الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: اكدت مذكرة نشرها يوم أمس الخميس 11 ماي 2023 المرصد الوطني للاقتصاد بعنوان “إصلاح المؤسسات العمومية تحت مظلة صندوق النقد الدولي: دراسة حالة الشركة التونسية للكهرباء والغاز” ان ما يعبر عنه بإصلاح المؤسسات العموميــة يأتي بشكل عام في إطــار مجموعــة مــن الإصلاحات الرئيســية التــي فرضهــا صنــدوق النقــد الدولي عــلى الدولة التونسـية والتـي تتجسـد في اقـران اتّفاقـات القـروض بعـدد مـن الشـروط المتزايدة منـذ اتفـاق الاستعداد الائتماني المبرم عام 2013.

وتمثل الشركة التونسـية للكهربـاء والغـاز إحـدى المؤسسات العموميـة المعنية بـ “الإصلاح” وتخضـع منـذ عـدة سـنوات لتغيـرات كبـيرة تجعلهـا عرضـة لتحديـات خطـيرة اذ يسـتهدف وفق المرصد إصلاح الشركة بشـكل خـاص أسـاليب الحوكمـة الخاصـة بهـا ومهامهـا في إنتـاج الكهربـاء والغـاز ونقلهـا وتوزيعهـا، فضـلا عـن الدعـم الـذي تتلقـاه مـن الدولـة.

ولا يعني الامر، على هذا الصعيد، مجرد إصـلاح هـذه المؤسسة العموميـة عبـر إعـادة هيكلتهـا الداخليـة باعتبارهـا جهـة فاعلـة رئيسـية في قطـاع الطاقـة وانما اشتراط اصلاح القطـاع برمتـه، وذلـك عـبر فتـح أبوابـه للمنافسـة والاستغناء عـن دور الدولـة في هـذا القطـاع الاستراتيجي.

وتمت الإفادة، في سياق ابراز مراحل استعداد الحكومات التونسية المتعاقبة لرفع الدعم عن الكهرباء بإلغاء الدولة الإعانات غير المباشرة من خلال اصلاح نظام شراء الغاز، اذ تم في 4 ديسمبر 2013 اعلان الحكومة التوافق بشكل اولي على تكليف الشركة التونسية للكهرباء والغاز بمسؤولية استيراد احتياجاتها من الغاز دون اللجوء إلى المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية.

وبعد بضعة أشهر، وتحديدا في ماي 2014 وافق مجلس الوزراء على توزيع عمليات شراء النفط الخام والغاز الطبيعي بين الشركات العمومية المعنية بمنظومة دعم الطاقة اعتبارا من غرة جانفي 2015 وعليه، لم تعد الشركة التونسية للكهرباء والغاز مؤهلة للحصول على الدعم غير المباشر المتمثل في تمتعها بأسعار شراء مخفّضة، وأصبحت تتحمل مسؤولية مشترياتها من الغاز الطبيعي.

وهكذا اضطرت الشركة التونسية للكهرباء والغاز لشراء الغاز الجزائري مباشرة دون وساطة من المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية. وتوجب عليها الدفع مقابل هذه المشتريات بالعملة الصعبة – حسب مذكرة المرصد التونسي للاقتصاد – وبالتالي اللجوء الى الاستدانة حيث ابرمت الشركة على سبيل المثال عقدا للحصول على قرض قيمته 458,5 مليون دينار بضمان من الدولة من المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة. وقد كانت عواقب هذا القرار وخيمة على الشركة التونسية للكهرباء والغاز من حيث تدفقاتها النقدية.

وختم المرصد مذكرته بالإشارة الى انه من المؤكد أنّ تدابير تحرير انتاج الكهرباء ترمي الى خلق إطار تنظيمي أكثر جاذبية لمستثمري القطاع الخاص، ولكنها في ذات الوقت تضع حدا للاحتكار الطبيعي للدولة.

ومما لا شك فيه أنّها ستدفع المواطن التونسي الى التساؤل بشأن مستقبل الشركة التونسية للكهرباء والغاز وبشأن آفاق الوصول الى الطاقة بشكل عام، خاصة أن هذه المسألة أصبحت قضية حيوية في الوقت الراهن، الذي يسود فيه غياب الاستقرار على جميع الأصعدة وفي ظل إلغاء الإعانات التي كانت تقدم لدعم مجال الطاقة، على حد تقدير المرصد.