الشارع المغاربي: فجاة، اندفعت عملية” طوفان الاقصى” الجارية إلى الآن. مِن غزة المحاصرة منذ ستة عشر عاما اخترق مقاتلو حركتي “حماس” و”الجهاد” أسيجةَ إسرائيل الإستخبارية والمادية والتقنية والعسكرية، ونفّذوا هجوما عليها. العملية ليست كسابقاتها. هي استثنائية. وردُّ الفعل الإسرائيلي تعدّى سوابقه وإن شابهها. هو ضرب وحشي انتقامي لا يفرّق بين ما يصيب ومَن يصيب. وعلى ذلك زاد الكيان الإسرائيلي بأن أخضع “غزة”لحصار وتطويق جديدين مانعين عليها أوكد الضرورات.و اصطفّ الغرب كالعادة مع صنيعته اصطفافا كاملا. لا بل صارت إدارة الفعل الإسرائيلي إدارة أمريكية بمعاضدة دول من الحلف الأطلسي.
في الصعيد العربي الشعبي، تدفّق الغضب والإنفعال في أغلب البلدان .أظهرت الشعوب أنّ الحق الفلسطيني كامن في وجدانها الجمعي كمونا صادقا. وفي الصعيد العربي الرسمي حكَمت ردودَ الأفعال قراءةُ التّوازنات الإقليمية والدولية، وضوابطُ’الأمن القومي”و أمن الأنظمة، ومساندة الحق الفلسطيني القائم على القرارات الأممية،و رفض التنكيل الغاشم بالمدنيين في غزة، فضلا على حالات من الصمت المريب.
ويبدو الموقف الرسمي التونسي استثناءً طليقَا مِن آلة العقل السياسي الرّسمي. فقد تشرّب الإنفعالَ الشعبيَّ وزاد عليه. هو موقف فاقت مطالبُه مطالبَ الغُلاة من التّحرّريين الفلسطينيين أنفسهم. فلا أحد من الرسميين أو من أصحاب الرأي السياسي، يطالب اليوم، من داخل الأوساط الفلسطينية أو العربية، “بدولة فلسطينية على كامل أرض فلسطين” عاصمتها القدس”كاملة”.
يجوز لأصحاب الآراء على الجملة أن يتخذوا هذا الموقف الذي هو الحق الأصيل الكامل. لكن صاحب القرار الرسمي إنما هو مطالب باستقراء الجغرافيا السياسية والتوازنات الدولية ومصالح بلاده القومية. وما من تخاذل في ذلك عن القضية الفلسطينية. ذلك أن الموقف الرسمي التونسي كان عليه أن يتقيّد بالحق الفلسطيني الذي أقرّه له المنتظم الأممي، والذي هو اليوم مطمح الفلسطينيين أنفسهم، وهو دولة فلسطينية مستقلة،في حدود ما قبل حرب 1967، عاصمتها القدس الشرقية.
ولعل الرئيس التونسي سعيد قد استمرأ بعضَ ثمار خطابه الشعبوي داخليا، فسَحَبه، بقدر من التهوّر، على قضية فلسطين سَحبا داخليّ الأهداف. أو لعل موقفه إنما هو صادر عن انفلاتٍ عاطفيّ صادق، أنساه صفتَه الرسمية وأحكامَها، وأبقى فيه على صفته الشعبية. وفي الحالين ينسخ موقفه نسخا كاملا “أحقية الوجود” لدولة الكيان الإسرائيلي التي تتزاحم اليوم على حمايتها أساطيل الحلف الأطلسي وصفوة جيوشه المجهّزة بعِلية عتادها، إثر تعرضها لعملية نفذها نحو 1500 مقاتل فلسطيني، وحمايةً لها من أي خطر إقليمي قد ينغّص عليها إنتقامها الوحشي من غزة، ولو كان مصدره حركات وأسلحة ميليشيات.
ونقدّر أن الإنفعال الشعبي العربي هو ترجمان لانفعالات أصيلة لا ينبغي أن تنطفئ حماستُها. فهي من مُغذّيات الضمائر الأخلاقية ومن أمارات المواطنة النشيطة. لكن هذا الإنفعال الشعبي الذي غمر قسما من أهل الإعلام والرأي تونسيا وعربيا، لا ينبغي على الأرجح أن تختفيَ وراءه تساؤلات العقل الذي يصعب أن يكون باردا. إنه العقل الذي يُفضّل حيرةَ الإستنطاق لِمَا يجري على”الإطمئنان” المنفعل زهوا بما يصنع الفلسطينيون وغضَبا مِمّا تصنع دولة الصهاينة.
1/هل من دلالة وجيهة لمصطلح “محور المقاومة:؟
في أوساط العرب السياسية والإعلامية، يتردّد هذه الأيام بالحاح مصطلح “محور المقاومة”. هو مصطلح جدير بالمساءلة وتحفّ به دلالةٌ غريبة. فمَن يقاوم هذا المحورُ؟ الجواب الإنفعالي الجاهز لدى الوعي الجمعي العربي هو أنه يقاوم المحتلَّ الإسرائيلي ورُعاتَه.و ما هو المحور الذي يقابله؟ الجواب هو محور “المهادنة والتطبيع” الذي يمثله أغلب النظام العربي الرسمي. ومن يمثّل محورَ المقاومة؟ الجواب هو أن مُمثّليه هم حركتا حماس والجهاد في فلسطين، وحزب الله في لبنان، وحزب الله و” الحشد” في العراق، والحوثيون في اليمن وتشكيلات الحرس الثوري الإيراني في سوريا الخ…و في ركاب مَن هذه الكيانات؟ إنّها كلها في ركاب إيران. فإيران هي، إذن، رأس “محور المقاومة”أولا،و الحاكمة لأذرعه ثانيا، والجهة المقابلة لمحور “التطبيع “و المهادنة الذي يمثله العرب جيوشا نظامية ودولا وكيانات ثالثا.
يترتّب على ذلك أن القضية الفلسطينية، بما هي بؤرة القضايا في المنطقة العربية، هي اليوم شأن إيراني خالص وليست شأنا عربيا رسميا. لا بل صار أغلب القرار الفلسطيني الغزاوي قرارا إيرانيا.
ذلك أن حركتي حماس والجهاد الفاعلتين في”الطوفان” إنما تحرّك قرارَهما إيران. ومَن يموّل حركة حماس شهريا؟ وعن طريق مَن ؟ وأين يقيم قادتها السياسيون؟ إن المموّل الشهري هو قطر عن طريق إسرائيل. وإن مُقام القادة هو عاصمة قطر الدوحة، بأمر أمريكي. هم هناك تحت الأعين كالسجناء.و هذا أفضل، أمريكيا وإسرائيليا، مِن إقامتهم السابقة في دمشق، وإقامتهم الممكنة في طهران. وأين قطر من كل ذلك؟ هي ذراع أمريكية مطيعة دوما، وفي علاقة عناق مع إسرائيل لا يخفيها عدمُ إشهار التطبيع، وفي علاقة وثيقة بإيران. على ذلك تكون قطر مَعْقَدَ شتّى الخيوط، والماسكة برقاب حماس التي أجبرتها مؤخرا على أن تُخليَ، بلا مقابل، سبيلَي أمريكيتين. وأمير قطر غادر غاضبا” قمة القاهرة” التي انعقدت يوم 21 أكتوبر 2023 ، لأنّ مصر اعترضت على جملة في خطابه ساوت بين التنديد بفعل حماس التي يرعاها ويموّلها، وفعل إسرائيل التي يدّعي عدم التطبيع معها. وها هنا تتحرك قطر وفق ما دأبت عليه، وهو استعمال المال للجمع بين الخيوط المتناقضة ظاهرا، ولرعاية الحركات الإخوانية والدينية وتمويلها وتطويعها وفق ما يرى الغرب الراعي لها والمستخدم للإخوان.
2/هل”للطوفان”هدف فلسطيني مُحدّد؟
إنّ عملية “طوفان الأقصى” هي أولا عملية استثنائية جدا، وهي ثانيا مفاجئة جدا. فما من قادح لها مباشر. هي عملية مدوية. بخلاف سابقاتها، آلمت إسرائيل إيلاما شديدا. وإزاء ردّ الفعل الإسرائيلي المرتقب حتما، والمنتظر أن تكيّف مداه على ما أصابها من ألم ، يصعب أن نقبل أن عملية الطوفان هي مجرد فعل نضالي تُراكِم به حماس والجهاد دورَهما المقاوم. ذلك أن عملية في هذا الحجم، في ظرف من الهدوء النسبي في المنطقة، لا بدّ أن يكون لها هدف محدّد ، ذو شأن هام أو مركّب، واضح في أذهان مُقرّريه.
ومن منظور الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وآلياته المعلومة والمتصلة، تكتيكيا واستراتيجيا، لا يتضح هذا الهدف الذي يستحق، في هذه اللحظة بالذات، أن تترتب عليه مذبحة لأهل غزة. فهذا الثمن الباهض جدا لا يضاهيه إلا تحقيق الحلم الفلسطيني، وهذا ما لا دلائل على أنه هدف العملية القريب، أو هدفها في ذاتها المحدّد سلفا. وإلى هذا الحد من التساؤل، يَنطرِحٌ السؤال الرئيس الذي غفل عنه الإنفعال، على أكيد مزاياه ؛ السؤال هو عن الهدف الخفي الكامن في العملية التي نفّذتها حماس والجهاد ولم يشارك فيها سلاح “الضفة”؟
إن غياب الهدف المحدد الموصول بالصراع الثنائي بين الفلسطينيين ومُحتلّيهم يدفع إلى طرق أبواب أخرى. ولعل الباب الذي قد يفضي إلى غيره هو الجهة التي رسَمت خطة “الطوفان” المتقنة؟. يُجمع الكلُّ على أن الخطة لا تقوى عليها حركة أو اثنتان، وعلى أنها خطة دولة مقتدرة، وعلى أن هذه الدولة هي إيران بواسطة “حرسها الثوري”. ولا يخفى أن لإيران مصالح شتى في هذه العملية. ولعل أقربها مأخذا هو أنها كانت قد تلقت مِن إسرائيل، ومن أمريكا من أجل إسرائيل، عدة ضرابات موجعات. كان أغلبها على أرض إيران نفسها، وفي مكامن أسرارها العسكرية. وقد توعدت طهران بالثأر مرارا ولم تفعل طيلة السنوات الأخيرة أكثر من المناوشات المحدودة بواسطة أذرعها في المنطقة. والمرجح جدا أنها رسمت خطة الطوفان وضربت، بواسطة ذراعيها حماس والجهاد، إسرائيل في مقتل. لقد نفذت انتقامها منها على”أرضها” بواسطة الدم الفلسطيني. وقد يكون في آخِرِ خلفيةِ اللوحة الخفية وَجهُ الثعلب الروسي “بوتين”. ولا عزاء لمن يوجّه بوصلته إلى غير مصالح وطنه.
بقدر ما أنّ حماس والجهاد “إيرانيتان” سياسيا، يتأكد أنّ إحداهما على الأقل؛ حماس، هي عقائديا إخوانية خالصة. ولا تُخالفها الأخرى إلا جزئيا.و إذْ حماس كذلك، فهي”قطرية” محضة، ولاءً وتمويلا ورعاية. ويفضي هذا التعالق الثلاثي إلى مثلّث قطر والإخوان وحماس الذي استحكمت أضلعُه وانكشفت على أيام “الربيع الإنواني”سنة 2011.ففي تلك الفترة انعقد حبل الوصل بين إخوان حماس وإخوان مصر انعقادا رعته قطر بصفة مباشرة وأمريكا وتركيا بصفة غير مباشرة. وشمل هذا الوصلُ ونحوُهُ دولا أخرى ، بصيغ أخرى، كتونس وليبيا وسوريا. لكن توابع ذلك كانت في مصر أفدح، لا بسبب الجغرافيا فحسب، وإنما أيضا بسبب الرهان وقتئذ . كانت أطراف ذاك الرهان هي حماس، وحكام مصر الإخوانيون، وقطر، وإسرائيل، وأمريكا. وكان موضوع الرهان الذي وافق عليه وقتئذ رئيس مصر الإخواني محمود مرسي، هو منح جزء من سيناء، بعمق 70 كلم، تقيم عليه حماس كيانها البديل عن أرض غزة التي طالما حلمت أسرائيل بإخلائها من سكانها. ألا تكون عملية ا”لطوفان” استئنافا لذلك الرهان بشروط المرحلة الراهنة ودواعيها؟ فلو لم يكن ذلك كذلك لما انطرح هذا الإستئناف بهذه السرعة التي توحي بالتّدبير المسبق، ولما انطرح بضغط غربي وقطري وعملية الطوفان في أوج لهيبها.
تبدو عملية الطوفان مجمع مصالح خفية وظاهرة بين أطراف شتى؛ المقاتل الفلسطيني المسكون بالدفاع عن أرضه وأهله، وإيران المسكونة بردّ الصاع على إسرائيل، إذ لو كان هاجسها الشأن الفلسطيني المحض لحركت جبهة حزب الله في لحظة اندلاع الطوفان قبل أن تصل إلى المتوسط أساطيل الغرب. كان “سيضِيع رُبُعُ أسرائيل” بعبارة أحد ساستها. ومن الأطراف أيضا ساسة حماس ذوو المصلحة في كيان فسيح على أرض سيناء، يكون دولةً لهم منفصلةً عن سلطة “رام الله”، محظيةً بالمال والرعاية والحماية قطريا وأمريكيا وغربيا وإسرائيليا. ومن الأطراف أمريكا وإسرائيل ذوو المصلحة في طي طفحة القضية الفلسطينية، لا بدفع أهل غزة إلى سيناء فحسب، بل أيضا بدفع لاحق لأهل “الضفة” إلى الأردن ، يستتبعه “شرق أوسط جديد” تكون فيه إسرائيل” دولة شقيقة”. ومِن الأطراف قطر ذات المصلحة في السهر التنفيذي والمالي على الخطة، لتزداد حظوتها لدى الغرب ولدى” الشرق الأوسط الجديد”، ولِتَحتفل برياضتها الأثيرة؛ رياضة اللعب مع الكبار على ضؤولتها. وعلى مقتضى ذلك قد نفهم لماذا رفضت مصر التفريطَ في أرضها ووأدَ الحق الفلسطيني، وطبعت رفضها بوضوح وحدة بلغتا منزلة التهديد بالحرب. لقد فهمت القاهرة ما خفي من اللعبة، فقطعت خيوطها قطعا حاسما.
3/هل من مزايا لعملية “طوفان الأقصى”؟
الراجح أن جملة من الظروف قد غلّبت نقاوة المقاتل الفلسطيني على أحابيل الساسة. ذلك أن موقف مصر، مسنودا بالأردن المعنية لاحقا بالخطة المجهضة، قد ساهم في أن تكون لعملية الطوفان مزايا لم تكن لها في أصل خطتها، وفي ألا يذهب الدم الفلسطيني المراق سدى، وفي ألا يكون عبثا خالصا دمارُ نصف مباني غزة، وتشريدُ مليون ونصف المليون من أهلها، واستشهاد خمسة آلاف من سكانها ومقاتليها، وإصابة نحو أربعة عشر ألفا منهم. وهذه الحصيلة هي إلى يوم 23 اكتوبر 2023. ولا بوادر لكفّ الأذى.
قد نسلّم بما جاء في الصحافة الأمريكية والذي بيانه أن أحزمة الإستعلام الإسرائيلية من” شانبات” و”أمان” وأجهزة الجدار قد أخذتها كلها سِنَةٌ من النوم بفعل التراخي الأمني وهدوء الجبهة الغزاوية. وسواء صح هذا التعليل للإختراق الذي نفذه المقاتلون الفلسطينيون أو لم يصحّ، فإنّ الأكيد المُجمع عليه هو الحقيقة العسكرية التالية: إنّ طوفان الأقصى هي عملية عسكرية مذهلة إلى حد الإدهاش. وبصرف النظر عن تفاصيلها التي غطاها الإعلام، فإن حصيلتها التي تكبدتها إسرائيل إلى حدّ يوم 23 أكتوبر 2023 هي 230 اسيرا وأكثر من 1400من القتلى، وأكثر من 1200ضابط وجندي قد أخرجتهم إصاباتهم عن الخدمة العسكرية. ثم إنّ الإفتصاد الإسرائيلي مصاب اليوم في مقاتل، والتأزم السياسي والحكومي والشعبي على أشده، وتحفّز الجيش الإسرائيلي للتوغل البري في غزة مُقعَد بالخوف والتوجس.
إن هذه “المزايا” التي لا نراها كذلك في المطلق من الأحوال هي مزايا ظرفية. لكنّ المزايا الاستراتيجية أوكد. ولعل أهمها هو أن يترسخ في الوعي الجمعي الإسرائيلي أنّ” أرض الميعاد” ليست أرض الأمان ، وأنّ جيشها الذي” لا يُقهَر” إنما هو يُقهَر كما كان قد قُهِر. وقد سبق لهذا الشعور أن ساد “مجتمع إسرائيل” بعد عملية 2014. فقد غادرها في السنوات القليلة الماضية وحدها نحو المليون وربع المليون حسب الإحصاء الرسمي الإسرائيلي. ولعل عملية الطوفان ستراكم أسباب الهجرة المضادة التي هي من حلول النّفس النضالي الطويل الأكيدة، تلك التي نَصح بها الفلسطينيين في خطاب أريحا سنة 1965 صاحب العقل السياسي الفذّ الزعيم بورقيبة.
لا شك في أن هذه المزايا قد تطوّح بها أحداث جسام، قد تكون لهيبا عسكريا إقليميا أو كونيا يخلط الأوراق خلطا يصعب توقع حصائله. فمياه المتوسط والخليج تكتظّ بالقوات الأطلسية. والأسلحة تتدفق على إسرائيل بجندها أحيانا. و”تل ابيب” مزار الولاء والطاعة لحكام الغرب، حتى كأن إسرائيل تَزِنُ عندهم ما يَزِنُ العالمُ. ووزراء أمريكا وإسرائيل يهددون”بتدمير لبنان” إذا تجاوز حزب الله ” قواعد الإشتباك”المحكومة بالتوازنات الراهنة، وبضرب” أذرع إيران ” إذا تمادت، و”بقطع رأس الأفعى”؛ إيران.
لكن التهور الغربي ليس بلا سقف. فقواته التي في الخليج والمتوسط يرقبها، جزرا، من جهةٍ طيران روسيا ومن أخرى سفن الصين. و” الأذرع ” التي أهمها الجبهتان اللبنانية والسورية قد تنفجران بناء على ما يجري في غزة وإذا اقتضت مصلحة إيران ذلك.ثم إنّ “جبهة المقاومة” قد توسعت. فالجيش المصري منتصب القامة. والقول الرافض للهمجية الإسرائيلية والإنحياز الأمربكي والغربي الأعمى للمحتل صار في أغلب المنطقة قولا واحدا تقريبا.صار التواصل أكيدا بين القاهرة وعَمان وطهران ودمشق وأنقرة. لا بل هدد “دولت بهجلّي” رئيس الحركة القومية التركية وشريك حزب ” أردوغان” في الحكم بالتدخل العسكري لأن الشأن الفلسطيني” تراثهم ” الذي يلزمهم “بالقيام بما يجب القيام به”.
لكأنّ هذه العوامل الباعثة على الإشتعال الإقليمي والعالمي قابلة للإذعان ، ولو بعد حين، لحقيقة أن الحق الفلسطيني هو لغم قديم لا ينفك إلا بالحل العادل. قال مرة أحد ساسة أمريكا الكبار ، لعله داهية الدبلوماسية” هنري كيسنجر”، إن صدقت الذاكرة:” إن هذا الصراع لن ينحل إلا إذا بلغت تعقيداته مشارفَ الكارثة”. أليست هذه اللحظة تدرّجا نحو مشارف الكارثة ؟.
*نشر باسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 24 اكتوبر 2023