الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: أكد تقرير نشره يوم أمس الخميس 5 جانفي 2022 المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بعنوان “أزمة المياه في تونس: سوء التصرّف في الموارد المائيّة يهدّد البلاد بالشحّ المائي” ان التمهيد لخوصصة قطاع المياه في تونس بدا إثر التفكير في سنّ مجلّة جديدة بتوصيات من البنك الدولي وان ثورة سنة 2011 عطّلت الشروع في هذا التمشي، وان التحدّيات زادت بعد دسترة الحق في الماء سنة 2014.
وبين التقرير ان هذا المكسب الذي أصبح موضوعا للالتفاف عليه في مشروع مجلّة المياه لسنة 2015 لقي معارضة انتهت بسحبه سنة 2017 لتشهد سنة 2019 طرح مشروع جديد للمجلّة لازال معلّقا إلى الآن، وابرز ان قضيّة الخوصصة مطروحة بقوّة حاليا مستشهدا بالفصل 62 من المجلّة المنتظرة الذي يعطي نظام امتياز للمياه الباطنيّة معتبرا ذلك شكلا من أشكال اللزمة ونوعا من أنواع الاستغلال التجاري.
وتم التأكيد، في ذات السياق، على ان احكام الفصل 64 من المجلّة تحيل الى تواصل الشكل القديم لاستغلال الآبار من قبل الخواص بغرض التعليب لافتا الى ان الاستغلال خاضع لكراّس شروط يتعلّق بضبط الشروط العامة لتنظيم الاستغلال والإنتاج بقطاع المياه المعلّبة.
ولاحظ المنتدى حجم السلاسة والتسهيلات الاداريةّ والتقنيّة التي يستطيع بها المستثمرون فتح وحدات الإنتاج والتعليب مبينا انه على أي شخص راغب في بعث مشروع استغلال وتعليب مياه اقتناء نظيرين من كراس الشروط لدى ديوان المياه المعدنية والإمضاء على الدفتر المعدّ للغرض علما ان الفصل الثامن من المجلة يصنف المنتوج طيلة السنة الأولى من الاستغلال وبصفة وقتية ك”ماء طاولة ” أو “ماء عين طبيعي” ولا يمكن تصنيفه كماء معدني طبيعي إلا بعد الحصول على نتائج الدراسة الطبية التي يجب على المستثمر القيام بها تحت إشراف طبي ولدى مصالح استشفائية وهو ما يؤكّد أولويةّ الغرض التجاري على الحاجة الصحيّة لدى السلط المانحة للترخيص.
واعتبر المنتدى ان كلّ هذا التساهل والليونة في إسداء التراخيص ساهما بشكل بارز في ازدهار قطاع التعليب مبرزا ان الإحصائيات سنة 2020 تبرز ارتفاع نصيب الفرد في تونس ليصل إلى مستوى 225 لترا في السنة ويفسر إقبال التونسيين على المياه المعلّبة الى حد بعيد بتردي جودة المياه التي تقدّمها المؤسسات العموميّة وأيضا بتواتر الانقطاع في خدمات التزويد بالمياه وذلك بالإضافة الى بقاء حوالي 300 ألف تونسي خارج إطار التغطية المائيّة فيما تنتشر المصانع المعدّة لتعليب المياه بكامل البلاد بل وعلى مقربة من تجمّعات سكنيّة محرومة من الربط بشبكات المياه.
من جانب اخر، تشير معطيات التقرير الى ازدياد فرص توسّع تجارة المياه وسلعنتها أمام الفشل الذي تعيشه المجامع والجمعيّات المائيّة التي أحدثتها وزارة الفلاحة في المناطق التي يصعب تدخل الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه فيها. واكد التقرير ان الفساد وسوء التصرّف أدخلا هذا القطاع في أزمة شاملة أدّت إلى تعطّل أغلب هذه الجمعيّات بتعلّة العجز المالي وعدم خلاص ديون الشركة التونسيّة للكهرباء والغاز.
ووفقا للإحصائيات الرسميّة الصادرة عن الإدارة العامّة للهندسة الريفيّة واستغلال المياه بوزارة الفلاحة، فإنّه يشرف على ادارة 80 بالمائة من هذه المجامع المائيّة أعضاء متطوّعون من سكّان هذه المناطق بغض النظر عن مهاراتهم المكتسبة وعن تاريخيّة الاستغلال المائي بها وان عدد هذه الهياكل التسييريةّ للموارد المائيّة (مجامع التنمية الفلاحيّة خصوصا) بلغ قرابة 1250 هيكلا سنة 2002 واتّسم اغلبها وفقا للدراسات التقييميّة لمهندسي المندوبيّات الجهويةّ بضعف التصرّف وغياب الصيانة وتكوين وتأطير المسيّرين اضافة الى الربط العشوائي والمديونيّة والمشاكل الهيكليّة والتشريعيّة.