الإعلان الرسمي عن إنشاء هذا القانون،تلقى حساب دفع الحياة الثقافية مساهمات تبرّع بقيمة 1400 ألف دينار لسنة 2020 . كل هذه المعلومات سمع بها أهل المهنة وكبرت الحلمة عندهم وسجّلوا أسماءهم في سجل الطالبين للدعم والعون …لكن لا حياة لمن تنادي ووصل الأمر بهم إلى الإنتحار والتظاهر . علما ان نقابة المهن الموسيقية والمهن المجاورة أصدرت بيانا جاء فيه: “تتابع النقابة ببالغ القلق والأسف التطوّرات الأخيرة التي تشهدها الساحة الفنية بتونس وتداعياتها الاجتماعية جراء ازمة كورونا , آخرها اليوم انتحار فنان بجهة صفاقس نتيجة الفقر والتهميش وإنقطاع السبل . وكما كنا من اول المطالبين بالاسراع في صرف المنحة الظرفية لمستحقيها نظرا لخطورة الوضع وانقطاع السبل امام اغلب المنتمين للقطاع و نبهنا في العديد من المرات الى صعوبة وهشاشة الاوضاع الاجتماعية لاغلب الموسيقيين والفنانين , فاننا اليوم نجدد مطلبنا وبكل شدة والحاح من وزارة الشوون الثقافية ووزارة المالية والاطراف المتدخلة بالامر بالإسراع في ما خطّطت له من مساعدات ومنح ظرفية حتّى نتجنّب مثل هذه الحوادث الأليمة وما يسعنا إلاّ أن نترحّم على الفقيد داعين الله أن يغفر له وأن يتغمّده برحمته وأن يمنح ذويه جميل الصّبر والسّلوان.