الشارع المغاربي: اعتبر راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة والبرلمان المجمد اليوم الاربعاء 11 اوت 2021 أنه لا حل لمشاكل البلاد المعقدة إلا بعقد حوار شامل يلتزم الجميع بمخرجاته ويكون تحت إشراف رئيس الجمهورية.
وقال الغنوشي في مقابلة مع وكالة “الاناضول” التركية “نحن في انتظار إعلان رئيس الجمهورية عن خارطة طريق تبيّن تصوره للخروج من الأزمة الحالية وقناعتنا أنه لا حل لمشاكل البلاد المعقدة إلا بعقد حوار شامل يلتزم الجميع بمخرجاته ويكون تحت إشراف رئيس الجمهورية”.
وأضاف: “نحن سندعمه (الرئيس) ونعمل على إنجاحه بما يقتضى ذلك من استعداد للتضحيات من أجل الحفاظ على استقرار بلادنا ودولتنا واستمرار ديمقراطيتنا، ونأمل أن يشمل هذا الحوار ملامح المرحلة القادمة على مستوى الإصلاحات الاقتصادية والسياسية التي تحتاجها البلاد”.
وبيّن أن تونس تحتاج أيضا للخروج من حالة تعطّل المؤسسات سواء التشريعية متمثلة في البرلمان أو التنفيذية متمثلة في الحكومة معتبرا ان استقالة المشيشي “فتحت المجال للرئيس لاقتراح رئيس حكومة” مضيفا “نحن مستعدون للتفاعل مع اقتراح ما دام هدف الحكومة القادمة هو الانكباب على حل مشاكل البلاد ونتوقع أن يتفاعل البرلمان إيجابيا مع الحكومة التي سيتم اقتراحها سواء على مستوى التزكية أو البرنامج”.
وتابع: “نحتاج لاغلاق قوس الإجراءات الاستثنائية حتى تكون لدينا حكومة شرعية وسلطة تشريعية تساهم مع غيرها من السلطات في البحث عن الحلول والاستفادة من أخطاء الماضي لتفاديها وتجاوزها بالتعاون مع بقية مؤسسات الدولة وقوى المجتمع” مشددا على انه “لا حل لتونس إلا بالحوار والتعاون حتى نحافظ على جذوة الحرية والثورة وحتى نبني على الانجازات الموجودة ونتجاوز ونعدل النقائص التي شابت تجربتنا”.
واكد الغنوشي أن حركته “تلقت رسالة الشعب وأنها ستعلن نقدها الذاتي بكل شجاعة” مشددا في الوقت نفسه على أن مصير القنوات الإعلامية العربية التي “تشيطن” التجربة الديمقراطية التونسية “الخيبة” معربا عن استعداد النهضة “للتضحية من أجل استكمال المسار الديمقراطي”.
وقال الغنوشي “يكفي متابعة بعض القنوات العربية في تغطيتها للشأن التونسي والدأب على شيطنة ديمقراطيتها للتأكد من حجم التدخل من لإرباك – بل حتى تدمير- الربيع التونسي و بإذن الله مصيرها الخيبة”.
وأضاف: “اليوم مرّ أكثر من نصف شهر على الإجراءات التي أعلن عنها الرئيس والحقيقة أن الجميع مُجمِع على حالة الغموض وعدم وضوح الرؤية بالرغم من التطمينات التي أعلنت ولا تزال تونس بلا حكومة ولم يتم الإعلان عن رئيسها ولا يزال البرلمان مغلقا” مشيرا الى وجود “اعتقالات في صفوف النواب وتحجير السفر على الجميع وتضييق شامل في مجال الحريات” مؤكدا ان “كل هذه الممارسات تذكر التونسيين بزمن سابق”.
وقال “لا نعرف في التاريخ ديمقراطية حصلت ثورة عليها … قد تحصل انتكاسة محدودة في الزمن ولكن سرعان ما تستعيد الديمقراطية قوتها وتصحح أخطاءها”.
واعتبر أن “من يراهن على نهاية الديمقراطية في تونس أو إنهائها واهم”.
واقر الغنوشي بوجود ” غضب من غياب المنجز الاقتصادي والاجتماعي للثورة وغضب من سلوك العديد من السياسيين بمن فيهم إسلاميون وذلك في تجربة ناشئة وفى نظام انتخابي هش وأزمة اقتصادية كبيرة عمقتها تداعيات الأزمة الصحية”.
وأضاف “كل ذلك أمر واقع ولكنه لا يبرر التراجع عن الديمقراطية قد نتكلم عن مظاهر فساد في الأنظمة الديمقراطية ولكن مقارنة مع الفساد المطلق لأي نظام دكتاتوري هل رأيتم في التاريخ دكتاتورية نظيفة؟” معربا عن تفائله بان “الديمقراطية قادرة على إصلاح ذاتها من داخلها وليس بالتخلص منها” .
وتابع “هناك مجتمع مدنى قوي في تونس ومنظمات فاعلة وطبقة سياسية واعية وكل هؤلاء قد يختلفون هنا أو هناك ولكن تشبثهم بالحرية والديمقراطية لا تراجع عنه ولذلك سيتجمعون من اجل الدفاع عن الحرية وتجنيب تونس الانزلاق نحو الاستبداد”.
وقال “رأينا النخب التونسية تتفرق في زمن الحرية وتتوحد في زمن الاستبداد وهو أمر مفهوم وواقعي ولذلك سنرى أنواعا من الجهد المشترك وقد بدأ يظهر من كل هذه الفئات دفاعا عن الديمقراطية التي لا يوجد خيار بديل عنها”.
وعلق الغنوشي عن حجم الهبّة الشعبية ضد الحكومة يوم 25 جويلية ومساندة قرارات سعيّد بالقول “أما السند الشعبي فهذا أمر يحتاج إلى توقف”مضيفا “نعم هناك غضب لدى العديد من الفئات وفي مقدمتها الشباب وهو أمر مفهوم نتيجة غياب منجز يرتقى الى طموحات وانتظارات أبناء شعبنا ولكن هناك أيضا مبالغة في هذا الصدد وهذا جزء من الخطة المعلومة”.
وقال” في النهضة تلقينا رسالة شعبنا وبكل شجاعة سنعلن نقدنا الذاتي ويعلم الجميع أن حركتنا من أهم الأحزاب التي دأبت على هذا النقد الذاتي”.
وشدّد على أن “السياسي الذى لا ينصت لشعبه مكابر أو أصم والنهضة تعلن وبكل تواضع أنها مفتوحة على المراجعة الجذرية إن اقتضى الأمر ذلك ولكن تظل ثقتنا كبيرة بأن الشعب الذى أنجز ثورة الحرية والكرامة لن يتراجع عن مساره التاريخي في تجذير الحرية والعدالة الاجتماعية”.
وحول الاصوات المنادية داخل النهضة وخارجها بضرورة تنحيه عن رئاسة الحركة قال الغنوشي “نحن ننصت للأصوات الناقدة والمحتجة من داخل الحركة وخارجها ولكن للحزب مؤسساته العليا وهي التي تتخذ القرارات والجميع يلتزم بتنفيذها بما في ذلك رئيس الحركة”.
واضاف “في جميع الأحوال فإن مؤتمر الحزب سيكون قبل نهاية السنة مثلما قرّر ذلك مجلس الشورى” مجددا تاكيده انه سيحترم النظام الداخلي للحزب والذي حدد الرئاسة بمدتين نيابيتين تنتهيان في المؤتمر”.
واعتبر ان مؤتمر النهضة “سيكون محطة مهمة لتقييم مسيرتنا والخروج باستخلاصات تفيد الحزب في رسم وجهته المستقبلية” مضيفا انه” في كل الأحوال فإن تونس أغلى علينا من كل شيء وأنا نذرت حياتي لمصلحة بلدي فأينما تكون مصلحة تونس ستكون النهضة”.