الشارع المغاربي – حذار‭ .. ‬مِن‭ ‬جوعهم‭ ‬ومن‭ ‬يأسهم ! ‬/بقلم: صالح مصباح

حذار‭ .. ‬مِن‭ ‬جوعهم‭ ‬ومن‭ ‬يأسهم ! ‬/بقلم: صالح مصباح

قسم الأخبار

30 أغسطس، 2023

الشارع المغاربي: منذ‭ ‬بضعة‭ ‬أشهر،‭ ‬أعرض‭ ‬تسعة‭ ‬أعشار‭ ‬التونسيين‭ ‬عن‭ ‬صناديق‭” ‬انتخابات‭ ‬تشريعية‭” ‬لا‭ ‬نظير‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬التقاليد‭ ‬السياسية‭ ‬المعلومة‭. ‬وقبل‭ ‬هذا‭ ‬الإعراض‭ ‬الشعبي‭ ‬إعراضٌ‭ ‬بالجملة‭ ‬عن‭ ‬لعبة‭ ‬استفتاء‭ ‬عجيب‭. ‬وبعده‭ ‬أحوال‭ ‬منه‭ ‬بالتفصيل‭. ‬وإنّ‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المظاهر‭ ‬مِن‭ ‬الإعراض‭ ‬الجماعي‭ ‬عمّا‭ ‬تدعو‭ ‬إليه‭ ‬السلطةُ‭ ‬رسالةً‭ ‬أكيدة‭ ‬الوصول‭ ‬بعثها‭ ‬التونسيون‭ ‬إلى‭ ‬القابض‭ ‬على‭ ‬الحكم‭. ‬وفحوى‭ ‬هذه‭ ‬الرسالة‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬شؤون‭ ‬السلطة‭ ‬التي‭ ‬يرأس‭ ‬إنما‭ ‬هي‭ ‬منفصلة‭ ‬عن‭ ‬شؤون‭ ‬الشعب،‭ ‬وأنّ‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬الشؤون‭ ‬وتلك‭ ‬فجوةً‭ ‬وانفصالا‭ ‬فادِحَين‭. ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬السلطة‭ ‬قد‭ ‬انخرطت‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬شؤونها‭ ‬الخاصة‭ ‬المتصلة‭ ‬بالحكم‭ ‬وبِمَطايا‭ ‬استمراره‭. ‬لكنّ‭ ‬الشعب‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يقف‭ ‬على‭ ‬شؤونه‭ ‬في‭ ‬هواجس‭ ‬السلطة‭ ‬قد‭ ‬انكفأ‭ ‬أغلبُه‭ ‬على‭ ‬ضنك‭ ‬عيشه،‭ ‬في‭ ‬عزلة‭ ‬عن‭ ‬رأس‭ ‬السلطة‭ ‬الذي‭ ‬استصفى‭ ‬نفسه‭ ‬بنفسه‭ ‬ترجمانا‭ ‬أحاديا‭ ‬لأشواق‭ ‬شعب‭ ‬اختارها‭ ‬له‭ ‬اختيارا‭ ‬فرديا‭ ‬ولم‭ ‬يخترها‭ ‬ذلك‭ ‬الشعب،‭ ‬لأنها‭ ‬ليست‭ ‬بأشواقة‭. ‬وإنّ‭ ‬الحصيلة‭ ‬الراهنة‭ ‬هي‭ ‬حاكم‭ ‬في‭ “‬جزيرة‭ ‬مسار‭”  ‬معزولة‭ ‬عن‭ ‬أغلب‭ ‬شعب‭ ‬هائم‭ ‬في‭ ‬وادٍ‭ ‬من‭ ‬العيش‭ ‬غير‭ ‬ذي‭ ‬زرع‭ ‬ولا‭ ‬خبز‭ ‬ولا‭ ‬أمن‭. ‬

1/‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬الشعب‭ ‬والسلطة‭:‬

ليس‭ ‬أخطر‭ ‬على‭ ‬العقد‭ ‬المجتمعي‭ ‬الجامع‭ ‬من‭ ‬اتساع‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬الشعب‭ ‬والسلطة‭ ‬الحاكمة،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬السلطة‭ ‬متهاويةَ‭ ‬المؤسّسيةِ‭ ‬فرديةً‭. ‬وتتأكد‭ ‬هذه‭ ‬الفجوة‭ ‬حين‭ ‬تدور‭ ‬دواليب‭ ‬السلطة‭ ‬على‭ ‬ذاتها،‭ ‬وعلى‭ ‬هواجس‭ ‬حاكمها‭ ‬وصراعاته‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬دوامها‭ ‬ودوامه،‭ ‬في‭ ‬معزل‭ ‬عن‭ ‬أفاق‭ ‬الإنتظار‭ ‬الشعبي،‭ ‬وعن‭ ‬سُلّم‭ ‬مطامح‭ ‬الكافة‭ ‬أو‭ ‬الأغلبية،‭ ‬وعن‭ ‬أسباب‭ ‬التّيسير‭ ‬لمعاشهم‭.‬

وتتأكد‭ ‬هذه‭ ‬الفجوة‭ ‬حين‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬لصوت‭ ‬الشعب‭ ‬البائس‭ ‬صدى‭ ‬صادقا‭ ‬فعليا‭ ‬لدى‭ ‬السلطة،‭ ‬وحين‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬لصوت‭ ‬السلطة‭ ‬صدى‭ ‬لدى‭ ‬الشعب‭ ‬بعد‭ ‬خيبات‭ ‬متتاليات‭ ‬من‭ ‬الأقوال‭ ‬الرسمية‭ ‬الواعدة‭ ‬طورا،‭ ‬والمتوعّدة‭ ‬طورا‭ ‬آخر‭ ‬بالويل‭ ‬والثبور‭ ‬لِمَن‭ ‬يقال‭ ‬على‭ ‬الشياع‭ ‬إنهم‭ ‬أهلكوا‭ ‬زرعَ‭ ‬الشعب‭ ‬وضَرعه،‭ ‬فلا‭ ‬الزرعُ‭ ‬قد‭ ‬نَبَتَ‭ ‬ولا‭ ‬الضّرعُ‭ ‬قَد‭ ‬دَرَّ،‭ ‬رغم‭ ‬سياسة‭ ‬الطاعة‭ ‬مقابل‭ ‬الغذاء،‭ ‬ورغم‭ ‬استزادة‭ ‬البقرات‭ ‬الرّبّانية‭.‬

وتتأكد‭ ‬تلك‭ ‬الفجوة‭ ‬حين‭ ‬ينقطع‭ ‬بين‭ ‬الشعب‭ ‬والحاكم‭ ‬عقد‭ ‬الثقة‭. ‬فَمِن‭ ‬بُنود‭ ‬هذا‭ ‬العقد‭ ‬أن‭ ‬يرى‭ ‬الشعب‭ ‬في‭ ‬الأقوال‭ ‬التي‭ ‬تَعِده‭ ‬بها‭ ‬السلطةُ‭ ‬التزاما‭ ‬بالأفعال‭ ‬الجالبة‭ ‬لمنافعه،‭ ‬وأن‭ ‬يرى‭ ‬هواجسَه‭ ‬عالقةً‭ ‬في‭ ‬هواجسها‭ ‬إنْ‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هي‭ ‬هي‭.‬

وبخلاف‭ ‬ذلك،‭ ‬يُنبئ‭ ‬التاريخ‭ ‬القريب‭ ‬والبعيد‭ ‬عن‭ ‬مخاطر‭ ‬عالية‭ ‬السقف‭ ‬تهدد‭ ‬عامة‭ ‬العقد‭ ‬المجتمعي‭.‬فقد‭ ‬ينفرط‭ ‬هذا‭ ‬العقد،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬هشا،‭ ‬إما‭ ‬بين‭ ‬التشكيلات‭ ‬المجتمعية‭ ‬التي‭ ‬تؤلّف‭ ‬الشعب،‭ ‬وإما‭ ‬بين‭ ‬الشعب‭ ‬والسلطة‭ ‬،‭ ‬فضلا‭ ‬على‭ ‬احتمال‭ ‬الأمرين‭ ‬معا‭. ‬فقد‭ ‬يرتد‭ ‬بعض‭ ‬الشعب‭ ‬على‭ ‬بعضه‭ ‬الآخر،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬إذا‭ ‬تراخى‭ ‬الحرص‭ ‬الأمني‭ ‬مثلما‭ ‬نرى‭ ‬اليوم،‭ ‬وإذا‭ ‬اتّسعت‭ ‬الهوةُ‭ ‬الإجتماعية‭ ‬بين‭ ‬طبقاته،‭ ‬وإذا‭ ‬اضمحلت‭ ‬الطبقة‭ ‬الوسطى‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬دونها‭ ‬لا‭ ‬يستوي‭ ‬أي‭ ‬مقدار‭ ‬من‭ ‬التوازن‭.‬

و‭ ‬قد‭ ‬يرتد‭ ‬الشعب،‭ ‬بعد‭ ‬طول‭ ‬صبر‭ ‬وصمت،‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬ارتدادا‭ ‬صاخبا‭ ‬ساخطا‭ ‬عنيفا‭. ‬فكلما‭ ‬أدار‭ ‬الشعبُ‭ ‬ظهرَه‭ ‬عن‭ ‬السلطة،‭ ‬يائسا‭ ‬منها،‭ ‬عاد‭ ‬إيها‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬مّا،‭ ‬ودون‭ ‬سابق‭ ‬إنذار‭ ‬أحيانا،‭ ‬عودا‭ ‬عنيفا‭ ‬قد‭ ‬يأتي‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬وعلى‭ ‬عقد‭ ‬الدولة‭ ‬ذاته‭.‬

2/‬التونسيون‭ ‬وحاكمهم‭:‬

بين‭ ‬التونسيين‭ ‬وحاكمهم‭ ‬الأوحد‭ ‬فجوة‭ ‬آخذة‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬الإتساع‭ ‬المنذر‭ ‬بوخيم‭ ‬العواقب‭. ‬فهاجس‭ ‬السلطة‭ ‬الظاهر‭ ‬هو‭ ‬إدارة‭ ‬شؤونها‭ ‬الحُكمية‭ ‬والإنتخابية‭ ‬المبكرة،‭ ‬ومشاريعها‭ “‬القاعدية‭ ‬والمجالسية‭ ‬والمجلسية‭”‬،‭ ‬واختراع‭ ‬ألوان‭ ‬من‭ ‬التلهية‭ ‬بتعليق‭ ‬الإخفاق‭ ‬على‭ ‬شماعة‭” ‬الأباطرة‭ ‬والمتآمرين‭” ‬على‭ ‬مصالح‭ ‬الشعب‭ “‬،‭ ‬والذين‭ “‬تعرفهم‭” ‬السلطة‭ ‬ولا‭ ‬تعرف‭ ‬كيف‭ ‬تكفّ‭ ‬أذاهم‭ ‬،‭ ‬أو‭ ‬تقوم‭ ‬إزاءهم‭ ‬بعمليات‭ ‬استعراض‭ ‬للقوة‭ ‬عارضة،‭ ‬وقتية‭. ‬

وفي‭ ‬الواقع‭ ‬اليومي‭ ‬اليوم‭ ‬أسعار‭ ‬لاهبة‭ ‬لم‭ ‬تنطفئ‭ ‬بالإعلان‭ ‬عن‭ ‬سقف‭ ‬أسعار‭ ‬أو‭ ‬سقف‭ ‬ربح‭ ‬إعلانا‭ ‬تَذرُوه‭ ‬الرياح‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الموالي‭. ‬فأين‭ ‬دنانير‭ ‬الموز‭ ‬الخمسة‭ ‬المعلنة‭ ‬رسميا‭ ‬مِن‭ ‬السبعة‭ ‬عشر‭ ‬دينارا‭ ‬المكرسة‭ ‬فعليا‭!. ‬وأين‭ ‬المراجعة‭ ‬المعلنة‭ ‬لنظام‭ ‬المخابز‭ ‬وأحجام‭ ‬الخبز‭ ‬وأنواعه‭ ‬مِن‭ ‬مشاهد‭ ‬الطوابير‭ ‬اليومية‭ ‬إلى‭ ‬حدّ‭ ‬أن‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الخبز‭ ‬اليومي‭ ‬صار‭ ‬هاجسا‭ ‬لدى‭ ‬المواطن‭ ‬كامل‭ ‬أيام‭ ‬الأسبوع‭ ‬،‭ ‬وصار‭ ‬يبكّر‭ ‬إلى‭ ‬الاصطفاف‭ ‬في‭ ‬سبيله‭ ‬تبكيرا‭ ‬يبعث‭ ‬على‭ ‬الحنق‭! ‬وكيف‭ ‬سيكون‭ ‬الأمر‭ ‬حين‭ ‬تفتح‭ ‬المدارس‭ ‬أبوابها‭ ‬وحين‭ ‬ينضاف‭ ‬هاجس‭ ‬الخبز‭ ‬إلى‭ ‬هواجس‭ ‬اللوازم‭ ‬المدرسية‭ ‬التي‭ ‬تنذر‭ ‬أسعارها‭ ‬باللّسع‭ ! ‬وكيف‭ ‬نفهم‭ ‬إغارة‭ ‬مواطنين‭ ‬منذ‭ ‬أيام‭ ‬على‭ ‬شاحنة‭ ‬دقيق‭ ‬في‭ ‬الحمامات‭ ‬غير‭ ‬المحسوبة‭ ‬على‭ ‬أحزمة‭ ‬الفقر‭ ‬والخصاصة‭! ‬هل‭ ‬صار‭ ‬الدقيق‭ ‬حريا‭ ‬بذنب‭ ‬الإغارة‭ ‬عليه؟‭! ‬هل‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬التي‭ ‬نعرف‭!‬؟

إن‭ ‬إدارة‭ ‬السلطة‭ ‬الفردية‭ ‬ل‭ ‬للشأن‭ ‬العام‭ ‬هي‭ ‬اليوم‭ ‬إدارة‭ ‬إدارة‭ ‬له‭ ‬على‭ ‬مقاس‭ ‬إدارتها‭ ‬لشؤونها‭. ‬وبقدر‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يصعب‭ ‬استبعاد‭ ‬التعمّد‭ ‬المسكون‭ ‬بالحُكم،‭ ‬يتأكد‭ ‬الإفتقار‭ ‬إلى‭ ‬الكفاءة‭ ‬لدى‭ ‬المؤمّنين‭ ‬على‭ ‬الشأن‭ ‬العام‭.‬

وفي‭ ‬كل‭ ‬الأحوال،‭ ‬لا‭ ‬يقاس‭ ‬تصريف‭ ‬الشأن‭ ‬العام‭ ‬بالنوايا‭ ‬الحسنة‭ ‬أو‭ ‬السيئة،‭ ‬وإنما‭ ‬يقاس‭ ‬بالنتائج‭. ‬وإن‭ ‬النتيجة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬ينكرها‭ ‬اليوم‭ ‬الملاحظ‭ ‬غير‭ ‬المنحاز‭ ‬هي‭ ‬قصور‭ ‬رسمي‭ ‬مركّب‭ ‬عن‭ ‬واجب‭ ‬جلب‭ ‬المنافع‭ ‬الضرورية‭ ‬للمواطنين‭. ‬وهي‭ ‬خاصة‭ ‬هروب‭ ‬رسمي‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭  ‬بالتّنصّل‭ ‬من‭ ‬الإفصاح‭ ‬عن‭ ‬مكمن‭ ‬القصور،‭ ‬بمكاشفة‭ ‬المواطنين‭ ‬بحقائق‭ ‬أوجاعهم‭ ‬وأوجاع‭ ‬البلاد‭.‬

ولعل‭ ‬هذه‭ ‬المكاشفة‭ ‬كفيلة‭ ‬بالحد‭ ‬من‭ ‬الفجوة‭ ‬التي‭ ‬بين‭ ‬المواطن‭ ‬والسلطة،‭ ‬لأن‭ ‬الوضع‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬خطاب‭ ‬رسمي‭ ‬لا‭ ‬ينصت‭ ‬إليه‭ ‬المواطنُ،‭ ‬ووجع‭ ‬مواطنيّ‭ ‬لا‭ ‬تنصت‭ ‬إليه‭ ‬السلطة‭ ‬إنصاتا‭ ‬يتلوه‭ ‬فعل‭. ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬أغلب‭ ‬المواطنين‭ ‬اليوم‭ ‬لا‭ ‬يسكن‭ ‬خاطرَهم‭ ‬الجمعيَّ‭ ‬ما‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬رأس‭ ‬السلطة‭ ‬وهو‭ ‬يختطّ‭ “‬مساره‭ ‬القاعدي‭”‬أو‭ ‬يعاود‭ ‬صياغة‭ ‬عقد‭ ‬الدولة‭ ‬السياسي‭. ‬ولئن‭ ‬حرص‭ ‬رأس‭ ‬السلطة،‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يبدو،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يصرف‭ ‬المواطنين‭ ‬عن‭ ‬الشأن‭ ‬السياسي،‭ ‬ولئن‭ ‬عمّقت‭ ‬مصاعب‭ ‬العيش‭ ‬الراهن‭ ‬ذاك‭ ‬الإنصراف،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬ليس‭ ‬بنجاح‭ ‬للسلطة‭ ‬وإن‭ ‬مِن‭ ‬منظور‭ ‬نفعيّ‭ ‬لها‭ ‬حَسٍير،‭ ‬فكيف‭ ‬بالمنظور‭ ‬الوطني‭ ‬العام‭ . ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬المواطن‭ ‬اليائس‭ ‬،‭ ‬الخامل‭ ‬سياسيا،‭ ‬المنطوي‭ ‬على‭ ‬أوجاعه‭ ‬اليومية‭  ‬إنما‭ ‬هو‭ ‬مواطن‭ ‬سلبي‭. ‬والأفدح‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬مواطن‭ ‬صَمُوت‭ ‬صمتا‭ ‬نذيرا‭ ‬بالإنقداح‭ ‬النّاري،‭ ‬أو‭ ‬صمتَ‭ ‬مقدمة‭ ‬لشعب‭ ‬الرعية‭ ‬الذي‭ ‬ينزل‭ ‬بكيانه‭ ‬الفردي‭ ‬والجماعي‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬دون‭ ‬المواطنة‭. ‬فهل‭ ‬مِن‭ ‬عقد‭ ‬دولة‭ ‬حديثة‭ ‬تسوس‭ ‬مَن‭ ‬هُم‭ ‬دون‭ ‬منزلة‭ ‬المواطنة‭! ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬غاية‭ ‬رأس‭ ‬السلطة،‭ ‬فلعل‭ ‬الأولى‭ ‬به‭ ‬أن‭ ‬يفهم‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المقصد‭ ‬ليس‭ ‬بمتاح‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬أنشأ‭ ‬أسسَ‭ ‬دولتها‭ ‬وثوابتها‭ ‬مؤسسون‭ ‬قادهم‭ ‬الزعيم‭ ‬بورقيبة‭.‬

*نشر باسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 29 اوت 2023


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING