الشارع المغاربي – ملف التآمر على أمن الدولة: 52 ‬زميلا‭ ‬للأستاذ‭ ‬قيس‭ ‬سعيّد‭ ‬ينتصرون‭ ‬للقانون‭/ !‬ بقلم: صالح مصباح

ملف التآمر على أمن الدولة: 52 ‬زميلا‭ ‬للأستاذ‭ ‬قيس‭ ‬سعيّد‭ ‬ينتصرون‭ ‬للقانون‭/ !‬ بقلم: صالح مصباح

قسم الأخبار

15 يونيو، 2023

الشارع المغاربي: لِمَلف‭ ‬الموقوفين‭ ‬في‭ ‬تهمة‭ “‬التآمر‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬الدولة‭” ‬بعدان‭ ‬رئيسيان؛‭ ‬البعد‭ ‬الشعبي‭ – ‬أو‭ ‬الشعبوي‭- ‬والبعد‭ ‬القانوني‭ ‬الذي‭ ‬تخالطه‭ ‬السياسة‭. ‬

أما‭ ‬البعد‭ ‬الشعبي‭ ‬فذو‭ ‬زوايا‭ ‬ثلاث‭ ‬يحدوها‭ ‬الإنفعال‭ ‬والتسرّع‭ ‬اللذين‭ ‬يختص‭ ‬بهما‭ “‬العوام‭” ‬مثلما‭ ‬يرى‭ ‬الجاحظ‭. ‬الزاوية‭ ‬الأولى‭ ‬أن‭ ‬مَن‭ ‬لا‭ ‬يصفق‭ ‬فرحا‭ ‬بسجن‭ ‬من‭ ‬خرّبوا‭ ‬البلاد‭ ‬،‭ ‬بأي‭ ‬موجب‭ ‬كان‭ ‬أو‭ ‬بأي‭ ‬إجراء،‭ ‬هو‭ ‬وجوبا‭ ‬من‭ ‬المدافعين‭ ‬عن‭ ‬إخوان‭ ‬النهضة‭ ‬وعن‭ ‬صنائعهم‭ ‬وحلفائهم‭ ‬طيلة‭ ‬العشرية‭ ‬المشؤومة‭. ‬والزاوية‭ ‬الثانية‭ ‬أن‭ ‬أنصار‭ ‬سعيد،‭ ‬وهم‭ ‬على‭ ‬الجملة‭ ‬من‭”‬العوام‭”‬،‭ ‬صاروا‭ ‬أشبه‭ ‬بنِحلَة‭ ‬مذهبية‭ ‬تتكون‭ ‬من‭ “‬مريدين‭” ‬شعارهم‭ ‬المستَورَد‭ ‬هو‭ “‬كلنا‭” ‬يباركون‭ ‬به‭ ‬ما‭ ‬يقرر‭ ‬الرئيس‭ ‬مباركة‭ ‬اتباعية‭ ‬خالصة‭. ‬والزاوية‭ ‬الثالثة‭ ‬أن‭ ‬التخريب‭ ‬السياسي‭ ‬والإجتماعي‭ ‬والمالي‭ ‬الذي‭ ‬ألحقه‭ ‬الإخوان‭ ‬بالبلاد‭ ‬زرع‭ ‬في‭ ‬خواطر‭ ‬التونسيين‭ ‬حنقا‭ ‬إزاءهم‭ ‬ترجمه‭ “‬العوام‭” ‬تشفّيا‭ ‬في‭ ‬المعتقلين‭ ‬منهم‭ ‬انفعاليا‭ ‬فاقدا‭ ‬للإتزان‭ ‬الذي‭ ‬تقتضيه‭ ‬روح‭ ‬العدالة‭. ‬ونقدّر‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬البعد‭ ‬لا‭ ‬يبعث‭ ‬على‭ ‬الخوض‭ ‬فيه‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬تطويقه‭ ‬وليس‭ ‬هاهنا‭ ‬مجال‭ ‬لذلك‭.‬

وأما‭ ‬البعد‭ ‬القانوني‭ ‬والسياسي‭ ‬فالخوض‭ ‬فيه‭ ‬مستوجب‭. ‬فهو،‭ ‬بوجهَيه،‭ ‬شأن‭ ‬عام‭ ‬يتجاوز‭ ‬ردهات‭ ‬المحاكم‭. ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬المتهمين‭ ‬معتقلون‭. ‬وملفاتهم‭ ‬في‭ ‬طور‭ ‬من‭ ‬أطوار‭ ‬المحاكمة‭. ‬وهم‭ ‬على‭ ‬الجملة‭ ‬ساسة‭.‬

وإنّ‭ ‬للمحامين‭ ‬المدافعين‭ ‬عن‭ ‬المتهمين‭ ‬حقا‭ ‬في‭ ‬الخوض‭ ‬في‭ ‬القضية،‭ ‬سواء‭ ‬لأنهم‭ ‬لسان‭ ‬الدفاع‭ ‬المطلع‭ ‬أو‭ ‬لأنهم‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الإختصاص‭. ‬ويحق‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬خوضهم‭ ‬علنيا،‭ ‬لأن‭ ‬للملف‭ ‬جانبا‭ ‬سياسيا‭ ‬أكيدا‭ ‬يتعلق‭ ‬بالشأن‭ ‬العام،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬أن‭ ‬المتهمين‭ ‬هم‭ ‬بالغلبة‭ ‬ساسة‭ ‬كما‭ ‬ذكرنا،‭ ‬وسبق‭ ‬لبعضهم‭ ‬الإضطلاع‭ ‬بمهام‭ ‬رسمية‭ ‬انتخابا‭ ‬أو‭ ‬تعيينا‭.‬

يصر‭ ‬لسان‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الموقوفين‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬إجراءات‭ ‬اعتقالهم‭ ‬غير‭ ‬سليمة‭ ‬ومخترقة‭ ‬للقواعد‭ ‬القانونية‭. ‬ويصرون‭ ‬خاصة‭ ‬على‭ ‬ان‭  ‬الشُّبَهَ‭ ‬لا‭ ‬تُجيز‭ ‬الإعتقال،‭ ‬لأن‭” ‬الملفات‭ ‬فارغة‭”. ‬وإن‭ ‬القول‭ ‬بـ‭ “‬فراغ‭ ‬الملفات‭” ‬في‭ ‬أقوال‭ ‬الدفاع‭ ‬يَجري‭ ‬على‭ ‬عموم‭ ‬المتهمين‭ ‬طورا،‭ ‬وينحاز‭ ‬طورا‭ ‬آخر‭ ‬لمتهمين‭ ‬دون‭ ‬غيرهم‭.  ‬فلئن‭ ‬تجرأ‭ ‬البعض‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬ملف‭ ‬الغنوشي‭ ‬فارغا‭ ‬فإن‭  ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬قال‭ ‬بفراغ‭ ‬ملف‭ ‬البشير‭ ‬العكرمي‭.‬

لكن‭ ‬الغالب‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يقول‭ ‬لسان‭ ‬الدفاع‭ ‬أن‭ ‬القضايا‭ ‬مفتعلة‭ ‬وأن‭ ‬ملفاتها‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬قرائن‭ ‬الإشتباه‭ ‬و‭ ‬مؤيداته‭. ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬المحامي‭ ‬أحمد‭ ‬صواب،‭ ‬وهو‭ ‬قاض‭ ‬سابق‭ ‬في‭ ‬المحكمة‭ ‬الإدارية‭ ‬أظهر‭ ‬للعموم‭ ‬في‭ ‬حوار‭ ‬تلفزي‭ ‬ملف‭ ‬أحد‭ ‬المعتقلين‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ورقة‭ ‬وهي‭ ‬عريضة‭ ‬الدعوى‭.‬

كما‭ ‬يحاجج‭ ‬لسان‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬المعتقلين‭ ‬بأنه‭ ‬لم‭ ‬تضبط‭ ‬لدى‭ ‬منوبيهم‭ ‬أدوات‭ ‬إجرام‭ ‬أو‭ ‬وسائل‭ ‬إرهاب‭ ‬أو‭ ‬عناصر‭ ‬إثبات‭ ‬لـ‭ “‬التآمر‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬الدولة‭”‬،‭ ‬تتعدى‭ ‬مكالمات‭ ‬هاتفية‭ ‬أو‭ ‬إرساليات‭ ‬أو‭ ‬جلسات‭ ‬حوار‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬العام‭ ‬أو‭ ‬التعبير‭ ‬المستحق‭ ‬عن‭ ‬مواقف‭ ‬سياسية‭ ‬مناوئة‭ ‬للسلطة‭ .‬

ويرد‭ ‬لسانُ‭ ‬الدفاع‭ ‬على‭ ‬تهمة‭ “‬التخابر‭ ‬مع‭ ‬أطراف‭ ‬أجنبية‭” ‬بشهادات‭ ‬ممثلي‭ ‬البعثات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬الذين‭ ‬مثّل‭ ‬التواصلُ‭ ‬معهم‭ ‬موضوع‭ ‬تلك‭ ‬التهمة‭. ‬ففي‭ ‬شهاداتهم‭  ‬ينكرون‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬المتهمون‭ ‬قد‭ ‬تآمروا‭ ‬معهم‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬الدولة‭ ‬التونسية‭ ‬بأية‭ ‬صيغة‭ ‬كانت‭. ‬ولئن‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الإنكار‭ ‬متوقعا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأحوال‭ ‬سياسيا‭ ‬وبروتوكوليا،‭ ‬فإنه‭ ‬منح‭ ‬لسان‭ ‬الدفاع‭ ‬امتياز‭ ‬استعماله‭ ‬استعمالا‭ ‬قانونيا‭.‬

إن‭ ‬خلاصة‭ ‬ما‭ ‬يصرّ‭ ‬عليه‭ ‬لسان‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬المعتقلين‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬القضايا‭ ‬مفتعلة،‭ ‬وأن‭ ‬الملفات‭ ‬خاوية‭ ‬من‭ ‬مؤيدات‭ ‬الاشتباه،‭ ‬وأن‭ ‬محركها‭ ‬هو‭ ‬الهاجس‭ ‬السياسي‭ ‬لدى‭ ‬السلطة،‭ ‬بدليل‭ ‬أن‭ ‬رأسها‭ ‬قد‭ ‬نطق‭ ‬بالأحكام‭ ‬الباتة‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬ينطق‭ ‬بها‭ ‬القضاءُ،‭ ‬وأنه‭ ‬جرّم‭ ‬القضاة‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يجرّمون‭ ‬المعتقلين‭. ‬لكن‭ ‬الخطاب‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬لسان‭ ‬الدفاع‭ ‬خارج‭ ‬أروقة‭ ‬المحاكم‭ ‬هو‭ ‬خطاب‭ ‬متوقع‭. ‬فمصدره‭ ‬هيئة‭ ‬محاماة‭ ‬تدافع‭ ‬عن‭ ‬موكليها،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬الهيئة‭ ‬ساسة‭ ‬موصولون‭ ‬حزبيا‭ ‬وتنظيميا‭ ‬ببعض‭ ‬المعتقلين‭.‬

لكن‭ ‬الشيء‭ ‬الذي‭ ‬يبدو‭ ‬مستجدا‭ ‬ولافتا‭ ‬للنظر‭ ‬إنما‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬عريضة‭ ‬وقّع‭ ‬عليها‭ ‬52‭ ‬أستاذا‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬الدستوري‭ ‬والعلوم‭ ‬السياسية‭ ‬والقانونية‭ ‬والتصرف‭. ‬فهلاء‭ ‬هم‭ ‬على‭ ‬الجملة‭ ‬من‭ ‬زملاء‭ ‬سعيد‭ ‬في‭ ‬المهنة‭ ‬وفي‭ ‬الإختصاص‭. ‬وهُمْ،‭ ‬على‭ ‬مقتضى‭ ‬منازلهم‭ ‬المعرفية،‭ ‬مؤهلون‭ ‬اختصاصيا‭ ‬للنظر‭ ‬في‭ ‬ملف‭ ‬أولئك‭ ‬المعتقلين‭ ‬تأهيلا‭ ‬يجري‭ ‬به‭ ‬رأيهم‭ ‬المشترك‭ ‬مجري‭ ‬الحجة‭. ‬وما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬حجية‭ ‬رأيهم‭ ‬هو‭ ‬اجتماعهم‭ ‬على‭ ‬رأي‭ ‬رجل‭ ‬واحد،‭ ‬رغم‭  ‬ما‭ ‬بينهم‭ ‬من‭ ‬تمايز‭ ‬وتباعد‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬الأمزجة‭ ‬الفكرية‭ ‬والثقافية‭ ‬والسياسية‭. ‬وليس‭ ‬أدل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬مِن‭ ‬أن‭ ‬تضمّ‭ ‬العريضة‭ ‬إمضاء‭ ‬نذير‭ ‬بن‭ ‬عمو‭” ‬المحافظ‭ ‬جدا‭” ‬وسناء‭ ‬ابن‭ ‬عاشور‭ “‬المنفتحة‭ ‬جدا‭”.‬

ومما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬العريضة‭ ‬أن‭ ‬المعتقلين‭ “‬موقفون‭ ‬سياسيون‭”‬،‭ ‬وأنه‭ ‬حفت‭ ‬بإيقافهم‭ ‬مداهمات‭ ‬بلا‭ ‬أذون،‭ ‬وأن‭ ‬التعلل‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بقانون‭ ‬الإرهاب‭ ‬باطل،‭ ‬لأنّ‭” ‬قوانين‭ ‬الإرهاب‭ ‬قوانين‭ ‬خاصة‭”‬،‭ ‬ولا‭ ‬وجاهة‭ ‬في‭ ‬أن‭  ‬تجري‭ ‬على‭ ‬قضية‭ ‬الحال‭. ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬قرائن‭ ‬الإتهام‭ ‬المفترضة‭ ‬أو‭ ‬عناصره‭ ‬ليست‭ ‬أدوات‭ ‬إجرام‭ ‬أو‭ ‬مخططات‭ ‬إرهاب‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬مدونات‭ ‬وإرساليات‭ ‬في‭ ‬حواسيب‭ ‬وهواتف‭ ‬لا‭ ‬تمثل‭ ‬خطرا‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬العام‭. ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬العريضة‭ ‬رفضُ‭ ‬أصحابها‭ “‬الصمت‭ ‬الرسمي‭” ‬تجاه‭ ‬هذه‭ ‬القضية،‭ ‬والحال‭ ‬أنها‭ ‬قضية‭ ‬رأي‭ ‬عام‭ ‬يحقّ‭ ‬للكافة‭ ‬متابعتُها‭ ‬ومعرفة‭ ‬دقائقها‭.‬

ولعل‭ ‬مركز‭ ‬الثقل‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬العريضة‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬أصحابها‭ ‬طالبوا‭ ‬فيها‭ “‬بالإفراج‭ ‬الفوري‭ ‬والشامل‭ ‬عن‭ ‬الجميع‭”. ‬وإن‭ ‬لهذه‭ ‬المطالبة‭ ‬دلالة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬أصحابها‭ ‬يرون‭ ‬تلك‭ ‬الإعتقالات‭ ‬في‭ ‬غير‭ ‬محلها‭  ‬القانوني‭. ‬وإذ‭ ‬يوجّهون‭ ‬مطالبتهم‭ ‬تلك‭ ‬إلى‭ ‬رأس‭ ‬سلطة‭ ‬التنفيذ،‭ ‬فإنهم‭ ‬يُضمِرون‭ ‬أن‭ ‬القضية‭ ‬سياسية‭ ‬خالصة،‭ ‬وأن‭ ‬القول‭ ‬الفصل‭ ‬فيها‭ ‬ليس‭ ‬للقضاء‭ ‬وإنما‭ ‬لرأس‭ ‬الحكم‭ ‬،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬ينسجم‭ ‬مع‭ ‬تصنيفهم‭ ‬المعتقلين‭ “‬موقوفين‭ ‬سياسيين‭”.‬

إلى‭ ‬هذا‭ ‬الحد‭ ‬لا‭ ‬يختلف‭ ‬رأي‭ ‬أصحاب‭ ‬العريضة‭ ‬عن‭ ‬رأي‭ ‬لسان‭ ‬الدفاع‭. ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬لسان‭ ‬الدفاع‭ ‬محكوما‭ ‬بواجب‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬موكليه،‭ ‬وبالرابطة‭ ‬السياسية‭ ‬لدى‭ ‬بعضه،‭ ‬فإن‭ ‬رأي‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأساتذة‭ ‬محمول‭ ‬على‭ ‬الحياد‭ ‬وعلى‭ ‬روح‭ ‬القانون‭ ‬وعلى‭ ‬أهلية‭ ‬النفاذ‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬الوجه‭ ‬القانوني‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬نسخه‭ ‬الوجه‭ ‬السياسي‭ ‬منها‭. ‬

ثم‭ ‬إن‭ ‬الملفت‭ ‬للنظر‭ ‬في‭ ‬نص‭ ‬العريضة‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تتضمن‭ ‬أي‭ ‬إيماء‭ ‬إلى‭ ‬تبرئة‭ ‬المتهمين‭ ‬أو‭ ‬إلى‭ ‬إدانتهم‭. ‬فلعل‭ ‬أصحابها‭ ‬ليسوا‭ ‬منفصلين‭ ‬عن‭ ‬الرائج‭ ‬الذي‭ ‬يرجح‭” ‬إدانة‭” ‬بعض‭ ‬المعتقلين‭ ‬على‭ ‬الأقل‭. ‬والمرجح‭ ‬أن‭ ‬أصحاب‭ ‬العريضة‭ ‬ليسوا‭ ‬بالغافلين‭ ‬عن‭ ‬العداء‭ ‬السياسي‭ ‬الغالب‭ ‬على‭ ‬التونسيين‭ ‬إزاء‭ ‬إخوان‭ ‬النهضة‭ ‬الذين‭ ‬حكموا‭ ‬البلاد‭ ‬فأفسدوا،‭ ‬والذين‭ ‬علية‭ ‬قادتهم‭ ‬ضمن‭ ‬المعتقلين‭ . ‬لا‭ ‬بل‭ ‬إنّ‭ ‬مِن‭ ‬الممضين‭ ‬على‭ ‬العريضة‭ ‬مَن‭ ‬لم‭ ‬يخفوا‭ ‬يوما‭ ‬مخالفتهم‭ ‬السياسية‭ ‬الصريحة‭ ‬للإخوان‭ ‬منهجا‭ ‬وممارسة‭ ‬وفكرا‭. ‬لكن‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأساتذة‭ ‬إنما‭ ‬قادهم‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬العريضة‭ ‬الإنتصار‭ ‬للقانون‭ ‬ورفضهم‭ ‬أن‭  ‬يطوّعه‭ ‬الحاكم‭ ‬لاستبعاد‭ ‬معارضيه‭ ‬من‭ ‬مشهد‭ ‬معارضته‭. ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬رأس‭ ‬السلطة‭ ‬يعلم‭”‬حقيقة‭ ‬التآمر‭”‬ولا‭ ‬يقدر‭ ‬على‭ ‬إظهار‭ ‬حججها‭ ‬لسبب‭ ‬غير‭ ‬معلوم‭ ‬أو‭ ‬معلوم،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يبرر‭ ‬له،‭ ‬حسب‭ ‬المضمّن‭ ‬في‭ ‬روح‭ ‬العريضة،‭ ‬أن‭ ‬يدوس‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يقتضي‭ ‬القانون‭ ‬من‭ ‬سلامة‭ ‬الإجراءات،‭ ‬ومن‭ ‬اعتماد‭ ‬المؤيدات‭ ‬،‭ ‬ومن‭ ‬إطلاع‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬على‭ ‬ملف‭ ‬ذي‭ ‬صبغة‭ ‬عامة‭. ‬ولعل‭ ‬المعجم‭ ‬السياسي‭ ‬الوارد‭ ‬في‭ ‬العريضة‭ ‬لا‭ ‬يفيد‭ ‬بأن‭ ‬دافعها‭ ‬سياسي‭. ‬لعله‭ ‬يفيد‭ ‬بأن‭ ‬ملف‭ ‬المتهمين‭ ‬سياسي‭ ‬خالص،‭ ‬ويندرج‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬صراع‭ ‬بين‭ ‬حاكم‭ ‬ومعارضين‭ ‬له‭ ‬كان‭ ‬أغلبهم‭ ‬شركاء‭ ‬له،‭ ‬ولعل‭ ‬قاعهم‭ ‬مازال‭ ‬كذلك‭ ‬بطريقة‭ ‬أو‭ ‬بأخرى‭. ‬وأخيرا‭ ‬ألا‭ ‬يضمر‭ ‬أصحاب‭ ‬هذه‭ ‬العريضة‭ ‬أن‭” ‬التآمر‭” ‬المفترض‭ ‬هو‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬سعيد‭ ‬رئيسا‭ ‬وليس‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬الدولة؟‭ ‬لا‭ ‬ندري‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬التحديد‭. ‬لكن‭ ‬الأكيد‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬العريضة‭ ‬هي‭ ‬شهادة‭ ‬شهود‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬زملائه‭.‬

*نشر باسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 13 جوان 2023

‭ ‬


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING