الشارع المغاربي مساء الخميس الخامس عشر من نوفمبر 2018 ، انعقد بمدينة صفاقس مجلس من الندائيين مضيق ، أشرف عليه عضو الهيئة السياسية بنداء تونس السيد ناجي جلول . في المفتتح ، وصف السيد جلّول الحال التي عليها نداء تونس وصفا لا أقنعة فيه و لا مساحيق . فقد عرض لطائفة من الأخطاء و التشويهات و العطالات . لكنّه حرص في الآن نفسه على أن يزرع في الحاضرين ، و كانوا في حدود العشرين ناشطا و إطارا ، قدرا من الأمل إذا توفّرت جملة من الأسباب التي رآها ممكنة .
1 –حين انفجر الغضب
لم يفلح خطاب الأمل الذي حرص عليه السيد ناجي جلّول في منع غضب فجّرته تدخّلات الحاضرين ، و التي دارت على محاور هامّة ، ناضجة ، واعية ، صادقة . أثارت التدخّلات فرقة النداء و آنقسامه ، أزمة قيادته ، بؤس هياكله ، تفكّكه التّنظيمي ، تنكّره لمن أخلصوا له ، انفتاحه للانتهازية و الارتزاق ، هجرانه لأهل الفكر و الثقافة ، انحساره عن قاعدته الجماهيريّة ، ضياع هويّته الفكريّة ، انسداد آفاقه ، وقوعه تحت المكابرات ، التّشكيك في جدوى مؤتمره المعلن عنه على مقتضى تركيبة لجنته . و لعلّ السيد مكّي الجزيري هو في هذه النقطة الأخيرة ، أكثر تشاؤما من غيره ، بناء على أمارات بدت مقنعة و صادقة .
2 –حين بكى الرجال و النساء
استهلّت التدخلات سيدة ندائية مخلصة ، قالت في البدء سأكون صريحة صادقة ، أثارت قضايا ممّا سبق ذكره . قالت ذلك بصوت صادق ، متهدّج ، منكسر ، فيه أقصى محمولات المرارة و الألم و الحرقة . أوصلها خطابها إلى المؤسّس السيد الباجي قايد السبسي ، و إلى الأخطاء القياديّة في النداء ، تلك التي شجّعت من صنع لهم منازلهم السياسيّة على محاولات النّيل من رمزيّته .و لئن لم تعفه هو نفسه من الأخطاء ، فإنّها قد وقفت عند هذا الحدّ بكاء متّصلا أشاع فينا إحساسا رثائيّا ، لا بل جنائزيّا . روح البكاء سرت في الآخرين . تحدّث سيّد ندائيّ بحنق و مرارة عمّن يقودون النّداء ، و عرّج على الانتخابات البلديّة و الأخطاء الفادحة التي بها خاضها ، و الحصيلة الهزيلة في صفاقس و تونس . و تعطّلت لديه هو الآخر لغة الكلام ، و قام مقامها البكاء ، و هذا شأن غيره من متدخلين و متدخلات آخرين . فهلّا فهم المتجاهلون ؟
3 –حين انتحبت فاطمة
طلبت النائبة عن النداء السيّدة فاطمة المسدّي دقائق ثلاثا . عرضت في البدء للجوانب البرلمانية في النّداء ، و وصلت ذلك بتراكم العطالات القياديّة . تكلّمت بسلاسة و صدق و تهذيب . غلب على كلامها الصادق المبسّط التّلميح و الحرص على ضوابط الاحترام . ثمّ عرّجت على مسألة ” التنظيم السرّي ” الذي سبق لها الخوض فيه إعلاميّا . تحدّثت السيّدة فاطمة عن عزلتها في هذا الشأن ، و عن التّغلغل النهضاوي في أجهزة الدّولة ، ممّا ترتّب عليه عسر في إظهار الحقائق . كما أثارت قضيّة معلومة تخصّها ، و هي المتابعات مجهولة المصدر التي صارت تلاحظها ، و التّهديدات التي تلاحقها . لم تذكر النّدائيّة المحترمة ذلك خوفا ، و إنّما ألما من تجاهل حزبها لمحنتها ، و لعدوله عن مساندتها ، و لتركه إيّاها لمصيرها . عند هذا الحدّ ، انخرطت لا في بكاء و إنّما في نحيب مسترسل أبكى بعضنا . ألهذا هان النّدائيّون ؟ في هذا الشأن ، أجدّد شخصيّا تضامني مع النّائبة المحترمة فاطمة المسدّي ، و أدعو كلّ ذي ضمير إلى النسج على ذلك . إنّي أهيب بالإعلام و الأحزاب و المنظّمات إلى القيام بحزام إعلاميّ و سياسيّ يحمي هذه النّائبة ، و يزيدها دفعا إلى القيام بما تؤمن به . ثمّ إنّ كلّ ذلك لا يعفي السّلطة الرّسميّة من القيام بما يجب القيام به .قهي المسؤول الأوّل في هذا المضمار . سلمت سيدة فاطمة و لا أصابك مكروه ، و إلى الأمام ، و إن ” ترهدنالمترهدنون ” .