الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: تحتكر اربع شركات عمومية قطاعات التنقيب عن النفط وتكرير المحروقات واستيرادها مما يجعلها بذلك ناشطة في قطاع يعتبر في العادة من اكثر القطاعات الصناعية الاستخراجية مردودية. غير ان مؤشرات نشاط هذه الشركات التي تكشفها قائماتها المالية تبين تسجيلها مديونية عالية للغاية وخسائر كبرى وتراجعا متواصلا في استثماراتها مما يبرز استفحال سوء التصرف فيها لا سيما ان كل موارد هذه الشركات تُستهلك تقريبا في خلاص اجور الاف من الاعوان والاطارات الذين يحظون بامتيازات كبرى.
الشركة التونسية للتنقيب عن النفط
اقتصـرت الشركة التونسية للتنقيب عن النفط سـنة 2021، علـى انجـاز 760 يـوم نشـاط حفـر، اي بارتفـاع طفيـف بـ 2.4 بالمائة مقارنـة بسـنة 2020. وتـم انجـاز 6 آبار. وارتفعت خسائر الشركة وفقا لما تبينه قائماتها المالية في نفس السنة الى 19.8 مليون دينار وذلـك نتيجـة توقـف الحفـارات وهو ما ادى الى تراجـع المداخيل. وشـهدت اعبـاء الاستغلال ارتفاعـا نتيجـة اعمـال الصيانـة المكلفة للحفـارات والتـي تتطلـب مصاريـف اعاشـة وسكن للفرق الفنية.
ولم تتجاوز قيمـة الاستثمارات المنجزة فـي سـنة 2021 مـا قدره 9.8 ملايين دينار ويرجع ذلك لعملية اقتناء معدات واجهزة ضرورية على غرار انابيب حفر بلغت قيمتها لوحدها 6 ملايين دينار.
الشركة الوطنية لتوزيع النفط
تقدر البيانات المحاسبية النتيجة الصافية للشركة لسـنة 2021 بنحو 30.4 مليون دينار لتسـجل بذلـك ارتفاعـا بقيمـة 60.2 مليون دينار مقارنة بسـنة 2020. ويمكن تفسير هذا الارتفاع أساسا بالترفيع في أسعار البيع للعموم. ويقدر حجم المبيعات سنة 2021 بـ 1.436 مليـون طـن متـري مسـجلا بذلـك ارتفاعـا بقيمـة 72.3 ألـف طـن متـري وبنسـبة 5.3 بالمائة مقارنة بسـنة 2020.
وناهزت أعباء الأعوان سنة 2021 حوالي60.8 مليون دينار مرتفعة بذلك بقيمة 3.6 ملايين دينار وبنسـبة 6.3 بالمائة عن مستواها في 2020 . ورغـم تقلـص عـدد الأعوان، سـجلت الشـركة خلال سـنة 2020 ارتفاعـا فـي أعبـاء أعوانهـا بقيمـة 3,3 ملايين دينار وبنسـبة 6.1 بالمائة لتبلـغ مـا قيمتـه57.2 مليون دينار، وذلـك تبعا بالأساس للزيـادات فـي الأجور والمنح والترقيـات.
الشركة التونسية للأنشطة البترولية
تقدر خسائر المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية مع موفى عام 2021 بنحو 145 مليون دينار، وفقا لقائماتها المالية مسجلة بذلك ارتفاعًا بقيمة 262 مليون دينار وبنسبة 64.4 بالمائة مقارنة بعام 2020. وسجلت المؤسسة في عام 2020 نتيجة صافية سلبية قيمتها -407.1 ملايين دينار.كما شهدت أعباء أعوان المؤسسة في عام 2021 ارتفاعًا بنسبة 11.4بالمائة لتبلغ ما قيمته 49 مليون دينار.
من جانب اخر، تقدر ديون المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية تجاه الدولة سنة 2020 بما قيمته 471,7 مليون دينار، وتتمثل أساسا في الحساب الدائن للدولة تجاه المؤسسة (نتائج تســويق المحروقات لحســاب الدولة، ضرائب على المرابيح للدفع وإتاوة الإنتاج) …
أما تجاه البنــوك، فقد بلغــت مديونيــة المؤسسة التونســية للأنشطة البتروليــة ســنة 2020 مــا قيمتــه 705,4 ملايين دينار مسجلة بذلك ارتفاعا بقيمة 51,6 مليون دينار وبنسبة 7,9 بالمائة مقارنة بسنة 2019، وترتفع المديونية تجــاه البنــوك ســنة 2021 بمــا قيمتــه 100,8 مليون دينار وبنســبة 14,3 بالمائة مقارنة بســنة 2020.
وفي ما يتعلق بالمزودين، يقدر ارتفاع المديونية تجــاههم ســنة 2021 بنحو 111,2 مليون دينار مقارنة بالعام السابق لتصل الى 299,8 مليون دينار.
الشركة التونسية لصناعات التكرير
تقدر النتيجة الصافية للشركة خلال سنة 2021 بـ0 مليون دينار لتسجل بذلك انخفاضا بقيمـة 59.1 مليون دينار وبنسبة 100 بالمائة مقارنة بسـنة 2020.
ويرجع هـذا الانخفاض أساسـا حسب تقارير نشاط المؤسسة الى التراجـع المسجل فـي نتيجـة استغلال الشـركة وذلـك بمـا قيمتـه 6.12 مليون دينار وبنسـبة 11.7 بالمائة تبعـا لارتفاع أسـعار المواد البتروليـة فـي الأسواق العالمية مـع بدايـة تعافـي الاقتصاد الدولـي وارتفـاع الطلـب علـى المواد البتروليـة، وكذلـك بتسـجيل الشـركة لارتفاع فـي أعبائهـا المالية الصافيـة بما قيمتـه 5.51 مليون دينار وبنسـبة 1.143 بالمائة.
وبلغت مديونية الشركة تجاه الدولة سـنة 2020 مـا قيمتـه 3.44 مليون دينار مسـجلة بذلـك انخفاضـا بنسـبة 5.13 بالمائة مقارنـة بسـنة 2019 وتتمثل بالأسـاس فـي ديون جبائية.وواصلت الشركة خلال سنة 2021 تسجيل انخفاض في مديونيتها تجاه الدولة وذلك بما قيمته مليـون دينـار لتبلـغ مـع موفـى السـنة مـا قيمتـه 3.43 مليون دينار مقابل ارتفاع في الديون تجاه البنوك المحلية بنسبة 4.182 بالمائة مقارنة بسنة 2020 .
وتبرز التقديرات المحاسبية انخفاض مديونية الشركة تجاه البنوك الأجنبية سـنة 2021 بنسـبة 1.29 بالمائة مقارنـة بسـنة 2020 . كما يتواصل المنحى التنازلي لمديونيـة الشـركة التونسـية لصناعـات التكريـر تجـاه المنشـآت العموميـة سـنة 2021 ليبلـغ مـا قيمتـه 304 ملايين دينار مع موفى السنة وذلك تبعا لخلاص جزء هام من متخلدات المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية بذمتها.
وتكشف ذات التقديرات تواصل ارتفاع مديونية الشركة تجاه الصناديق الاجتماعية سنة 2021 وذلك بنسـبة 6.8 بالمائة مقارنة بسـنة 2020 لتبلـغ مـا قيمتـه 8.3 ملايين دينار مـع موفـى سـنة 2021. كما ترتفع مديونية الشركة تجاه المزودين الخواص سـنة 2021 بنسـبة 196 بالمائة لتبلـغ مـا قيمتـه 9.1355 مليون دينار.
وبالنسبة للإنتاج، واصلـت الشـركة خلال سـنة 2021 الترفيـع فـي إنتاجهـا مـن المـواد البتروليـة لتبلـغ الكميـات المنتجـة مـع موفـى السـنة المذكورة، مـا قـدره 1552 ألـف طـن، أي بزيـادة بنسـبة 4.44 بالمائة مقارنة بسـنة 2020. ويعـود السـبب الرئيسي لهـذا التحسن الى ارتفاع عـدد ايـام اسـتغلال وحـدات الإنتاج خـلال سـنة 2021 مقارنـة بسـنة 2020 التـي شـهدت توقـف المصفـاة اضطراريـا تبعـا لتداعيـات جائحـة كورونـا.
وعموما يبدو جليا ان مواصلة هذه الشركات عملها في تزويد السوق الوطنية بالمحروقات اصبح امرا صعبا نظرا لما يهدد ديمومة نشاطها من مخاطر في سياق تفاقم خسائرها المتواصل وسطوة نقاباتها على مقدراتها رغم صرفها أعلى الاجور في البلاد للعاملين فيها مما يتطلب تدخلا عاجلا لإصلاحها وهيكلتها حفاظا على الامن الطاقي وتوقيا من انهيار منظومة تصرف الدولة في المحروقات.
*نشر بأسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 21 مارس 2023