الشارع المغاربي: أكد الطيب البيّاحي رئيس المعهد العربي لرؤساء المؤسسات اليوم الأحد 30 جانفي 2022 أنّ تونس تواجه خطر انهيار الدولة وأنّه يجب تدارك الموقف من خلال سنّ دستور اقتصادي واجتماعي يتجاوز مفهوم العقد ولا يخضع للزمن السياسي.
وقال البياحي في حوار لوكالة تونس افريقيا للأنباء اليوم ” لو اعتمدنا مفهوم المنتدى الاقتصادي العالمي لانهيار الدولة وهو “عدم قدرتها على تنفيذ سياستها وانفاذ القانون” فإنّه يتطابق مع الوضع الذي تعيشه تونس والمتفاقم منذ 14 جانفي 2011 وقبل وبعد 25 جويلية 2021…لو اقتصرنا على مفهوم الدولة من الناحية المالية فإنّ العديد من المخاطر تهدد التوازنات الاقتصادية الكبرى اليوم في تونس “.
وذّكر بأنّ تونس مصنفة من بين البلدان الخمسة التي تواجه مخاطر انهيار الدولة على غرار لبنان وفنزويلا ونيكاراغوا والبيرو والهندوراس واصفا ذلك بسابقة في تاريخ تونس الحديث ، محذرا مما وصفه بـ”الانزلاق الخطير والانضمام الى بلدان وضعها الاقتصادي كارثي بأتمّ معنى الكلمة خاصة ان كل المؤشرات تفيد بأننا في اتجاه الموت البطيء للاقتصاد التونسي”.
وكشف البياحي ان المعهد سيصدر قريبا ورقة سياسية قال انها تتضمن رؤية اصلاحية . وأوضح ان “الوضع الاقتصادي والمالي يجعل من الصعوبة بمكان على تونس التوصل الى تعبئة القروض الخارجية التي اقرت في ميزانية 2022 والتي تناهز 12 مليار دينار “.
واضاف ” سيصدر المعهد قريبا ورقة سياسية في هذا الاطار تتضمن 3 محاور اساسية يهم اولها وجوب التوصل الى وفاق وطني حول الاصلاحات بمشاركة كل الاطراف في اقرب وقت والدخول في سلسلة من المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والمرور لجملة من المراجعات بما ييسر اللجوء للسوق المالية العالمية للاقتراض منها بعد موافقة صندوق النقد الدولي “.
وشدد المتحدث على وجوب القيام بالخطوات المذكورة خلال الاشهر الستة الاولى من سنة 2022 نافيا في الان ذاته ان تكون هناك بوادر او حماسة للقيام بالخطوات حاليا . واكد في ما يتعلق بالمحور الثاني على اهمية الجانب السياسي بالتوازي مع الجوانب الاقتصادية والتقنية لافتا الى ضرورة الا يطغى الجانب السياسي في اي حال من الاحوال على الجانب الاقتصادي .
وتابع ” يتصل المحور الثالث بضرورة الخروج من الازمة الاقتصادية الراهنة والذي لا يمكن ان يكون تقنيا او ديبلوماسيا فحسب بل لابد من تجاوز الخلافات السياسية والتوصل الى طريقة جديدة لادارة الانتقال السياسي تضمن الوحدة الوطنية والديمومة”.
وتابع “تونس قادرة على التّموقع ضمن مؤشر القدرة التنافسية، وبإمكانها الخروج من الازمة الاقتصادية الراهنة بالاعتماد على معياري الصمود ومزيد الاهتمام برأس المال البشري” مضيفا “لا تزال تونس تحافظ على ترتيبها في التصنيف السنوي لمنتدى دافوس حول القدرة التنافسية لسنة 2019-2020، اذ احتلت آنذاك المركز 87 من مجموع 141 بلدا بـ 4ر56 نقطة وقد تمّ تأجيل الإعلان عن الترتيب الجديد للقدرة التنافسية الذي كان من المتوقع الكشف عنه يوم 26 جانفي الجاري لاعتبارات تتعلق بتداعيات كوفيد -19”.
وشدّد على وجوب “وضع خطة عمل متكاملة وتنفيذها حتّى تستعيد تونس مكانتها في مجال القدرة التنافسية” مضيفا ” تعتمد هذه الخطة على ثلاثة عناصر كبرى تتركز على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية لاستعادة التوازنات الاقتصادية (إصلاح الدعم والمؤسسات العمومية والإصلاح الجبائي) ويهم
العنصر الثاني وضع سياسة صناعية جديدة وفتح باب الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال، لتسجيل معدلات نمو تفوق الـ 5 بالمائة، في حين يتعلق العنصر الثالث بالاستثمار في رأس المال البشري وتوجيه موارد إضافية لقطاع الصحة والتعليم الى جانب تنفيذ إصلاحات هيكلية بهذه المنظومات، في إطار خارطة طريق يتم التوافق بشأنها وتعتمد على تضحية جميع الأطراف”.
وبخصوص مسألة رفع القدرة التنافسية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة في ظل هيمنة المؤسسات الكبرى على السوق قال البيّاحي “ليس من صالحنا استهداف المؤسسات الكبرى التي تمتلك مصالح في الداخل والخارج”.
وأوضح “غياب الشركات الكبرى سيفتح الباب امام معضلة اكبر الا وهي الهيمنة الكاملة للاستثمارات الأجنبية، لذا ليس لدينا أي خيار سوى دعم هذه الشركات، لكن ليس بأية طريقة، لان هيمنتها لا تخول للشركات الصغرى والمتوسطة أن تنمو، وعلى الدولة أن تحرص على فرض القانون على الشركات المهيمنة”.
وحمّل البياحي من جهة اخرى الدولة “مسؤولية هيمنة المؤسسات الكبرى نظرا لتواطئها معها وعدم تفعيل دورها الرقابي” داعيا اياها الى “مساعدتها على الحفاظ على قدرتها التنافسية مع التوجه للأسواق الخارجية، بما يفسح المجال أمام الشركات الصغرى والمتوسطة والناشئة للتوسع داخليا ولم لا ان ترافقها نظيراتها الكبرى في النفاذ الى الأسواق الخارجية”.