الشارع المغاربي -كريمة السعداوي: في سياق مفاجئ، طلب اليوم الجمعة 19 فيفري 2021 الصّندوق الوطني للضّمان الاجتماعي، من كلّ المؤسّسات السّياحية ومؤسّسات الصّناعات التّقليديّة تسوية وضعياتها معه في اجل أقصاه يوم 31 مارس 2021.
وتُعد وفق الصندوق، المؤسّسات المعنية بهذه الدعوة تلك التّي تخلّدت بذمّتها ديون لفائدته بعنوان اشتراكات نظام الضّمان الاجتماعي للعملة الأجراء في القطاع غير الفلاحي ونظام حوادث الشّغل والأمراض المهنيّة للثلاثيّات المنقضية إلى حدود الثلاثية الثالثة لسنة 2020 مبرزا أن التسوية تتم عبر إبرام جدولة لأصل الدّين وخلاص القسط الأول من الجدولة واعتباره كتسبقة وخلاص مصاريف التتبع.
كما طلب الصندوق من المؤسّسات، التّي تولّت خلاص أصل الدّين، تقديم مطلب في طرح خطايا التأخير للنظر فيه من طرف اللّجنة المختصّة صلب وزارة الشؤون الاجتماعية مفسرا تمشيه في إطار مبهم بحرصه على الإحاطة بالمؤسّسات السّياحية ومؤسّسات الصّناعات التّقليديّة، وهي التي استوفت مسار انهيارها تقريبا بالكامل، طبقا لمنشور وزير الشّؤون الاجتماعيّة عدد 3 لسنة 2021.
ويثير اجراء الصندوق أكثر من نقطة استفهام باعتبار ان قطاع السياحة والصناعات التقليدية في حالة حرجة للغاية وهو ما كان قد أكده وزير السياحة الحبيب عمار خلال جلسة استماع له بمجلس نواب الشعب يوم الثلاثاء 16 فيفري الجاري حيث أبرز أن القطاع يعيش أزمة خانقة خاصة في ظل انتشار جائحة كورونا وان ذلك تسبب في انخفاض عدد السياح بنسبة 75 بالمائة.
كما اوضح الوزير ان الحكومة اتخذت إجراءات لمساندة القطاع السياحي وحماية المؤسسات من الاندثار بتمتيع العاملين فيه بمنحة تقدر بـ 200 دينار وبتكفل الدولة بمصاريف صندوق الضمان الاجتماعي مما يجعل من دعوة الصندوق اليوم المؤسسات لخلاص الأعباء الاجتماعية متضاربة مع مساعي الحكومة لتخفيف الضغط المالي عنها. وتعهد وزير السياحة بالعمل على إعداد مخطط لإعادة إنعاش القطاع السياحي مشيرا الى انه سيعيش فترة صعبة لخمسة أشهر قادمة .
يذكر ان العائدات السياحيّة تراجعت بنسبة 64 بالمائة لتصل قيمتها الى ملياري دينار، على امتداد سنة 2020، مقابل 6ر5 مليارات دينار سنة 2019، وذلك وفق المؤشرات النقدية والمالية للبنك المركزي مما يعني أن خسائر القطاع تناهز نحو 3.6 مليارات دينار أي ما يعادل نحو مليار أورو وهي حصيلة سلبية لم يشهدها القطاع من قبل حتى في أحلك أزماته سنوات 1991 و2004 و2015 استنادا الى معطيات الإحصائيات المتعلقة بنشاطه. وفي هذا الإطار، كانت رئيسة الجامعة التونسية للنزل درة ميلاد قد دقت ناقوس الخطر على هذا الصعيد اذ أكدت بتاريخ الأربعاء 30 ديسمبر الفارط أن القطاع في حالة شلل تام منذ أكثر من سنة مبينة تسجيل تراجع بنسبة 80 بالمائة في عدد الليالي المقضاة وإغلاق أكثر من 70% من النزل أبوابها وتوقفها عن النشاط.
وقدرت ميلاد أن يرتفع عدد العاطلين عن العمل في القطاع السياحي الى ما يقارب 27 الفا مشيرة إلى أن دراسة اجرتها الجامعة مؤخرا بالتنسيق مع خبراء اقتصاديين بينت ان 6 عائلات عن كل 10 من العائلات العاملة في القطاع الفندقي مهددة بالنزول تحت خط الفقر.
كما اوضحت ان مساهمة السياحة في الناتج الداخلي الخام تبلغ في الظروف العادية نسبة 14 بالمائة وأنه بالاطلاع على الأرقام يتبين حجم الكارثة التي يمر بها القطاع وتأثيرها الكبير على الاقتصاد لافتة الى أن لتعطل قطاع السياحة تأثيرا سلبيا على عدد من القطاعات الاقتصادية الأخرى.
في جانب اخر، اكد مؤخرا المدير العام للديوان الوطني للصناعات التقليدية، فوزي بن حليمة أن وباء كوفيد-19 أدى إلى تراكم مخزون غير مسوّق لدى الحرفيين بقيمة 40 مليون دينار، مرجعا تراكم المخزون إلى الغاء حوالي 50 صالون منذ شهر مارس الفارط، وهي الفترة التي تشهد خلالها المبيعات ارتفاعا هاما، وبات على هذا الاساس من الصعب على الحرفيين تسويق منتوجاتهم باعتبار ان التظاهرات تعد المسلك الاكثر استراتيجية للترويج بالنسبة لهم، وأصبح بالتالي اكثر من الضروري اليوم، وفق المدير العام، تطوير منصات الكترونية لمساعدة الحرفيين على ترويج منتوجاتهم.
وفي ما يهم صادرات المنتجات الحرفية، التي وفرت، حسب بن حليمة، 20 مليون دينار بداية سنة 2020،خسرت مؤسسات الصناعات التقليدية المصدرة أكثر من 85 % من رقم معاملاتها في ظل وضعية كارثية، حيث لم يعد أهل القطاع قادرين حاليا على خلاص المزودين وحتى على تأمين حاجاتهم الاساسية، سيما ان حوالي 50% من الحرفيين تخلوا عن نشاطهم المهني مع تفاقم الازمة التي تسببت في حرمان 350 ألف حرفي من عملهم واضطرت أكثر من 800 مؤسسة في القطاع الى تعليق نشاطها وذلك استنادا الى معطيات الجامعة التونسية للصناعات التقليدية.