الشارع المغاربي-خالد النوري: زاد البلاغ الذي اصدره مجلس نواب الشعب مساء يوم امس عقب لقاء رئيسه راشد الغنوشي برئيس الجمهورية قيس سعيد في تغذية ما يروج من اخبار حول اختلاف في وجهات النظر قد يرتقي في بعض الاحيان الى توتر بين الطرفين.
ولئن اشار البلاغ الذي اصدره البرلمان في ساعة متاخرة من مساء امس ونشره على صفحته بموقع فايسبوك الى”ان اللقاء جرى في أجواء من الود والصراحة اثبت زيف ما تروّج بعض الأطراف “المشبوهة” من صراع داخل الدولة وبين مؤسّساتها وأنّ الاختلاف في وجهات النظر ممكن في إطار احترام الدستور ومبدأ وحدة الدولة في خياراتها وتوجّهاتها الكبرى” فان النفي بدا وكأنه تأكيد على وجود خلافات لا يخفيها خاصة رئيس الجمهورية.
فمن الناحية الشكلية فان هذا البلاغ جاء “مستفيصا” على عكس بلاغ رئاسة الجمهورية الذي جاء مقتضبا ولم تتجاوز مضامينه سطرين واقتصر على الاشارة الى ان اللقاء “تناول الوضع العام بالبلاد وتطرق إلى جملة من القضايا الدولية وخاصة منها القضايا الإقليمية الراهنة”وكأن رئيس البرلمان اراد ان يقول ما لا ترغب مؤسسة رئاسة الجمهورية في قوله او ان يحل محلها في تفسير ما لا ترغب في تفسيره وفي كلتا الحالتين فان هذا يعتبر حطأ بروتوكوليا من قبل رئاسة البرلمان.
واكثر من ذلك قانه من الواضح ان رئاسة البرلمان استغلت هذا اللقاء لتمرير رسائل سياسية لخصومها وربما ايضا لرئاسة الجمهورية نفسها من خلال التاكيد على استعداد مجلس نواب للتفاعل الإيجابي مع المبادرات التشريعيّة التي تُساعد في خروج البلاد سريعا من التداعيات التي خلّفتها جائحة كورونا على جميع المستويات وخاصة الاجتماعيّة والاقتصاديّة”.
ولئن اطنب بلاغ البرلمان في التاكيد على التوافق في الرؤى بينه وبين رئاسة الجمهورية حيال تشخيص الوضع العام في البلاد فان بلاغ الغنوشي في المقابل لم يشر البتة الى “التطرق إلى جملة من القضايا الدولية وخاصة منها القضايا الإقليمية الراهنة”والتي اشار اليها بلاغ رئاسة الجمهورية.
واذا اخذنا بعين الاعتبار الوضع الراهن في ليبيا والجدل القائم حول الموقف التونسي الرسمي حياله فان “تعتيم” البرلمان على القضايا الاقليمية يؤكد ما تضمر رئاسة البرلمان من نوايا اقل ما يمكن ان يقال في شانها انها غير بريئة ليس فقط حيال الوضع الليبي بل ايضا ازاء رئاسة الجمهورية .فاما ان البرلمان اراد ان يكذب رئاسة الجمهورية وينفي تطرق اللقاء ” إلى جملة من القضايا الدولية وخاصة منها القضايا الإقليمية الراهنة” واما انه اختار التعتيم حول هذه المسالة بصفة متعمدة تفاديا لمزيد تغذية الجدل القائم حول موقف الديبلوماسية التونسية من القضايا الاقليمية والتي ستكون محور جلسة مساءلة لرئيس البرلمان يوم 3 جوان القادم.