الشارع المغاربي : في إطار الحملة الانتخابية التشريعية و الرئاسية القادمة احتدت التجاذبات بين الأطراف السياسية في السلطة و في المعارضة. ما يمكن اختزاله في هذا الموضوع هو أن رئيس الحكومة رغم ما يوفره له وجوده في السلطة من إمكانيات كبيرة سوف تلعب دورا كبيرا في الحملة الانتخابية القادمة بدون منازع، غير أن نقطة الضعف تبقى على مستوى مردود الحكومة التي يرأسها قرابة الثلاث سنوات على المستوى الاقتصادي و الاجتماعي. حيث شهدت هذه المدة مؤشرات سلبية خاصة على مستوى نسبة التضخم المرتفعة بما فيها “التضخم المستورد” الناتج مباشرة عن تدهور قيمة الدينار و التي أضرت بالقدرة الشرائية للمواطن الذي أصبح يتذمر من غلاء المعيشة. هذا طبعا علاوة على ارتفاع نسبة المديونية نظرا لتداعي الموازنات المالية الخارجية الناتج عن التوريد المفرط و العشوائي الذي استلهم رصيد الدولة من العملة الأجنبية و المتأتي أساسا من الديون الخارجية.
هذا الوضع جعل الحكومة رهينة الأطراف الخارجية الدائنة لتأمين المبالغ المالية بالعملة الأجنبية سواء لسداد أقساط الديون الخارجية التي حل أجالها أو لتأمين سداد كلفة التوريد المكثف و الخطير. هذا الوضع المُختل ساهم في رهن السيادة الوطنية وهي مسألة أساسية و مصيرية تفطن لها العديد من الساسة في العالم.
إن طرح مسألة السيادة الوطنية و استقلال القرار الوطني و حق الشعب التونسي في تقرير مصيره بما فيها حقه في اختيار منوال تنموي يضمن العيش الكريم لأبنائه و حقه في رفض كل اتفاقيات لا تتناسب مع المصالح العليا لشعبه مثل موضوع “الأليكا” يبقى حسب اعتقادنا المدخل الأساسي الذي يختزل كل المواقف للحسم في الانتخابات القادمة ليحدد ملامح المسؤولية الحقيقية لأي سلطة حاكمة في البلاد.
ما قمت به رئيسة كرواتيا في هذا الموضوع يبقى مثالا يُحتذى به. حيث خطبت في شعبها قائلة ” لن نقترض من البنك الدولي ولو متنا جوعا”.!! و أضافت “لن نستدين إلا لغرض المشاريع الربحية التي تدر دخلا لخزينة الدولة”!! . و تأكيدا على هذا التمشي الوطني و الراقي بادرت:
– ببيع الطائرة الرئاسية الخاصة و بيع عدد 35 سيارة فاخرة لنقل الوزراء وأودعت عوائدها لخزانة الدولة و أصبحت تسافر في مهامها الخارجية في رحلات الطائرات العادية.
– كما رفضت بيع و خصخصة المؤسسات العمومية الإستراتيجية
– قامت بخفض راتبها بنسبة 30 بالمائة ليتساوى مع متوسط مرتبات عامة الناس.
– كما حاربت الفساد في كل دوائر الدولة بجدية و بحزم.
هذا التصرف الوطني، المسؤول و الجريء الذي اكتشفه العالم من خلال طريقة مساندتها للفريق القومي الكرواتي في نهائيات بطولة كرة القدم العالمية الأخيرة في روسيا جعل من رئيسة كرواتيا محبوبة الشعب الكرواتي و أيقونة المثال الذي يُحتذى و يُفتخر به في مجال الحوكمة و في مجال التحلي بروح المسؤولية الوطنية في السلطة.
فأين نحن من هذه الأيقونة؟
صدر باسبوعية”الشارع المغاربي” في عددها الأخير .