الشارع المغاربي – B13‭ ‬ التونسي‭ ‬واختراق‭ ‬القبّة‭ ‬الحديديّة‭ ‬الإسرائيليّة /بقلم: معز زيّود

B13‭ ‬ التونسي‭ ‬واختراق‭ ‬القبّة‭ ‬الحديديّة‭ ‬الإسرائيليّة /بقلم: معز زيّود

قسم الأخبار

6 يوليو، 2023

الشارع المغاربي: قُبيل‭ ‬مغادرته‭ ‬تونس‭ ‬نهائيّا،‭ ‬أهدى‭ ‬الشاعر‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الراحل‭ ‬محمود‭ ‬درويش‭ ‬التونسيّين‭ ‬هذه‭ ‬الكلمات‭: “‬كيف‭ ‬نشفى‭ ‬من‭ ‬حبّ‭ ‬تونس؟‭! ‬كيف‭ ‬نشفى‭ ‬من‭ ‬حبّ‭ ‬تونس‭ ‬الذي‭ ‬يجري‭ ‬فينا‭ ‬مجرى‭ ‬النفس‭.. ‬لقد‭ ‬رأينا‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬من‭ ‬الألفة‭ ‬والحنان‭ ‬والسند‭ ‬السمح‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬نر‭ ‬في‭ ‬أيّ‭ ‬مكان‭ ‬آخر‭.. ‬لذلك‭ ‬نخرج‭ ‬منها‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬نخرج‭ ‬من‭ ‬أيّ‭ ‬مكان‭ ‬آخر‭”… ‬هذه‭ ‬كلمات‭ ‬خالدة‭ ‬لأعظم‭ ‬شاعر‭ ‬عربي‭ ‬معاصر،‭ ‬فسّر‭ ‬بها‭ ‬لا‭ ‬فقط‭ ‬حبّه‭ ‬لتونس،‭ ‬بل‭ ‬أيضا‭ ‬عشق‭ ‬التونسيّين‭ ‬لفلسطين‭. ‬وهو‭ ‬حبّ‭ ‬سطّره‭ ‬تونسيّون‭ ‬كثر‭ ‬بأشكال‭ ‬عديدة‭. ‬فخلال‭ ‬شهر‭ ‬ماي‭ ‬الماضي‭ ‬رُفع‭ ‬العلم‭ ‬التونسي‭ ‬في‭ ‬كافّة‭ ‬مدارس‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬علم‭ ‬فلسطين‭ ‬تقديرا‭ ‬لتضامن‭ ‬الشعب‭ ‬التونسي‭ ‬مع‭ ‬نظيره‭ ‬الفلسطيني‭. ‬جاء‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬راج‭ ‬خلالها‭ ‬أنّ‭ ‬القرصان‭ ‬المعلوماتي‭ ‬أو‭ “‬الهاكر‭” ‬التونسي‭ ‬الملقّب‭ ‬B13‭ ‬تمكّن‭ ‬من‭ ‬قرصنة‭ ‬عشرات‭ ‬المواقع‭ ‬الإلكترونية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الحيويّة‭ ‬والأمنيّة،‭ ‬واخترق‭ ‬في‭ ‬مقدّمتها‭ ‬النظام‭ ‬الدفاعي‭ ‬الجوّي‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يُسمّى‭ ‬بـ‭”‬القبّة‭ ‬الحديديّة‭” ‬المعتمدة‭ ‬على‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعيّة،‭ ‬رغم‭ ‬ترديد‭ ‬الصهاينة‭ ‬وحلفاؤهم‭ ‬الأمريكان‭ ‬طويلا‭ ‬أنّ‭ ‬تلك‭ ‬المنظومة‭ ‬تحظى‭ ‬بأعلى‭ ‬درجات‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬وأنّها‭ ‬عصيّة‭ ‬عن‭ ‬الاختراق‭.‬

هذه‭ ‬المعطيات‭ ‬لم‭ ‬تنشرها‭ ‬طبعا‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬التقليديّة‭ ‬ولم‭ ‬يتمّ‭ ‬تأكيدها‭ ‬رسميّا،‭ ‬بل‭ ‬راجت‭ ‬بالأساس‭ ‬في‭ ‬الشبكات‭ ‬الاجتماعيّة‭ ‬وخاصّة‭ “‬تيك‭ ‬توك‭” ‬و‭”‬يوتيوب‭”. ‬فقد‭ ‬روّجت‭ ‬تلك‭ ‬الشبكات‭ ‬أنّ‭ ‬B13،‭ ‬وهو‭ ‬شابّ‭ ‬تونسي‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يعرف‭ ‬هويّته،‭ ‬يُعدُّ‭ ‬أوّل‭ “‬هاكر‭” ‬في‭ ‬العالم‭ ‬ينجح‭ ‬في‭ ‬اختراق‭ ‬قمر‭ ‬صناعي‭ ‬عسكري‭ ‬وفكّ‭ ‬شفراته‭ ‬ومدّها‭ ‬للمقاومة‭ ‬الفلسطينيّة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزّة،‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬يُروّج،‭ ‬ممّا‭ ‬أدّى‭ ‬إلى‭ ‬تعطيل‭ ‬نظام‭ ‬الإنذار‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الذي‭ ‬تُتيحه‭ ‬القبّة‭ ‬الحديديّة‭ ‬أمام‭ ‬بعض‭ ‬الصواريخ‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬غزّة‭. ‬والمعلوم‭ ‬أنّ‭ ‬القبّة‭ ‬الحديديّة‭ ‬هي‭ ‬منظومة‭ ‬دفاع‭ ‬جوي‭ ‬بالصواريخ‭ ‬أنجزتها‭ ‬شركة‭ “‬رفائيل‭” ‬الإسرائيليّة‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭. ‬

وقد‭ ‬سبق‭ ‬للمنظومة‭ ‬المعلوماتية‭ ‬لشركة‭ “‬ميتا‭” ‬الباعثة‭ ‬لـ‭”‬فيسبوك‭” ‬و‭”‬انستغرام‭” ‬أن‭ ‬تعرّضت‭ ‬للاختراق،‭ ‬مما‭ ‬تسبّب‭ ‬في‭ ‬تعطيل‭ ‬مختلف‭ ‬تطبيقاتها‭ ‬لعدّة‭ ‬ساعات‭ ‬في‭ ‬كافّة‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭. ‬وراج‭ ‬آنذاك‭ ‬أيضا‭ ‬أنّ‭ ‬ذلك‭ ‬العطل‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬هجمات‭ ‬إلكترونية‭ ‬عاصفة‭ ‬انطلقت‭ ‬تحديدا‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬تونس،‭ ‬وأنّ‭ ‬منفّذ‭ ‬هذا‭ ‬الاختراق‭ ‬هو‭ ‬كذلك‭ “‬الهاكر‭” ‬التونسي‭ ‬B13،‭ ‬باعتبار‭ ‬أنّ‭ ‬شبكة‭ “‬فيسبوك‭” ‬تُعتبر‭ ‬من‭ ‬اعتى‭ ‬آليات‭ ‬الدعاية‭ ‬المتعاونة‭ ‬مع‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭. ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬صحيحا‭ ‬فإنّ‭ ‬لهذا‭ “‬الهاكر‭” ‬كلّ‭ ‬الحقّ‭ ‬في‭ ‬الصمت‭ ‬والاختفاء‭ ‬لأنّ‭ ‬اكتشاف‭ ‬أمره‭ ‬يعني‭ ‬التخلّص‭ ‬منه‭ ‬بأيّة‭ ‬وسيلة‭ ‬كانت،‭ ‬مثل‭ ‬عمليّة‭ ‬اغتيال‭ ‬الموساد‭ ‬للمهندس‭ ‬التونسي‭ ‬محمد‭ ‬الزواري‭ ‬أمام‭ ‬بيته‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬صفاقس‭. ‬وعلى‭ ‬الأرجح‭ ‬أنّ‭ ‬هناك‭ ‬تحقيقات‭ ‬مكثّفة‭ ‬حتّى‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬نفسها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التوصّل‭ ‬إلى‭ ‬مدى‭ ‬حقيقة‭ ‬ما‭ ‬يُروّج‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬في‭ ‬الشبكات‭ ‬الاجتماعيّة‭ ‬بشأن‭ ‬B13‭. ‬

ولا‭ ‬يخفى‭ ‬أنّه‭ ‬سبق‭ ‬لمجموعة‭ “‬هاكرز‭” ‬تونسيّين،‭ ‬تدعى‭ “‬الفلاڤة‭”‬،‭ ‬أن‭ ‬أعلنوا‭ ‬مشاركتهم‭ ‬في‭ ‬هجمات‭ ‬إلكترونيّة‭ ‬ضد‭ ‬مواقع‭ ‬إسرائيلية‭ ‬دقيقة،‭ ‬وذلك‭ ‬ضمن‭ ‬مجموعة‭ “‬الهاكرز‭” ‬العالمية‭ ‬المعروفة‭ ‬باسم‭ “‬أنونيموس‭”.‬

وباعتبار‭ ‬أنّ‭ ‬تونس‭ ‬تزخر‭ ‬بمئات‭ ‬الكفاءات‭ ‬الشبابيّة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تطوير‭ ‬المنظومات‭ ‬المعلوماتيّة‭ ‬الدقيقة،‭ ‬ممّا‭ ‬جعل‭ ‬كبرى‭ ‬الشركات‭ ‬الأوروبيّة‭ ‬والألمانيّة‭ ‬بالخصوص‭ ‬تعوّل‭ ‬على‭ ‬استقطابهم‭ ‬للعمل‭ ‬لديها،‭ ‬فإنّه‭ ‬ليس‭ ‬مستبعدا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ “‬الهاكر‭” ‬B13‭ ‬حقيقة‭ ‬لا‭ ‬مجرّ‭ ‬وهم،‭ ‬لكنّ‭ ‬الإبقاء‭ ‬على‭ ‬صموده‭ ‬أمام‭ ‬تحقيقات‭ ‬عملاء‭ ‬النظام‭ ‬الصهيوني‭ ‬وأذنابه‭ ‬توجب‭ ‬عليه‭ ‬الامتناع‭ ‬عن‭ ‬تسريب‭ ‬معلومات‭ ‬خطيرة‭ ‬قد‭ ‬تُمهّد‭ ‬الطريق‭ ‬إليه‭. ‬فمن‭ ‬المؤكّد‭ ‬أنّ‭ ‬أجهزة‭ ‬مخابرات‭ ‬أعتى‭ ‬الأنظمة‭ ‬الهمجيّة‭ ‬من‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬إلى‭ ‬واشنطن‭ ‬لن‭ ‬تتردّد‭ ‬لحظة‭ ‬واحدة‭ ‬في‭ ‬إجراء‭ ‬سباقات‭ ‬دؤوبة‭ ‬لتحديد‭ ‬هويّة‭ ‬كلّ‭ ‬من‭ ‬يجرؤ‭ ‬على‭ ‬تهديد‭ ‬مصالحها‭. ‬ومن‭ ‬ثمّة‭ ‬تأتي‭ ‬مبرّرات‭ ‬إطلاق‭ ‬كنية‭ “‬الشبح‭ ‬الصامت‭” ‬على‭ “‬الهاكر‭” ‬التونسي‭ ‬B13‭ ‬لتمتزج‭ ‬الحقيقة‭ ‬بما‭ ‬تحتاجه‭ ‬من‭ ‬خيال‭…

*نشر باسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 4 جويلية 2023


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING